احتفلت مصر وكوريا بمرور 30 عامًا على العلاقات الاقتصادية، والتي من المتوقع أن تنمو وتزدهر في المرحلة المقبلة بدعم من القيادة السياسية للبلدين، وبما تحقق من إصلاحات اقتصادية وتحسين لبيئة الأعمال وتطوير للبنية التحتية بما يؤهل لمزيد من الشراكة بين الجانبين.
وخلال كلمته في مؤتمر “الشراكة والتعاون الاقتصادي بين مصر وكوريا” الذي عقد اليوم الثلاثاء، قال أحمد كُجوك، وزير المالية، إن هذا العام يمثل محطة بارزة في مسار العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية، فخلال الثلاثين عامًا الماضية تطورت هذه الشراكة لتصبح واحدة من أبرز التجارب الفريدة. وعلى مدار هذه العقود، سعينا معًا وراء رؤية مشتركة، حيث قدّم المستثمرون المصريون إسهامات في مجال البيئة والبنية الأساسية، مدعومين بالخبرات العالمية.
وأشار إلى تجربة كوريا الجنوبية التي كانت من أوائل الدول التي توسعت في مجال التصنيع إلى مناطق ودول أخرى، ويتم توجيه نحو 85% من إنتاجها، الذي أُنشئ على استثمارات ضخمة ومنشآت تبلغ مساحتها 50 ألف قدم، لخدمة كلٍّ من السوق المحلي والتجارة عبر الحدود.
وأضاف: إننا نتطلع إلى المستقبل عبر تعزيز هذه العلاقة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا المستقبلية، وفي القطاعات الواعدة منها البنية التحتية والطاقة المتجددة واللوجستيات والتصنيع، مشيرًا إلى أن كوريا الجنوبية شريك استثماري وتجاري استراتيجي، ونسعى لتعزيز العلاقات في القطاعات ذات الأولوية.
وقال: إننا نأمل في جذب الاستثمارات الأجنبية الخاصة وبناء شراكات عالمية أقوى. وتسعى مصر لأن تكون أول دولة إفريقية تحقق هذه الإنجازات، وهو ما يعكس رؤيتنا القائمة على المنفعة المتبادلة وتوسيع ما يمكننا إنجازه معًا.

ومن جانبه، أعرب “بارك بوم كي“، المبعوث الخاص للرئيس الكوري، عن سعادته بالمشاركة في مؤتمر “الشراكة والتعاون الاقتصادي بين مصر وكوريا” احتفالًا بالذكرى الثلاثين للعلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية، ونقل تحيات الرئيس الكوري الجنوبي “لي جاي ميونغ” والشعب الكوري للرئيس السيسي والشعب المصري.
وقال إن مصر كانت ولا تزال مهد حضارة إنسانية عريقة، وملتقى استراتيجيًا يربط بين إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا. وبفضل موقعها الجغرافي الاستثنائي، ولا سيما عبر قناة السويس، أصبحت مصر محورًا أساسيًا للتجارة الدولية، وبوابة رئيسية للأسواق العربية والإفريقية.
وأضاف: أنه رغم ما يحيط بالمنطقة من تحديات وظروف دقيقة، نجحت مصر في الحفاظ على استقرارها الاقتصادي الكلي والمضي قدمًا في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. ولا شك أن هذه النجاحات تعود إلى قيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإلى جهود الحكومة المصرية ووزير المالية أحمد كُجوك. وأعرب عن ثقة الجانب الكوري في القيادة المصرية نحو مستقبل أكثر ازدهارًا وصلابة.
وأوضح أنه اطلع بإعجاب على السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة مؤخرًا، والتي تعد رؤية متكاملة تعكس طموح مصر في النمو والازدهار. وقال: نتمنى أن تحقق هذه الرؤية نجاحات ملموسة تترجم إلى رخاء لشعب مصر.
وأشار إلى أن مصر، إلى جانب دورها الاقتصادي، تواصل القيام بمسؤوليات محورية في المجالين الدبلوماسي والأمني، وتساهم بفعالية في تعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وقال: إن بلاده تُقَدِّر عاليًا هذه الجهود، وتؤكد أنها ستظل شريكًا نشطًا في الجهود الدولية الرامية لإحلال الاستقرار في المنطقة.
وقال إن كوريا عرفت كيف تنهض من آثار الحرب لتبني تجربة تنموية مميزة، مستندة إلى التعليم والابتكار والانفتاح على العالم. واليوم، تؤمن أن ما تراكم لديها من خبرات وتجارب يمكن أن تتقاسمه مع مصر، خاصة وأنها تخطو بإرادة قوية نحو التنمية الصناعية والتحول الأخضر والرقمنة.
وأوضح أنه منذ ثلاثة عقود، بدأت مصر وكوريا علاقات دبلوماسية بُنيت على الثقة المتبادلة، ونجحت في تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي رغم البعد الجغرافي.
وأشار إلى أنه في المجال الاقتصادي، تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 3 مليارات دولار سنويًا، فيما بلغت الاستثمارات الكورية المباشرة في مصر نحو مليار دولار، كما تسهم أكثر من خمسين شركة كورية في دعم الاقتصاد المصري سواء عبر الإنتاج الصناعي المحلي أو من خلال الاستثمار في مشروعات استراتيجية كمجالات النقل والطاقة.
وقال: نحن على يقين بأن المرحلة التالية ستشهد توسعًا أكبر للتعاون القائم خاصة مع تطلعات الجانبين إلى مجالات جديدة في الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي.
وأضاف أن الرئيس السيسي أعرب خلال زيارته إلى كوريا عام 2016 عن إعجابه بالتجربة التنموية الكورية، حيث استشعر أن تكامل خبرة كوريا مع موقع مصر الاستراتيجي سينتج قصص نجاح جديدة تعود بالنفع على شعبَينا. وقال: إنه يأمل أن تواصل مصر وكوريا تجربتهما الناجحة في النمو.
وأضاف أنه بصفته المبعوث الخاص لكوريا الجنوبية يؤكد استعداد بلاده لتعزيز شراكتها مع الحكومة المصرية ومجتمع الأعمال، والشعب المصري، لتعزيز العلاقات التعاونية بين البلدين بما يرتقي بعلاقاتنا إلى مستوى شراكة استراتيجية شاملة.
وأعرب عن التطلع، في ظل الاحتفال بثلاثين عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية، أن يكون المستقبل حافلًا بإنجازات أوثق وتعاون أعمق.
ومن جانبه، أكد السفير كيم يونج هيون، سفير كوريا الجنوبية في مصر، أن المؤتمر يعد فرصة لرسم الطريق المستقبلي للعلاقات الاقتصادية بين البلدين.
كما أكد عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مشيرًا إلى أنها تمثل أساسًا قويًا لتحقيق النمو المشترك.
وقال إن التعاون الاقتصادي، لا سيما في قطاعات التصنيع، البنية التحتية، الطاقة، والاستثمار، كان محوريًا لنمو البلدين، موضحًا أن المؤتمر لا يمثل فقط احتفالًا بالإنجازات التي تحققت، بل هو منصة استشرافية للمستقبل.
وأضاف أن المؤتمر ليس مجرد احتفال بهذه الإنجازات، بل هو أيضًا فرصة لرسم مسار المستقبل، وقال إنه على ثقة بأن المناقشات بين ممثلي الحكومتين وقادة الأعمال ستقدم رؤى هامة وتفتح آفاقًا جديدة للشراكة.
كما أكد ثقته في أن المؤتمر سيساهم في تعزيز العلاقات الثنائية، وقال: “آمل أن يكون هذا المؤتمر بمثابة علامة فارقة جديدة في تعزيز الشراكة بين كوريا ومصر”.