بعد نجاحه فى بعض الأندية والنقابات
شجع نجاح نظام التصويت الإلكترونى فى انتخابات بعض الأندية والنقابات الكثيرين للمطالبة بدراسة تعميم التجربة بشكل عام.
المطالبون بالتعميم يرون أنه سيفيد فى توفير الوقت ويحقق الشفافية ويسهم فى زيادة المشاركة لكن فى المقابل الرافضون يتخوفون من الاختراق وخطورة التزوير الإلكترونى من خلال الذكاء الاصطناعي.
الأهم أن التعميم يحتاج كما يؤكد المتخصصون إلى قاعدة بيانات كاملة وإمكانيات تكنولوجية عالية وقوانين تحدد سبل الطعن والتعامل مع الأعطال الفنية.. والسؤال.. هل نجاح التجربة فى بعض الأندية والنقابات يجعله قابلاً للنجاح فى الانتخابات العامة رغم أن دول متقدمة مثل أمريكا لم تطبقه.
أكد الخبراء أنها نقلة نوعية نحو تحديث الحياة النقابية والاجتماعية فى مصر وتحتاج ضمانات تقنية وتشريعية تضمن نزاهتها والتجربة، تأتى فى إطار التحول الرقمى الذى تتبناه الدولة، ففى عام 2202 جرى استخدام برنامج إلكترونى فى انتخابات النيابة الإدارية ونظام التصويت الإلكترونى تم تنفيذه فى إطار بروتوكول التعاون الموقع بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى وهيئة النيابة الإدارية، بهدف التكامل فى مجال الدعم الفنى وتطوير نظام المعلومات، وذلك بتطوير البرنامج الشامل للبنية المعلوماتية باستخدام أحدث وسائل وتقنيات تكنولوجيا المعلومات ووضع الخطة لتطويرعملية الانتخابات ، وتطبيقها يعكس التزام الدولة بتعزيز الشفافية والحوكمة وتبنى أحدث الممارسات الدولية فى مجالات الإدارة الحديثة، بما يسهم فى ترسيخ مبادئ المشاركة الفعالة.
أشار تقرير وزارة التخطيط إلى نجاح التجربة فى 9 مؤسسات، وأشرفت عليها النيابة الإدارية بنظام التصويت الإلكترونى، تضمنت نادى هيئة النيابة الإدارية وانتخابات نقابة المهن الموسيقية وانتخابات حزب الوفد وجمعية الحج والعمرة لأعضاء النيابة الإدارية وصندوق التأمين الخاص بالعاملين بالهيئات القضائية والجهات المعاونة، ومن أبرز الانتخابات التى اعتمدت على نظام التصويت الالكترونى وفقاً للتقرير انتخابات جميعة أحمد عرابي، ونقابة التطبيقيين ومجلس إدارة جمعية المرشدات المركزية بالاتحاد العام للكشافة بوزارة الشباب والرياضة، بالإضافة إلى مجلس إدارة الاتحاد العام بالكشافة، كما تمت إقامة انتخابات رئيس النادى الرياضى لهيئة قضايا الدولة، ونجحت التجربة ايضا بنادى الزهور الرياضي.
وطبقاً للدراسات الدولية تتحدث عن تجارب مشابهة فى أوروبا وأمريكا اللاتينية، أثبتت أن التصويت الإلكترونى يمكن أن يزيد المشاركة، لكنه يحتاج ضوابط صارمة.
تقرير صادر عن مؤسسة «ITDEA» الدولية أشار إلى أن نجاح أى تجربة يعتمد على وجود آلية لإعادة العد بشكل ورقى وتدقيق مستقل للبرمجيات وإشراف من منظمات المجتمع المدني.
أكد د.محمد خليفة عضو مجلس بحوث الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التابع لاكاديمية البحث العلمى أن التصويت الالكترونى له عدة انواع بواسطة أجهزة أمنية موجوده بمراكز الاقتراع و تساعد على سرعة العملية الانتخابية التقليدية بشكل إلكترونى وتسهل الفرز وتوفير الشفافية، والنوع الآخر من التصويت عن طريق الانترنت بشكل رقمى من خلال «الأون لاين» والادلاء بالأصوات من خلال «موبيل آب»، وبالنسبة للانتخابات التى جرت فى بعض الاندية والنقابات المهنية على نطاق صغير وبالتالى فرص نجاحها كبيرة، أما بالنسبة لفكرة تعميمها على جميع الانتخابات فى مصر، فلها مزايا وعيوب.. أهم مزاياها سرعة فرز الاصوات واعلان النتائج وتقليل الاخطاء البشرية فى عملية الفرز وتوسعة مشاركة الناخبين فى الداخل والخارج، ومن عيوبها عدم ضمان العدالة الرقمية لدى الجميع واحتمال حدوث تلاعب عن طريق الحروب الإلكترونية التى ينتج عنها تغيير الاصوات.
يشير خليفة إلى أن عملية الانتخابات عن طريق التصويت الالكترونى تطلب امكانية تأمينية إلكترونية كبيرة، ويجب الاشارة إلى أن عملية تشغيل النسخة الإلكترونية للانتخابات تتطلب تكاليف عالية وتدريب وسنّ اللوائح والقوانين التشريعية لتغطية تلك النوع من الانتخابات بشكل واضح وصريح، فلابد من زيادة الثقة فى التعاملات الرقمية فى الدولة، ومن التجارب التى تم تطبيقها فى دول اخرى مثل دولة اساتونيا التى واجهة بعض المشاكل لانعدام ثقة الناخبين فى النظام، ولكن فى دولة الهند تعتمد على التصويت الالكترونى داخل مراكز الاقتراع.. وفى النهاية يؤكد خليفة أن التصويت الالكترونى لم ينتشر على نطاق واسع فى كثير من الدول عالمياً بسبب انتشار الذكاء الاصطناعي.
يرى د.أحمد الشربينى خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن فكرة تطبيق التصويت الإلكترونى بانتخابات الأندية الرياضية والنقابات المهنية خطوة جيدة، وتعميمها فى مصريتوافق مع توجه القيادة السياسية ويتفق مع إستراتيجية الدولة للتحول الرقمي، بما يسهم فى تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين إيماناً منها بدور تكنولوجيا المعلومات فى تحقيق التنمية المستدامة ورؤية مصر 0302 للنظام الرقمى والإلكتروني، ولكن لابد أن تتم دراسته بكل دقة قبل الأخذ به واعتماده، لان التجربة تم تطبيقها بالفعل فى بعض الدول، ودول أخرى تخوفت منها ولم تطبقها مثل أمريكا التى لم تقم بتطبيق الانتخابات الالكترونية، رغم أن التقنية موجودة ولكن استخدامها بقناعة الدولة ومؤسساتها، فهو قرار سياسى إستراتيجى أكثر منه تقنياً وفنياً.
يضيف الشربينى أن الفكرة لها مميزات وعيوب، ومن مميزاتها تسهيل الاجراءات وتوفير الوقت وسهولة ادلاء الناخبين بأصواتهم داخل اللجان، ومن عيوبها إمكانية اختراق السيستم، مما سيؤدى إلى حالة من التشكيك فى النتائج وفقد الثقة فى أى نتيجة للانتخابات، وهذا يعد أخطر عيب يجب أن نكون مستعدين له.
يقول د.عادل عامر استاذ القانون العام جامعة طنطا إن اجراء العملية الانتخابية إلكترونياً يحتاج إلى تشريع ينظم تلك العملية، فدستور 4102 بالنسبة للاقتراع العام يتضمن السرية والشفافية والرقابة القضائية، وإذا أردنا تطبيقه إلكترونياً لابد من سن تشريع مع توافر عدة عناصر مهمة، منها مراجعة النتائج وتأمين الاجهزة ضد الاختراق وعدم تدخل أى جهة تنفيذية وبدايتها تدريجياً فى بعض النقابات أمر ضرورى لمعرفة مدى نجحها وتحديد عيوبها ومعالجتها أثناء تعميمها على مختلف العمليات الانتخابية، كما حدث فى بعض النقابات والاتحادات وأظهرت مزايا مهمة مثل توفير الوقت والجهد ورفع نسب المشاركة، إلا أن تعميم التجربة على الانتخابات العامة يحتاج إلى بنية تحتية تكنولوجية مؤمنة بشكل كامل وإشراف قضائى ولجنة مستقلة للرقابة التقنية، بما يضمن ثقة الشارع المصرى فى النتائج.
وأكد أن القوانين الحالية لا تنظم بشكل صريح الطعون أو آليات مراجعة نتائج الانتخابات الإلكترونية، ويحذر من أن غياب النصوص الواضحة قد تثير نزاعات مستقبلية فى حال حدوث عطل أو خلل فى النظام واعتبرها خطوة فى الطريق الصحيح وتجربة التصويت الإلكترونى فى انتخابات الأندية والنقابات كان اختباراً حقيقياً نجحت فيه الدولة بتحقيق المعادلة الدقيقة وهى نحقق التحديث دون أن نفقد الثقة وحتى يتوافر الإطار القانونى والتقنى الذى يضمن الشفافية والرقابة ستبقى التجربة بالنسبة لكثيرين بداية واعدة لكنها مازالت بحاجة إلى استكمال النصوص التشريعية.
