تقترب ذكرى حرب أكتوبر من ذاكرتنا، فبعد أيام قليلة نحتفل بمرور اثنين وخمسين عامًا على حرب مجيدة وقف فيها كل المصريين معا ضد العدو الإسرائيلي، من المواطن النوبى البطل الذى اقترح شفرة لا يعرفها أحد غير أهل النوبة لتكون كلمة السر لمصر بالنسبة لموعد الحرب، إلى المهندس الذى شارك فى بناء السد العالى وإدرك أن المياه يمكن أن تكون سلاحًا لهدم خط بارليف الذى إقامه الأعداء على الضفة الثانية من القناة، وإلى المواطنين من كل قرى ومحافظات مصر، المجندين والذين قدموا بطولات تفوق الحصر وبينهم عبدالعاطي، صائد الدبابات الذى ضرب الرقم القياسى فى تدمير دبابات العدو، وغيره ممن صاد ودمر أكبر عدد من الدبابات الإسرائيلية بمدفعه حتى وصل القتال إلى تدمير كتائب للدبابات الإسرائيلية وأسر قائد كتيبة معادية هو «عساف ياجورى «الذى أسره الجيش المصرى لمدة 68 يومًا، فى ظل هلع جيش العدو ورئيسة وزراء إسرائيل وقتها، التى بكت واستغاثت بأمريكا لإنقاذها هى وجيشها.
نحب البلد.. ونحب بعضنا
«العبور نفسه كان إعجازاً من عند ربنا» هكذا قال العميد يسرى عمارة، أحد أبطال العبور وأحد أبطال معركة استرداد ضفة القناة فى حوار مهم له يقدم فيه صورة واقعية للأحداث «فى شهر 12 عام 69 عبرت دورية بقيادة النقيب أحمد إبراهيم القناة ظهرًا، اما الجيش فقد عبر القناة يوم 6 أكتوبر ليقدم إعجازاً حقيقياً «لما نبقى قاعدين فى الغرب، وبينا وبين العدو مسافة كيلو متر ماء، وساتر ترابى ارتفاعه زى عمارة من سبعة أدوار حوالى 22متراً، والعدو حاطط نقط قوية لمنعنا، 35 موقعاً من بورسعيد للسويس فيها أسلحة ومفرقعات وصواريخ ودبابات بحيث أن القناة تتحول إلى نار لما ترمى فيها أى حاجة، لقد عبرنا بالقوارب على كبارى مشاة عبور خطر جدًا ولم نخسر إلا جندياً واحداً فقط، كنا نحب بعض، مفيش مسلم ومسيحي، مفيش تفرقة، الناس كلها ايد واحدة فى ظهر الجيش» ويصف العميد يسرى حالة الجنود الذين قضوا على خط بارليف بالشكل الآتي: «كنت نقيبًا وقتها وقائد السرية المضادة للدبابات معى عشرة مدافع وأربعة خفاف وستة ثقال والجندى المصرى كان ملفتًا فى تحمله، كان وزن المدفع الخفيف الذى حمله على كتفه 82 كيلو إضافة إلى حقيبة وزنها 50 كيلو بها أسلحة وزمزمية مياه صعد بها الضفة ليقوم بتطهيرها من الأعداء، وكان الله معنا في، ثلاثة أيام 6 و7 و8 أكتوبر، وأشاعوا «أن المصريين معهم ملائكة» ويمضى المقاتل البطل، فى وصف ما حدث حين أرسلت إسرائيل ثلاثة فرق لتنهى مهمته هو وفرقته، وكيف استطاع أن يعد لها كمينًا انتهى بأسر قائد إحداها، وهو العقيد عساف ياجوري، لتنتهى أسطورة الجيش الذى لا يقهر، وتنتهى المعارك بنصر أكتوبر المجيد، والسؤال الآن هو، أين الاعمال التى تخلد هذا الانتصار على شاشاتنا الآن؟ وأين الأفلام الجديدة من عشرات البطولات التى قدمها جنودنا وضباطنا ومقاتلينا فى هذه الحرب؟ وأين المسلسلات الجديدة عن أبطال قدموا الكثير لمصر ولعالمها العربي؟ لقد بدأت احدى قنواتنا عرض مسلسل «رافت الهجان «من جديد، وسوف نرى بالطبع «دموع فى عيون وقحة» على قناة أخري، ولكن، هل نكتفى بهذه الأعمال القليلة فى مواجهة مع عدو يحاول دائمًا التسلل إلينا وفرض قوته مدعومًا بالقوة الأمريكية الكبيرة كما يحدث الآن فى الواقع؟ إن هذه المتغيرات تحتم علينا مواجهتها من خلال دعم الوعى الشعبى العام بأعمال درامية وسينمائية جديدة وعلى أعلى مستوى فنى وفكري، ولنتذكر ثلاثية مثل «الاختيار»، وأعمال أخرى مهمة، ولنتذكر أن الفن المصرى هو الرائد والملهم فى محبة الوطن بما قدمه على مدى عقود طويلة، فالفن سلاح عظيم لا يجب أن نهمله، بل علينا أن ندعمه دائمًا وأبدأ لأجل هذا الوطن.