اصطفى الله سبحانه وتعالى اللغة العربية لتكون لغة القرآن الكريم، كما اصطفى مصر لتكون بلد الأزهر الشريف. ومن هنا تتجلى الأهمية الكبرى للغة العربية فهى أعظم لغات العالم على الإطلاق إذ يسعى الكثير من الأجانب إلى تعلمها لما تتميز به من ثراء وبلاغة ومفردات وصور جمالية بديعة. إنها لغة الوصف والتعبير والإيحاء لغة الوضوح والهدف التى لا تقبل التأويل الباطل ولا التزييف بل تجمع بين البساطة والدقة والجمال.
وقد عاشت اللغة العربية فى مصر فى ظل التعزيز والتكريم والإشادة واستخدمت ببراعة فى شتى أشكال الإبداع. فكانت وسيلة حاسمة للتواصل والتفاهم وأصبحت لغة أساسية للدراما بكل أشكالها وأنواعها.
ومع ذلك فوجئنا بتصريح لأحد الفنانين السوريين المغمورين، زعم فيه أن الممثل المصرى لا يجيد الأداء باللغة العربية. لن أعلّق على هذا التصريح كثيرًا فهو رأى شخصى – وإن كان مغلوطًا – لكن ما أؤمن به يقينًا أن أعظم من جسّد وأبدع فى الأداء باللغة العربية هو الممثل المصرى منذ البدايات وحتى اليوم. فلا يوجد ممثل عربى يقترب أو يوازى قدرات الممثل المصرى فى التمثيل والأداء الفصيح، وهذا ما تؤكده الأعمال المسرحية والأفلام التاريخية والمسلسلات الدينية والتراثية.
غير أن هذا التصريح أعاد إلى ذهنى قضية أشد أهمية وهى ضرورة العودة إلى الإنتاج الدرامى باللغة العربية الفصحى التى تعانى اليوم من التراجع والتجاهل. فأين عروض المسرح القومى – شعريًا أو دراميًا؟ وأين المسلسلات التاريخية والدينية وأعمال السيرة عبر العصور؟
نحن فى مصر أئمة اللغة العربية ولنا تاريخ طويل فى الإبداع بها سواء على مستوى الأكاديميات والجامعات أو فى أقسام الدراما واللغة العربية. ومن هنا أدعو إلى تعزيز الاهتمام باللغة العربية فى جميع المستويات فلا يُعقل أن يحاضر أستاذ جامعى باللهجة الدارجة بعيدًا عن الفصحى مع ضرورة العناية بالنحو والصرف فهى لغة القرآن الكريم.
علينا فى المرحلة الحالية والقادمة أن نعيد الاعتبار للإبداع باللغة العربية فى المسرح والسينما والإذاعة والدراما التلفزيونية وأن نحيى مفهوم الاستلهام من التراث الشعبى والتاريخى والأسطورى بدءًا من حضارة المصريين القدماء مرورًا بمختلف الأزمنة وصولاً إلى حاضرنا الذى يزخر بنماذج البطولة والانتصارات.
إن اللغة العربية فى مصر حاضرة بكرامة وفخار وهى لغتنا التى نجيد التعبير بها بيسر وسلاسة. نعم هى لغة القرآن ونحن الأساتذة الذين تعلمناها وتشرّبناها وما زلنا نعلمها للعالم بأسره. لذا أقول لذلك الفنان: إن زعمك بأن الممثل المصرى لا يجيد التمثيل بالفصحى باطل فأنتم تعلمتم فنون الأداء من أساتذتنا سواء فى أكاديمياتنا أو من خلال البعثات المصرية التى نقلت خبراتها إليكم.
اللغة العربية فى مصر ستظل فى أوج عزها وزهوها فهى لغة الأزهر الشريف ولغة الإبداع الخالد. وما نحتاجه فقط هو مزيد من الاهتمام بإحياء الأعمال الدرامية الفصيحة وإعادة تقديم الروائع القديمة التى تزخر بها مكتبة التلفزيون المصري.
فنحن بحق زعماء الإبداع باللغة العربية.