شارك الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، اليوم الخميس، في جلسة حوارية نظمها المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI) بالعاصمة باريس، بحضور السفير علاء يوسف، سفير مصر في فرنسا. تناولت الجلسة المستجدات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الاستقرار العالمي، واستعرض خلالها الوزير الرؤية المصرية ومحددات الموقف تجاه التطورات المتسارعة في المنطقة.
قدم الوزير عبدالعاطي رؤية استراتيجية شاملة تناولت موقف مصر من التفاعلات والمتغيرات الجيوسياسية، مؤكداً على الأهمية المركزية للقضية الفلسطينية. شدد على الثوابت المصرية في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبارها الأساس الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
غزة والمساعدات والتهجير
أكد الوزير عبدالعاطي على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ورفض أي محاولات لضم الضفة الغربية أو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
واستعرض الجهود الحثيثة التي قامت بها مصر لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والطبية للقطاع في ظل الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي وصلت إلى حد المجاعة. كما رحبت مصر بمساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب (تم الإبقاء على اسم الرئيس كما ورد في النص الأصلي).
وجدد التأكيد على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسئولياته الأخلاقية للضغط على إسرائيل (تل أبيب) لضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
كما أطلع الوزير الحضور على مخرجات القمة العربية التي عُقدت بالقاهرة في مارس الماضي، ومن ضمنها تشكيل لجنة إدارية فلسطينية غير فصائلية لإدارة قطاع غزة مؤقتاً لحين عودة السلطة الفلسطينية. وأشار إلى حرص مصر على تدريب عناصر من القوات الأمنية الفلسطينية لتمكينها من بسط سيطرتها الأمنية على القطاع، في إطار دعم مصر لحوكمة قطاع غزة.
مواقف مصر من قضايا المنطقة الأخرى
تناول وزير الخارجية كذلك تطورات الأوضاع في السودان وسوريا ولبنان وليبيا:
- السودان: أكد مواصلة مصر جهودها لدعم الاستقرار والحفاظ على أمن وسيادة ووحدة وسلامة أراضي ومؤسسات السودان الوطنية، مشيراً إلى حرص مصر على الانخراط الفاعل في الجهود الهادفة لوقف إطلاق النار وتحقيق هدنة إنسانية.
- سوريا ولبنان: أبرز رفض مصر لأي إجراءات تمس بأمن وسلامة واستقرار الشعب السوري، مجدداً رفض مصر للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة السورية. وشدد على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان واحترام سيادته، وانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس اللبنانية المحتلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
- ليبيا: أشار إلى ضرورة مواصلة جهود دفع المسار السياسي، بما يصون الملكية الليبية للحل، ويفضي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة.
الملف النووي الإيراني والأمن المائي
- الملف النووي الإيراني: أكد الوزير عبدالعاطي أن الجهود الدبلوماسية المصرية ساهمت في التوصل إلى الاتفاق الذي وُقع في القاهرة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستئناف التعاون الفني بينهما. وأوضح أهمية إعطاء الفرصة للدبلوماسية لاستعادة الثقة وخلق المناخ الداعم للأمن والاستقرار الإقليمي.
- الأمن المائي (ملف النيل): شدد وزير الخارجية على أهمية التعاون وفقاً لقواعد القانون الدولي للحفاظ على مصالح جميع دول حوض النيل، مع التأكيد على رفض الإجراءات الأحادية المخالفة للقانون الدولي في حوض النيل الشرقي. وأكد أن مصر ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة اتساقاً مع القانون الدولي لحماية أمنها المائي.
التضامن مع الصومال ورؤية للحلول الإقليمية
أكد الوزير تضامن مصر الكامل مع الصومال ومواصلة دعمها لجهود تحقيق الأمن والاستقرار، مشيراً إلى الترتيبات الجارية لنشر القوات المصرية في بعثة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار بالصومال (AUSSOM).
في الختام، دار نقاش تفاعلي شدد على أهمية اعتماد مقاربات شاملة ومستدامة لمعالجة الأزمات، تقوم على احترام مبادئ القانون الدولي، ودعم الحلول السياسية السلمية، وتفعيل دور المؤسسات الوطنية، واحترام سيادة الدول، بهدف تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية لشعوب المنطقة.




