شهد دير السيدة العذراء المحرق بمحافظة أسيوط حدثًا كنسيًّا وتاريخيًّا هامًّا، حيث ترأس قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، صلوات قداس تدشين كاتدرائية القديس مار مرقس الرسول بقرية رزقة الدير التابعة لإيبارشية الدير المحرق، بمشاركة 20 من المطارنة والأساقفة، وبحضور كهنة الكنائس والرهبان وعدد كبير من الأقباط.
وأقيمت الصلوات وسط ألحان كنسية مميزة وفرحة بهذه المناسبة.
وخلال الصلوات، قدَّم البابا صلوات خاصة من أجل الكنيسة والوطن، مؤكدًا أن تدشين هذه الكاتدرائية يرسخ رسالة الإيمان والمحبة والسلام، ويُعبِّر عن امتداد عمل الكنيسة في خدمة أبنائها ومجتمعها.
وقال البابا: “نسعد في هذا اليوم بتدشين هذه الكنيسة الجميلة، وتزداد فرحتنا بوجود السيد المحافظ اللواء الدكتور هشام أبو النصر، ومجيئه علامة على محبته واهتمامه الذي يمتد إلى كل ربوع محافظة أسيوط، ودليل عملي على المشاعر الطيبة التي نعيشها معًا في مصر”.
وأضاف: “الكنيسة بوصفها ركنًا من أركان الوطن لها مسؤوليتان: إعداد المواطن الصالح وإعداد الإنسان لملكوت السموات، وعليه فإن بناء كنيسة أمر يساهم في خدمة الوطن، ولا سيما أن الكنيسة هي أقدم كيان شعبي يشهد له التاريخ بالخدمة والمحبة والعطاء”.
وأعرب البابا عن سعادته البالغة بوجوده في أسيوط التي تحتضن هذا الدير العريق، مشيرًا إلى أن الاحتفال اليوم هو تذكار لتاريخ ممتد يعكس أصالة الإيمان المسيحي وتجذُّره في أرض مصر.
ورحب الأنبا بيجول بقداسة البابا وبالسيد المحافظ، ودعاه لإلقاء كلمة أعرب فيها عن بالغ سعادته بزيارة قداسة البابا لمحافظة أسيوط، مُثمِّنًا دور قداسته الوطني، ومؤكدًا أن مصر ستظل قوية بتكاتف شعبها معًا، وبالالتفاف حول قيادتنا الحكيمة متمثلة في فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفي لفتة طيبة، قدَّم اللواء المحافظ هدية تذكارية لقداسة البابا عبارة عن أيقونة للعائلة المقدسة بريشة أحد أبناء أسيوط، يُدعى مصطفى، بينما قدَّم له البابا ولقيادات المحافظة هدايا تذكارية.
وتُعدُّ قرية رزقة الدير المحرق إيبارشية يرعاها نيافة الأنبا بيجول، وتخدم حوالي 16 ألف نسمة من الأقباط الأرثوذكس، وتضم كنيستين إلى جانب كاتدرائية القديس مار مرقس، المُؤسَّسة عام 2005 وبدأت الصلاة بها عام 2007. وتبلغ مساحتها الإجمالية 4200 متر مربع. وتحوي بالإضافة إلى الكنيسة الرئيسية ثلاث كنائس أخرى، ومبنى إداريًّا وخدميًّا تبلغ مساحته 700 متر مربع.
وكان البابا قد وصل الدير المحرق في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول في إطار زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط التي بدأها أمس بزيارة إيبارشية ديروط وصنبو، واستقبله نيافة الأنبا بيجول أسقف ورئيس الدير ومجمع رهبانه، بالألحان، على بوابة الدير التاريخية المعروفة باسم “بوابة البطريرك” والتي لا تُفتح سوى لاستقبال البابا البطريرك. وتوجه مباشرة إلى الكنيسة الأثرية حيث صلى الشكر.
وفي صباح أمس، تحرك موكب البابا إلى قرية رزقة الدير المحرق، وهي ثاني محطات زيارته الرعوية لأسيوط، وقدَّم طفلان باقة ورد للبابا وأزاح الستار عن اللوحة التذكارية التي تؤرخ لتدشين الكاتدرائية، ثم دخل إلى الكنيسة وسط ألحان خورس الشمامسة وزغاريد النساء وكلمات الترحاب المشحونة بمشاعر المحبة من الرجال.
وبدأت صلوات التدشين، حيث تم تدشين ثلاثة مذابح في الكنيسة الرئيسية، أولها على اسم القديس مار مرقس الرسول، وثانيها (البحري) على اسم الشهيد مار مينا، والمذبح القبلي على اسم القديسين الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا. ودُشِن ثلاثة مذابح أخرى في الكنيسة الكائنة في الطابق السفلي، المذبح الرئيس دُشِن على اسم السيدة العذراء مريم، والمذبح البحري على اسم الشهيد أبي سيفين، والمذبح القبلي على اسم القديسة مهرائيل، كما تم تدشين أيقونات حضن الآب (البانطوكراتور) بالمذابح الستة وكافة أيقونات الكنيستين.
ويُعدُّ تدشين الكاتدرائية الجديدة حدثًا هامًّا في تاريخ الدير، أحد أهم المزارات الدينية في صعيد مصر، لما يحمله من قيمة تاريخية وروحية عميقة، إذ يرتبط بمكوث العائلة المقدسة خلال رحلتها إلى أرض مصر.





