سيناء لها جيش (وطنى قوي) يحميها، كما أن السلام يستوجب قوة (متعقلة وواثقة) تحميه، فمواقف مصر ثابتة منذ 1948 تجاه فلسطين، ومن منطلق «القوة» تسعى مصر للحفاظ على «السلام» تلك القوة التى أظهرتها مصر وأرعبت أعداءنا، واجبرت أصدقاءنا على الانصياع لموقف مصر رغم الاستفزازات المتتالية.. ومازالت أجواء انتصار أكتوبر تمدنا بدروس تستوجب إعادة الوقوف أمامها، تماما كما قال بطل أكتوبر والسلام «السادات» فى خطابه أمام مجلس الشعب 14 أكتوبر 1973: «.. ربما جاء يوم نجلس فيه معا لا لكى نتفاخر ونتباهى ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلا بعد جيل».. واستكمل حديثه: «.. إن القوات المسلحة قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكرى استوعبت العصر كله تدريبا وسلاحا بل وعلما واقتدارا حين أصدرت لها الأمر أن ترد على استفزاز العدو وان تكبح جماح غروره فإنها أثبتت نفسها أن هذه القوات أخذت فى يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادرة وحققت مفاجأة العدو وأفقدته توازنه بحركاتها السريعة إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً أمام عملية يوم 6 أكتوبر 1973».
لذا يفرض علينا مقتضى الحال مراجعة «درس أكتوبر» فهكذا أراد جيل الآباء «المنتصرون» أن يدرس الأجيال القادمة «دروس النصر» ويحكى الأبطال عن الاستفزاز المبالغ فيه من الجانب الصهيونى لمصر وللمصريين، حتى أن جولدا مائير قالت: «انتظر فى مكتبى بتل ابيب اتصال عبد الناصر معلنا الاستسلام وهو يعلم عنوان مكتبى ورقم تليفوني».. وهى ذاتها من اعترفت فى كتابها «حياتي» الذى نشر على يد الناشرين: جى بى بوتنامسونز (أمريكي)، ووايد نفيلدو نيكلسون (انجليزي) 1973 بعد هزيمة الصهاينة النكراء وأعيد نشره بالألمانية فى 1975، وفى الفصل الرابع عشر بعنوان «حرب يوم الغفران» اعترفت: «كنا نتباهى بأننا الأمة الوحيدة التى لا تترك خلفها أسرى أو قتلى فى حروبها ومعاركها.. لكن فى حرب أكتوبر اختلف الأمر وحدث ما اضطررنا إليه وما يخالف عقيدتنا ومبادئنا وهو أن ترك الجنود المذعورون الهاربون من هول جحيم المصريين خلفهم القتلى والمصابين فى يد المصريين» وهى من صورت أحد مشاهد «نصر أكتوبر» واعترفت: «كان جنودنا يحترقون فى صناديق من الجحيم، فى دباباتهم التى أشعلها عليهم المصريون».. والآن فى غزة وبعد 7 أكتوبر 2023 تصدرت «استعادة الأسرى والقتلي» أهداف نتنياهو فى حربه على «العُزّل» من أهل غزة، ولم يحدث من ذلك الأمر سوى ما سمحت به نتائج مفاوضات مصر مع الجانبين.
وهنا أُذكر جيش الدفاع أن يُعلن الأعداد الحقيقية لهؤلاء الجنود المنتحرين والمرضى النفسيين والرافضين للانصياع للأوامر باستمرار القتال بغزة، بل والهاربين من التجنيد، وإذا كان هذا هو حالهم عند مواجهة ميليشيات فما بالهم من لقاء جيش مصر من جديد(!) بعد أن تتردد فى الأنحاء مقولات «هراء» لهؤلاء «الحمقي» الذين لايقرأون التاريخ القريب، إذ يهرطقون، ويتفاخر نتنياهو ويتحدث عن أوهام «إسرائيل الكبري» وبأن طائراته قادرة على الوصول إلى أى مكان للقتل واختراق السيادة. تماما كما كان يقول استاذه فى الهزيمة «موشيه دايان» بأن طائراته قادرة على الوصول لقلب مصر بل واذا فكر جيشها بعبور قناة السويس فستتحول مياهها إلى بحار من الدم المصري، تماما هذا ما يهزى به نتنياهو ونسى «الأخرق» ما حدث لاستاذه فى الهزيمة، وما وُصِم به من عار. بعد أن قطع المصريون يده الطولى «طائراته»، وأسروا قادة جيش الدفاع وأعادوهم فى «بيجامات كاستور» .