شهدت دمشق فى الأيام الأخيرة مظاهرات خرجت بهتافات عدائية ضد مصر، فى مشهد يكشف حجم الاختراقات التى تعانيها الساحة السورية، وحجم التحريض الذى تتعرض له الجماهير من قبل أطراف مرتبطة بأجندات خارجية مشبوهة، تلك التحركات والتى لا يمكن وصفها إلا بأنها مسرحية رخيصة تستهدف تشويه صورة مصر والتقليل مما قامت به وتقوم دائماً فى الدفاع عن الأمن القومى العربى بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص ومنع مخطط التهجير.
المؤسف فى الأمر أن المظاهرات حملت شعارات عدائية لمصر، الدولة التى لم تتخل يوما عن أشقائها السوريين، والتى احتضنت على مدار أكثر من أربعة عشر عاماً ملايين اللاجئين السوريين، ووفرت لهم حياة كريمة دون تفرقة بينهم وبين المواطنين المصريين.. متمتعين بحقوق التعليم والعلاج والعمل، وهو ما لم تقدمه أى دولة أخرى لهم، ومع ذلك تخرج فئة مغرضة لترد الجميل بالإساءة، متجاهلة الحقائق التاريخية والدور المصرى الداعم لسوريا أرضا وشعبا.
كان الأولى بهؤلاء المتظاهرين أن يوجهوا أصواتهم ضد الاحتلال الإسرائيلى الذى لا يزال يسيطر على مساحات واسعة من الأراضى السورية، وعلى رأسها الجولان وجبل الشيخ والقنيطرة وغيرها، كان الأجدر بهم أن يرفعوا لافتاتهم ضد المؤامرات التى استهدفت الجيش السورى ودمرت قدراته الدفاعية، وهو ما يعكس تناقضاً صارخاً مع ما يفترض أن يكون أولويات الدولة السورية، فبدلاً من أن يوجه النظام طاقات مواطنيه نحو مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، واستعادة الأراضى التى ضاعت ومقدرات الجيش التى تم دهسها بطائرات الكيان، لكن من الواضح أن بعض القوى الدولية والإقليمية أرادت تحويل بوصلة الغضب بعيداً عن قضايا سوريا، لتصب فى خانة استهداف مصر وقيادتها.
مصر التى احتملت أعباء ضخمة نتيجة استضافة ملايين السوريين، لا تستحق هذا الجحود من هؤلاء السوريين الإخوان أو الذين انساقوا وراء التحريض، وكان الأحرى بالشعب السورى هو التظاهر من أجل استعادة وطنه وحماية أرضه من الاحتلال، والدفاع عن شرفه أمام المؤامرات الصهيونية، لا الانشغال بتوجيه سهام الاتهام إلى دولة شقيقة تمد يدها دوما بالعون.
الرئيس عبدالفتاح السيسى كان واضحاً فى أكثر من مناسبة: الجيش المصرى جيش وطني، دوره حماية أرض مصر والدفاع عن شعبها ومقدراتها، لكنه أيضا ظل داعما للقضايا العربية العادلة وعلى رأسها فلسطين، هذا الموقف أزعج كثيراً من القوى المتآمرة، فاختارت تحريك أوراقها داخل دمشق لتشويه صورة مصر، والمثير للسخرية أن بعض السوريين يرددون شعارات تحريضية ضد القاهرة، بينما يقفون صامتين أمام الاحتلال الإسرائيلى الذى يستبيح أرضهم.