بعد أكثر من نصف قرن من الزمان سيظل نصر أكتوبرعلامة مضيئة فى تاريخ الانتصارات المصرية،ونحن نحتفل بعد أيام بالذكرى الثانية والخمسين لحرب العزة والفخر والشرف والكرامة،والتى غيرت خريطة التوازنات الإقليمية والدولية،وتداولت سيرتها شعوب العالم أجمع واجتهد فى تفسيرها خبراء العلوم العسكرية والاستراتيجية،وأثبتت للعالم أجمع قوة المقاتل المصرى الحقيقية.
«روح أكتوبر»ساهمت فى تسطير أعظم ملحمة فى التاريخ العربى الحديث،حيث استطاع الجيش المصرى ان يفقد العدو الإسرائيلى المغرور توازنه فى أول 6 ساعات من بدء الحرب فى يوم من أعظم أيام قواتنا المسلحة المصرية،وسيظل خالدا فى قلوب المصريين الى الأبد،وكان مشهد العبور لترسانات من الموانع المائية والترابية والرملية والنقاط الحصينة والعزيمة والإرادة التى تحلى بها أبطالنا وهم يرددون صيحات «الله أكبر»من أروع المشاهد التى لن تمحوها الذاكرة أبدا.
رأيى ان حرب اكتوبر كانت حافلة بالدروس والعبر والنتائج ومن أهم هذه الدروس التى يجب ان نستفيد منها وتستمر خاصة فى هذه الفترة العصيبة هو»اللحمة»التى كان عليها الشعب المصرى الذى قدم عطاءا يفوق كل تصوربكل فئاته وطوائفه خلف خيرأجناد الأرض تحت شعار»لاصوت يعلوعلى صوت المعركة»وكانت الروح السائدة هى الانتماء والتعاون..والدرس الآخر هو انه عندما يتوافر التخطيط العلمى السليم والعزيمة الصلبة والارادة القوية والفكر الخلاق والعمل بروح الجماعة وتوزيع المهام بحرفية فأن ذلك يؤدى حتما الى نتائج مبهرة لايتخيلها أحد..أما أهم النتائج فهى تحطم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر التى كان يرددها القادة العسكريون فى إسرائيل واسترداد السيادة الكاملة على قناة السويس ثم عودة الملاحة فيها فى يونيو 1975،وكذلك استرداد شبه جزيرة سيناء،كما أن هذه الحرب مهدت الطريق لاتفاق كامب ديفيد الذى عقد فى سبتمبر 1978على إثر مبادرة الرئيس الراحل أنور السادات فى نوفمبر 1977وزيارته للقدس التى أعادت لمصر كامل سيادتها على أراضيها،وإذا كان السادات هو بطل العبوروالنصرثم السلام،فإن التاريخ سوف يذكر دون مبالغة ان الرئيس عبدالفتاح السيسى هو البطل الذى استلهم روح أكتوبر التى امتزجت مع روح 30 يونيو فى معركة التنمية والبناء غير المسبوقة،وها نحن نحتفل بالذكرى 52 للنصر ونحن فى الجمهورية الجديدة بكل ما تحمله الكلمة من معانى،لانه ومع بداية دولة 30 يونيو أدركنا أنه من الممكن أن نفعل المستحيل،واستحضرنا «روح أكتوبر» لنغير وجه مصرفى ظل ظروف صعبة للغاية،ونجحنا فى الانتصار فى معركة البناء والتنمية رغم كل التحديات التى تحيط بالمنطقة والمؤامرات التى تحاك لنا،والواقع والتاريخ يؤكد ان مصر حققت معجزة النصر فى أكتوبر73 وغيّرت نظريات كثيرة فى الأكاديميات العسكرية،وانتصرت أيضا فى معركة البناء والتنمية بروح أكتوبرو30 يونيو،وكأن الله فتح على مصر بركات من السماء والأرض.
الحقيقة ان حرب أكتوبر73 التى نحتفل بذكراها بعد أيام قليلة سطرفيها خير اجناد الأرض بطولات اسطورية وأثبتوا قدرة تفوق ماتوقعه الجميع،وكانت أيضا عنوانا للتضامن العربى وإعادت صياغة الأمن القومى العربى،حيث توحدت فيها الامة على قلب رجل واحد على نحوغير مسبوق،وتجسد ذلك فى استخدام سلاح النفط،بالأضافة الى تفاعل الشعوب العربية مع حملات دعم المجهود الحربى.
كلمة فاصلة:
ببساطة..المعطيات كلها تؤكد ان التحديات لم تنته ومصرلازالت تواجه تحدياً صعباً هوالحفاظ على الدولة المصرية ومنع انهيارها،وفى ظل هذه الظروف الدقيقة والحساسة علينا ان نتحلى دائما بروح اكتوبر الممزوجة بروح 30 يونيو والعمل بروح الفريق الواحد التى سادت كل مراحل حرب أكتوبر المجيدة واثناءها بين الجنود والقادة وكانت العامل الحاسم فى تجاوز الصعاب والعراقيل. . حفظ الله مصر وأهلها.