تصل إلينا رسائل من قلب الريف على صفحة «الجمهورية معاك»، تحمل بين سطورها شكوى متكررة من مختلف المحافظات قبلى وبحرى ومعناها نحلم برصف الطرق التى تربط القرى ببعضها، فاليوم يبدأ برحلة طويلة من العناء على طرق غير ممهدة، تتخللها الحفر والمطبات، وتزداد المشقة مع سقوط الأمطار.
فى كل صباح، يسير المزارع حاملاً أدواته ليبدأ عمله، وتلحق به الأمهات وأطفالهن متوجهين إلى مدارس تقع فى قرى مجاورة، بينما يقضى الطلاب الجامعيون وقتاً طويلاً حتى يصلوا إلى محاضراتهم، أما الموظفون والعمال، فتسبقهم معاناة الطريق إلى أماكن عملهم قبل بداية يوم جديد.
من بين الرسائل التى وصلت إلينا، كتب طالب جامعى من محافظة المنوفية، أتأخر يومياً عن محاضراتي، لأن الطريق مليء بالمطبات، وعندما كانت تهطل الأمطار العام الماضى يتحول إلى برك طينية تجعلنا نتعثر ساعات طويلة.. وقالت أم من أسيوط: أخرج مع ابنى الصغير إلى المدرسة، فنضطر أن نسير من أطراف الحقول، لأن الطريق الرئيسى لا يصلح للسير، فما بالك بالشتاء؟
لا أحد ينكر أن السنوات الأخيرة شهدت الدولة نهضة حقيقية فى مشروعات الطرق والكبارى على مستوى الجمهورية، ووضعت معايير جديدة للأمان المرورى حفاظاً على أرواح الجميع، انعكست آثارها على حركة النقل والتنمية والاستثمار، غير أن الأمل الذى يردده الأهالى أن تمتد هذه الطفرة إلى الطرق الداخلية الصغيرة التى تربط القرى ببعضها، فهى شرايين حياة بالنسبة لهم.
الجميع يشترك فى حلم واحد، وهو طريق آمن يختصر مشقة الحياة اليومية، فالطريق الممهد بين قريتين يختصر وقت الطالب، ويخفف عبء المزارع، ويحفظ جهد العامل، ويفتح أبواب التجارة والتنقل بسهولة.
من هنا نتوجه بدعوة واضحة إلى كل محافظ على مستوى الجمهورية، ضعوا ملف رصف الطرق بين القرى فى مقدمة الأولويات قبل بداية موسم الشتاء.. ولتكن هناك تعليمات دقيقة لرؤساء المدن بمتابعة هذه الطرق بشكل دوري، والتدخل السريع لرصفها أو إصلاحها، فالطريق إن كان ميسراً كانت الحياة أسهل، ويعنى وقتاً محفوظاً، جهداً أقل، وأماناً أكبر، وكل طريق مهمل يعنى معاناة يومية تتكرر.
إيمان الأهالى بأن صوتهم سيصل، وأن الدولة لن تتأخر عنهم، فاجعلوا رصف الطرق بين القرى أولوية عاجلة، الريف، يسير أبناء مصر من قلب الريف حاملين أحلامهم، منتظرين طريقاً يليق بعرقهم وصبرهم وأملهم فى غدٍ أفضل.