مهما تعددت الروايات وكثرت المزايدات، فى النهاية لا يصح إلا الصحيح، والرواية الأحق والأصح فى القضية الفلسطينية دائماً هى مصر.. الأصدق فى موقفها والأكبر جهداً فى سبيل إنهاء المعاناة وإيقاف الحرب، والأكثر وصولاً إلى كل عواصم العالم برسالتها الواضحة فى دعم القضية الفلسطينية وعدم التهاون فى حقوق الأشقاء والحض دائماً على السلام.
رغم أن الدور المصرى لا يحتاج شهادة، ويراه ويعلمه كل ذى بصيرة وبعيد عن الغرض، لكن جاءت شهادة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لتؤكد المؤكد وتعطى مصر ورئيسها حقهم الذى أراد البعض أن يشوّهه ويهضمه عمداً نكاية فى مصر وحقداً على نجاحها وقفزاً على مكانتها، وانتقاصاً من دفاعها عن فلسطين وحقوق شعبها المشروعة.
لم تطلب مصر جزاءً ولا شكوراً على مواقفها لكن ترامب تحدث بما رآه بنفسه من دور مصرى لا غنى عنه ومواقف لرئيس يحترمه ويقدره العالم كله، إلا الذين فى قلوبهم مرض من بنى جلدتنا، فهؤلاء لا مجال للنقاش معهم، فهم لا هَمَّ لهم إلا تشويه صورة مصر والتنكر لما تقوم به وما يبذله رئيسها من أجل فلسطين وإقامة دولتها المستقلة والتصدى لمخططات الخراب والقضاء على القضية.
الرئيس ترامب مهما اختلفنا مع سياساته فهو رئيس أكبر دولة فى العالم، وكل كلمة يقولها محسوبة ولها رسالة وتعبِّر عن حقائق، وعندما يشكر ترامب الرئيس عبدالفتاح السيسى ويصفه بالشخصية الرائعة ويتحدث عن دور مصر فى سبيل وقف الحرب فهو لا يجامل ولا يطلق أحكاماً دون أساس، وإنما يقول ما يقتنع به، والمؤكد أنه طوال العامين الماضيين منذ اندلاع الحرب على غزة ومع كل الاحترام للجهود المقدرة من الجميع، لكنْ يبقى الجهد المصرى هو الأكبر والأكثر تأثيراً، على كافة المستويات، سياسياً بالتحركات والاتصالات الرئاسية التى لم تتوقف، وكلها تؤكد ضرورة إيقاف الحرب وإنهاء التصعيد واللجوء إلى الحل السلمى وطريق حل الدولتين، كسبيل وحيد للسلام.
ودبلوماسياً بالترجمة الفعلية لثوابت مصر عبر كل الوسائل وشعبياً، وإنسانياً من خلال جهد غير مسبوق لإدخال المساعدات إلى غزة، ليس فقط استقبالها من الخارج ومرورها من معبر رفح، وإنما تجهيزها من قوت المصريين، اقتسام اللقمة مع الأشقاء الفلسطينيين، فأكثر من 70% من المساعدات مصرية.
هكذا كانت أم الدنيا وستظل على نفس المنوال، تعمل وفق ثوابت ومبادئ مستقرة وشريفة، لا يضرها من ضل الطريق بحثا عن مصالح شخصية أو تنفيذاً لأجندات على حساب فلسطين وشعبها، مصر تتحرك بنوايا مخلصة للأمة ومصلحتها وأمنها القومى وحمايته، القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر أمن قومى لا تقبل التفريط، وحل القضية أولوية لا تراجع عنها، وطوال السنوات الماضية تمسكت مصر بالانتصار لفلسطين رغم كل الطعنات التى تلقتها، أمسكت بجمرة النار كى تطفيء لهيب الحرب وتخفف عن ابناء غزة.
مصر وقيادتها هى التى رفضت التهجير ففرضت رؤيتها، وتصدت لمخطط التصفية فمنعته، وخاطبت ضمير العالم فأيقظته بعد عقود من التيه والغياب، وتحدت كل الصعاب من أجل إدخال المساعدات فنجحت من أجل إنقاذ الأبرياء، خاضت جولات صعبة من مفاوضات وقف إطلاق النار، أملا فى إنهاء الحرب وعودة الاستقرار.
لم تطلق مصر وقيادتها تحذيراً من خطر إلا وقع، لم تتوقع تطوراً إلا وحدث، لأنها الأكثر فهماً واستشرافاً لطبيعة المنطقة وتصاعد الصراع. لم تفقد مصر الأمل يومًا، ولم تستسلم لكل محاولات الإحباط التى أراد البعض أن يحاصرها بها، نالها ما نالها من شرور ومخططات تشويه ومؤامرات على دورها وعلى رئيسها القائد الوطنى الشريف لكنها تحملت رغبة فى الوصول إلى حلم السلام، كان الكثيرون يبحثون عن منافع ومكاسب وأخرون يتاجرون بالقضية وفريق ثالث يبحث عن مجرد اللقطة فقط، بينما مصر كانت دائماً تبحث عن إنقاذ الأطفال والعجائز الأبرياء وفرض الهدوء وعودة الاستقرار إلى غزة.
وفى النهاية، (يذهب الزبد جفاء ويبقى ما ينفع الناس)، وما فعلته وتفعله مصر ورئيسها الوطنى هو ما ينفع الفلسطينيين والمنطقة بالكامل بل والإنسانية كلها.. ولذلك بقى واحترمه الجميع وقدره الرئيس الأمريكي.