اجتمع قادة ورؤساء حكومات الدول الأوروبية، أمس مع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى فى العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، حيث شددوا على أهمية مواصلة الدعم السياسى والعسكرى والاقتصادى لأوكرانيا، مؤكدين التزامهم بتأمين مساعدات طويلة الأمد لمواجهة العدوان الروسي.
أكد الزعماء الأوروبيون أن دعم أوكرانيا هو دفاع عن أمن واستقرار القارة، وسط دعوات لتشديد العقوبات على موسكو وتعزيز القدرات الدفاعية لكييف، فى ظل المخاوف المتزايدة من توسع رقعة النزاع وتداعياته على أوروبا.
وطالب الرئيس الأوكرانى بضرورة تعزيز الضمانات الأمنية فى القارة، مشيرًا إلى الهجمات الروسية المتكررة على البنية التحتية فى دول الجوار، ودعا إلى فرض عقوبات صارمة على شركات النفط الروسية واستهداف السفن والشركات المرتبطة بالكرملين لتضييق الخناق الاقتصادى على موسكو.
وحذر زيلينسكى من قدرة روسيا على انتهاك المجال الجوى فى أى مكان فى أوروبا، مؤكدًا أهمية تكثيف الدفاعات الجوية وتعزيز قوات الاستجابة السريعة لمواجهة الطائرات المسيّرة الروسية. وأضاف: «فى أوروبا الغربية والجنوبية، نحتاج إلى قوات رد سريع تعرف كيفية التعامل مع المسيّرات».
من جانبه، شدد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على أن شركات النفط الروسية تمثل مصدر تمويل رئيسيًا للحرب، حيث تأتى نحو 40 ٪ من الموارد المالية الروسية من هذه الشركات، داعيًا إلى تشديد العقوبات وتتبع أصحابها واعتقالهم. وأكد ماكرون أهمية استمرار الدعم العسكرى والاقتصادى لأوكرانيا على المدى الطويل، مشيرًا إلى محاولات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للتفاوض مع بوتين، لكنها لم تُسفر عن نتائج واضحة، لذلك أولويتنا القصوى تقديم دعم مستمر لأوكرانيا.
وفى تصريحاته، أكد رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر ضرورة مواصلة الضغط الاقتصادى على روسيا، مشيرًا إلى إرسال المملكة المتحدة آليات دفاعية متقدمة إلى بولندا لتعزيز قدراتها الجوية، ودعا إلى فرض عقوبات جديدة على شركات النفط الروسية لتجفيف مصادر تمويل الحرب. وأكد أن الدعم العسكرى لأوكرانيا سيستمر حتى بعد أى وقف لإطلاق النار، مع ضمانات أمنية طويلة المدي.
من جهتها، شددت رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن على أن طموحات بوتين التوسعية لم تتراجع، محذرة من أن السلام فى أوكرانيا لن يتحقق إلا عبر القوة والردع العسكرى الفعال.
وأضافت أن دعم أوكرانيا ضرورة استراتيجية لحماية أوروبا، معتبرة أن روسيا تشن حربًا هجينة تشمل الهجمات العسكرية، التدخل فى شئون الدول، والحرب السيبرانية، مشددة على أهمية بناء جيش أوكرانى قوى وقدرات دفاعية متقدمة.
كما أكد رئيس المجلس الأوروبى أنطونيو كوستا على الإرادة السياسية الموحدة للاتحاد الأوروبى لإنهاء الحرب فى أوكرانيا، مؤكدًا استمرار الدعم السياسى والاقتصادى والعسكرى حتى تحقيق السلام العادل، وحذر من أن انتصار روسيا سيكون تهديدًا عالميًا.
وأضاف كوستا أن أوروبا تحشد كل مواردها لتحقيق السلام واحترام حقوق الشعب الأوكرانى فى تقرير مصيره، مع التركيز على تعزيز الأمن الاقتصادى وحماية سلاسل الإمداد الحيوية، وأشاد بالانتخابات الأخيرة فى مولدوفا باعتبارها نجاحًا للديمقراطية الأوروبية.
على صعيد آخر، احتجز عسكريون فرنسيون ناقلة نفط مدرجة ضمن قائمة سفن «أسطول الظل» الروسي، والتى يُشتبه فى أنها كانت منصة إطلاق مسيّرات غامضة أدت إلى إغلاق المطارات فى الدنمارك الأسبوع الماضي.
وقال المدعى العام فى مدينة بريست، ستيفان كيلينبرجر، إنه تم احتجاز اثنين من أفراد الطاقم، اللذين قدما نفسيهما على أنهما القبطان ومساعده الأول، وفق ما نقلت وكالة «فرانس برس».وأوضح كيلينبرجر أن التحقيق يجرى بعد «فشل الطاقم فى تبرير جنسية السفينة» و»رفضهم التعاون».
وكانت صحيفة «ذا جارديان» البريطانية قد أشارت إلى صعود أفراد البحرية الفرنسية على سطح الناقلة المعروفة باسم «بوراكاي»، والتى استخدمت هويات عديدة وكانت واحدة من أربع سفن يُزعم ارتباطها بروسيا فى البحار بالقرب من الدنمارك وقت مشاهدة المسيّرات يومى 22 و24 سبتمبر، والتى لم يتم تفسيرها بالكامل حتى الآن.
وكانت الناقلة تبحر من محطة النفط الروسية فى «بريمورسك» بالقرب من سان بطرسبرج، وعلى متنها 750 ألف برميل من النفط الخام، إلى «فادينار» فى الهند، ولكن اعترضتها سفينة تابعة للبحرية الفرنسية يوم الأحد، وحُوِّل مسارها نحو «سان نازير» فى غرب فرنسا بينما تستمر التحقيقات.
ويُستخدم مصطلح «أسطول الظل» للسفن التى يصعب تعقب ملكيتها أو التى يتم تحديدها بشكل خادع، ويُزعم أن روسيا ودولاً أخرى تستخدمها لتجارة النفط والسلع الأخرى سراً فى كثير من الأحيان لتجنب العقوبات الاقتصادية.
من ناحية أخري، اتهم الكرملين، أمس، الولايات المتحدة وحلف الناتو بتقديم دعم استخباراتى منتظم لأوكرانيا، على خلفية تقارير صحفية تفيد بأن واشنطن تدرس تزويد كييف بمعلومات حول أهداف استراتيجية فى عمق روسيا، تحديدًا فى قطاع الطاقة.
قال المتحدث باسم الكرملين، دميترى بيسكوف، إن «الولايات المتحدة تنقل المعلومات الاستخباراتية إلى أوكرانيا بشكل منتظم عبر الإنترنت»، مشددًا على أن البنية التحتية الاستخباراتية الكاملة للناتو والولايات المتحدة مسخرة لخدمة كييف.
جاء ذلك بعد ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال و«رويترز» بشأن خطط أمريكية محتملة لتقديم معلومات استخباراتية حول أهداف طاقة بعيدة المدى داخل روسيا، وسط نقاشات فى واشنطن حول إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى قد تُستخدم فى ضربات ضد تلك المنشآت.








