التضامن تتدخل لإنقاذهم.. والشرطة تواجه مافيا التسول
لسنوات طويلة ظلت ظاهرة أطفال الشوارع والمتسولين مقلقة للمجتمع، جزء منها يسيء للصورة الحضارية لمصر وجزء آخر يعبر عن ظروف اجتماعية واقتصادية قد تدفع هؤلاء الأطفال إلى الشارع، ليقعوا فى براثن مافيا تستغلهم لتحقيق مكاسب خاصة على حساب براءتهم.
الدولة منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى لم تترك هذا الملف بل اعتبرته أولوية والهدف الأهم هو حماية الأطفال والأحداث من المصير الغامض فى الشارع، إما بإعادتهم إلى أسرهم أو استضافتهم فى دور رعاية أعدت خصيصا لحمايتهم وتأهيلهم.
التضامن تحركت بفكرة عبقرية هى فرق التدخل السريع التى تسعى لنقل كل من يعتبر الشارع بيته إلى دار رعاية لائقة وخلال نحو عشر سنوات تعاملت مع أكثر من 37 ألف بلاغ نجحت من خلالها فى نقل أكثر من 9 آلاف من الشارع إلى الرعاية.
أما الداخلية فتتعامل بحسم مع المافيا الإجرامية التى تستغل هؤلاء الأطفال لاستخدامهم فى التسول وجمع الأموال وخلال الشهور الماضية فقط كانت الضربات الأمنية لهذه المافيا قوية ورادعة.
حكايات أطفال الشوارع سواء ما رصدناه من حالات فى بعض المناطق أو حتى الحكايات التى يرويها أعضاء فرق التدخل السريع مؤلمة وكلها تؤكد معنى واحدا.. أن تدخل الدولة كان ضروريا وأنه أنقذ الآلاف من مصير سييء وحماهم من خطر كبير، لا يمكن بالطبع تحديد حجم المشكلة، فالأرقام متضاربة بعضها وبدون دليل يرفع الرقم إلى الملايين وبعضها بموضوعية شديدة يحددها فى عدة آلاف ومن هذا آخر تقرير رسمى كشف عنه الدكتور عبدالهادى القصبى رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب فى نوفمبر 2023 حيث أكد أن احصائية أطفال الشوارع فى مصر تكشف أن عددهم لا يتجاوز 16300 طفل مشرد.
جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى أثناء مناقشة تعديلات قانون الطفل، وأكد ان الدولة اتخذت إجراءات حاسمة للقضاء على هذه الظاهرة بالتعامل الفورى من خلال فرق التحرك السريع فى حال الإبلاغ، ويتم حل مشكلاتهم فى الصحة والتعليم والدعم النفسي.
وأشار إلى أن تعديلات قانون الطفل تأتى فى إطار حرص الدولة فى عهد الرئيس السيسى لتحقيق مطالب الأسرة والطفل.
37 ألف شكوى
وزيرة التضامن الاجتماعى:
«التدخل السريع» يتلقى 500 بلاغ شهريًا عن أطفال وكبار بلا مأوى
كتب ـ سيد عباس:
أكدت الدكتورة مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعى أن فريق التدخل السريع له ثلاثة مهام رئيسية وهى التحقيق فى شكاوى دور الرعاية الاجتماعية وحالات أطفال بلا مأوى وكبار بلا مأوى والتى تتراوح شهرياً ما بين 400 إلى 500 بلاغ حيث تقوم الفرق بالنزول لها وإجراء التدخلات اللازمة سواء بنقلها إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية وأقسام الشرطة وتحرير محاضر عثور للحالات ونقل الحالات للمستشفيات لتوقيع الكشف الطبى عليها قبل استقبالها أو حجزها بالمستشفى لحين تلقى العلاج ونقله لدار رعاية اجتماعية والتى يتلقاها الفريق من مصادر متعددة كالسوشيال ميديا ووسائل الإعلام ومنظومة الشكاوى الحكومية والجهات الأخري.
وأشارت إلى أن فريق التدخل السريع أطلقته وزارة التضامن الاجتماعى عام 2014 فى إطار تحقيق سرعة الاستجابة للأزمات والتدخلات العاجلة بمؤسسات الرعاية الاجتماعية من رصد تجاوزات وشكاوى ضد نزلاء تلك المؤسسات من الأطفال والمسنين أو التدخل لإنقاذ الأشخاص كبار السن والأطفال بلا مأوي، ويعمل الفريق المركزى من خلال أذرعه على المستوى المحلى الذين تم تدريبهم وتأهيليهم وفق أحدث برامج التدريب فى هذا المجال.
ومن ضمن مهامه أن الفريق من خلال المنظومة يهتم برفع قدرات وكفاءة أعضاء ورؤساء فرق التدخل السريع فى مجال مواجهة الأزمات، حيث تم تنفيذ البرامج والدورات التدريبية المكثفة، ومهارات التعامل مع العملاء والتعامل مع الضغوط، وحقوق الإنسان، كما تم تدريب أعضاء الفرق على التعامل مع جريمتى الاتجار فى البشر والهجرة غير الشرعية وذلك بالتنسيق مع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
تضيف مرسى أن فريق التدخل السريع منذ إطلاقه عام 2014 تعامل مع ما يقارب 37 ألف شكوى وبلاغ فى إطار تحقيق سرعة الاستجابة للأزمات والتدخلات العاجلة بمؤسسات الرعاية الاجتماعية من رصد تجاوزات ضد نزلاء تلك المؤسسات من الأطفال والمسنين أو التدخل لإنقاذ الكبار والأطفال بلا مأوي.
ويعمل الفريق المركزى من خلال أذرعه على المستوى المحلى وهم موظفون حكوميون أخصائيون اجتماعيون ونفسيون وعددهم 154 عضو سيدات ورجال تم تدريبهم وتأهيلهم وفق أحدث برامج تنفيذ التدخلات اللازمة وحل المشكلات السريعة.
أشارت د.مايا مرسى إلى أن عدد الأبناء المحرومين من الرعاية الأسرية بدور الرعاية 9019 ابناً وابنة بدور الرعاية والوزارة تشرف على 487 داراً للأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية.. موزعين ما بين 427 داراً و37 حضانة إيوائية و23 بيتاً صغيراً.
وفى القاهرة بحث فريق التدخل السريع الشكوى الواردة بوجود طفل بلا مأوى بمنطقة مؤسسة الزكاة ويدعى «ك.د» وتم التنسيق مع منظومة الشكاوى الحكومية ودخوله مستشفى جراحات اليوم الواحد، وتم إجراء إشاعة، وتم عمل تقرير طبى بوجود كسر مضاعف بالقدم اليمني، ويحتاج عملية لتركيب شريحة ومسامير، وبناء عليه تم إجراء عملية له بمستشفى الهلال الأحمر برمسيس، وبعدها تم نقله إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية، ومن خلال الإطلاع على متعلقات الطفل تبين وجود ما يشير إلى أنه من محافظة المنيا وبناء عليه تم تكليف فريق التدخل السريع المحلى بالمنيا بالبحث عن أسرة الطفل وتم العثور على أسرته، وتبين أنهم يبحثون عنه منذ أكثر من شهر وتم تسليمه لهم بعد تماثله للشفاء وخروجه من المستشفي.
كما قام الفريق فى الإسكندرية بالتعامل مع حالة طفل بلا مأوى بمنطقة العطارين ويدعى «ف.أ» 11 عاماً، وأفاد أنه من القاهرة، وتم إقناع الطفل بالانتقال إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية، وبناء عليه تم إيداعه بعد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتم نقله إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية بالإسكندرية.
وقام فريق التدخل السريع المحلى بدمياط بالتعامل مع حالة طفلة بلا مأوى بمنطقة الأعصر بجوار مدرسة المنتزه تبلغ من العمر 15 عاماً، والدها متوفي، والأم متزوجة من آخر، وتم الاتصال بوالدتها، ولكنها رفضت استلامها، وبناء عليه قام الفريق باتخاذ الإجراءات اللازمة وتم نقل الطفلة إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية بدمياط، بالإضافة إلى تعامل الفريق مع حالة طفلة بلا مأوى بقسم شرطة رأس البر تدعى «ج.م» 9 سنوات واتخاذ الإجراءات اللازمة واستخراج قرار النيابة وتسليم الطفلة إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية بدمياط.
كما قام الفريق فى سوهاج ببحث حالة طفلين بلا مأوى بداخل نفق مركز ومدينة جرجا وهما الطفل «ش.ع.م» 11 عاماً، وأخوه «ع.ع» 5 سنوات، حيث توجه مأمور الضبط القضائى بالفريق لتحرير محضر بشأن الطفلين والتوجه إلى سراى النيابة العامة، وتم تقديم تقرير مفصل بكون الطفلين معرضين للخطر، حيث إن والدتهما مطلقة، وتقوم بتنفيذ حكم بالسجن، وأن الأهل تخلوا عنها لوجود مشاكل أسرية، وليس لديهم عائل مؤتمن، عليه قام بإيداع الطفلين دور الرعاية الاجتماعية لتوفير كافة أوجه الرعاية لهما تنفيذاً لقرار النيابة.
ويقوم فريق التدخل السريع بتحقيق سرعة الاستجابة للأزمات والتدخلات العاجلة بمؤسسات الرعاية الاجتماعية من رصد تجاوزات ضد نزلاء تلك المؤسسات من الأطفال والمسنين أو التدخل لإنقاذ الأشخاص الكبار والأطفال بلا مأوي، وذلك عن طريق البلاغات الواردة من الخط الساخن للوزارة 16439 والخط الساخن لمنظومة الشكاوى الحكومية الموحدة برئاسة مجلس الوزراء 16528.
سقوط ٩٢ محترفًا بحوزتهم 104 أطفال فى شهر
«الداخلية» لهم بالمرصاد
تطهير الشوارع والميادين واقتحام «الثقوب السوداء» أسفل الكبارى
كتب ـ هانى سيد:
لم تكتف الدولة بحماية الأطفال بلا مأوى من مصيرهم الغامض فى الشارع، بل تحركت بكل حسم وقوة لمواجهة المافيا التى تستغل هؤلاء الأطفال، فالداخلية لا تتوقف عن حملاتها الناجحة للقبض على هؤلاء وإنقاذ الأطفال من إجرامهم، وخلال الشهور الماضية وجهت وزارة الداخلية من خلال أجهزتها الأمنية ضربات موجعة ضد محترفى التسول واستغلال الأحداث واستجداء المارة على كافة الطرق والشوارع والميادين كما اقتحمت خلال حملاتها المستمرة أوكار عرفت إعلامياً بالثقب الأسود وهى فتحات صغيرة أسفل الكبارى استخدمها المجرمون لممارسة نشاطهم الإجرامى وتمكنت من ضبط رجال وسيدات بعضهم مسجلين وبحوزتهم أعداد كبيرة من الأطفال الأحداث استغلوهم فى التسول وأعمال أخرى تخالف القانون واتخذت ضدهم كافة الإجراءات القانونية وتم تسليم الأطفال إلى ذويهم مع أخذ تعهد بحسن الرعاية وتسليم مجهولى الأهل إلى دور رعاية الأحداث..
ومن دفتر أحوال جهود الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية ضربات ناجحة ومؤثرة خلال شهر أغسطس المنصرف فى هذا الملف نذكر بعض منها.. فقد تمكنت الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث بقطاع الشرطة المتخصصة من ضبط «3 عاطلين، 3 سيدات» لـ 3 منهم معلومات جنائية لقيامهم باستغلال الأطفال الأحداث فى أعمال التسول واستجداء المارة وبيع السلع بطريقة إلحاحية بدائرة قسمى شرطة مدينة نصر أول وثالث بالقاهرة وبصحبتهم 19 حدثاً من المعرضين للخطر حال قيامهم ببيع السلع والتسول وبمواجهتهم اعترفوا بنشاطهم الإجرامي.
تم اتخاذ الإجراءات القانونية.. وتسليم المجنى عليهم لأهليتهم وأخذ التعهد اللازم عليهم بحسن رعايتهم والتنسيق مع الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إيداع من تعذر الوصول لأهليته لإحدى دور الرعاية.
وفى حملة أخرى تم ضبط «عاطلين، 4 سيدات» لهم معلومات جنائية لقيامهم باستغلال الأطفال الأحداث فى أعمال التسول واستجداء المارة وبيع السلع بطريقة إلحاحية بدائرة قسم شرطة مدينة نصر أول بنطاق محافظة القاهرة، وبصحبتهم «26 حدثاً» من المعرضين للخطر حال قيامهم ببيع السلع والتسول، وبمواجهتهم اعترفوا بنشاطهم الإجرامي.
ولم تمر سوى أيام قليلة وتم توجيه ضربة أخرى بضبط عاطل «له معلومات جنائية» لقيامه باستغلال الأطفال الأحداث فى أعمال التسول واستجداء المارة وبيع السلع بطريقة إلحاحية بدائرة قسمى شرطة «مدينة نصر أول وثان» بنطاق محافظة القاهرة، وبصحبته «19 حدثاً» من المعرضين للخطر حال قيامهم ببيع السلع والتسول، وبمواجهته اعترف بنشاطه الإجرامي.
سقوط مسجلين رجال ونساء
وفى ضربة جديدة تمكن رجال الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث بقطاع الشرطة المتخصصة من ضبط «12» شخصاً وسيدة من بينهم «8» لهم معلومات جنائية لقيامهم بنفس السلوك الإجرامى باستغلال الأطفال الأحداث فى أعمال التسول واستجداء المارة وبيع السلع بطريقة إلحاحية بدائرة قسمى شرطة الأهرام، الدقى بالجيزة، وبصحبتهم «15» حدثاً من المعرضين للخطر حال قيامهم ببيع السلع والتسول، وبمواجهة المتهمين اعترفوا بنشاطهم الإجرامى وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
ضربة المعادى والجيزة
وفى مدينة 6 أكتوبر بالجيزة وفى حى المعادى بالقاهرة تمكنت مباحث رعاية الأحداث بقطاع الشرطة المتخصصة من ضبط 14 شخصاً وسيدة «لهم معلومات جنائية» لقيامهم باستغلال الأطفال الأحداث فى أعمال التسول واستجداء المارة وبيع السلع بطريقة إلحاحية وبصحبتهم «16» حدثاً من المعرضين للخطر حال قيامهم ببيع السلع والتسول، وبمواجهة المتهمين اعترفوا بنشاطهم الإجرامى وتحرر محضر بالواقعة وتم عرضهم على النيابة العامة.
اقتحام وكر الثقب الأسود
ولم تكتف الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية بتطهير الشوارع والميادين من أرباب تلك الممارسات الإجرامية بل رصدت منشوراً مدعماً بمقطع فيديو تم تداولها بمواقع التواصل الاجتماعى تتضمن وجود فتحة أسفل أحد الكبارى يتردد عليها أطفال ونساء وشباب واتخاذها وكراً لاستغلال الأطفال فى أعمال التسول عرف إعلامياً بالثقب الأسود
بالفحص أمكن تحديد المكان المشار إليه بدائرة قسم شرطة الأهرام بالجيزة، وأمكن ضبط «20 شخصاً» لـ 7 منهم معلومات جنائية من ضمنهم 8 سيدات و5 أطفال وبحوزة 9 أشخاص منهم ٩ «قطع أسلحة بيضاء» لقيامهم باستغلال الأطفال الأحداث فى أعمال التسول واستجداء المارة وبيع السلع بطريقة إلحاحية بالمنطقة المحيطة بمكان ضبطهم وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.. والتنسيق مع الجهات المعنية لإغلاق الفتحة المشار إليها، واتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إيداع الأطفال بإحدى دور الرعاية.
ومازالت جهود وزارة الداخلية مستمرة والضربات القاسمة مستمرة للقضاء على كافة الممارسات الإجرامية بشتى أشكالها.
القومى للبحوث الاجتماعية:
توفير مجالات عمل تناسب قدراتهم وتستوعب طاقاتهم
كتبت – غادة عبدالرافع:
أكثر من 90 % من أطفال الشوارع هم ضحايا التفكك الأسرى وهذا ما يؤكده الدكتور فتحى القناوى – أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومى للبحوث الجنائية قائلا: قضية أطفال الشوارع والأطفال بلا مأوى من القضايا الهامة التى تتعلق بأمن وأمان الدولة فى المقام الأول فهم مجرمو الغد والمنتج الهادم للبلاد ما لم يتم استيعابهم وعلاجهم وتقويمهم وتوفير بيئة آدمية بديلة تلبى احتياجاتهم كالأطفال الآخرين وتعليمهم لتوفير مجالات عمل شرعية تناسب قدراتهم وتستوعب طاقاتهم.
فقد يكون طفلا ناقم على معيشته نتيجة لتفكك أسرى أو عنف يمارس عليه من قبل ذويه أو فقر شديد , ومن ثم فهو ناقم على المجتمع ويعتبره ظالما فيهرب إلى الشارع وقد يكون طفلا بلا مأوى فيصير ناقما أكثر على من يتمتع بمأوى آمن وبالتالى يحملون شرورا يجب معالجتها وأولى الخطوات توفير مأوى آمن لتتم معالجتهم ليصبحوا أطفالا طبيعيين لا خطرعليهم أو منهم ومن ثم فدور رعاية الأحداث هى المنوطة باحتوائهم ورعايتهم.
ويضيف القناوى : تتم إعادة الأطفال لذويهم فى حال كانت البيئة مناسبة تتوفر فيها حقوقه وصالحة لإنبات طفل سوى نفسيا واجتماعيا أما فى حال بيئة الأهل غير الصالحة فيتم توفير أخرى بديلة مناسبة.
ويطالب بضرورة التوسع فى الاعتماد على مؤسسات ومنظمات المجتمع المدنى ورجال الأعمال كمصدر تمويل مستمر وآمن لإنشاء دور أحداث جديدة تستوعب الأعداد الموجودة وتوفر لهم الامكانيات والبيئة المناسب، فى ظل التزايد السكانى المستمر والتى لا يمكن للقطاع الحكومى بامكانياته المحدودة تغطيها شريطة أن يتم ذلك تحت إشراف المؤسسات الحكومية المعنية وتحت اشراف طبى واجتماعى لحماية الأطفال من التلاعب بهم واستخدامهم فى أعمال غير مشروعة كتجارة الأعضاء والتسول والسرقة والدعارة وغيرها.
ويؤكد المستشار أيمن محفوظ – المحامى بالنقض – أن أطفال الشوارع يمثلون قنبلة موقوتة بشوارع مصر قد تؤدى لكارثة وقد تم استغلالهم بالفعل من قبل جماعات الإرهاب والفكر المتطرف فى نشر الفوضى والتدمير تحت شعارات مغلفة بالوطنية ولهذا الخطر الداهم فى شوارع مصر كان على الدولة أن تتخذ خطوات قانونية ومؤسسية لحماية الأطفال معدومى المأوى المعروفين بـ»أطفال الشوارع» مستندة على الدستور المصرى ، وقوانين الطفل ، والاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حقوق الطفل.
ولكن القانون المصرى يخلو من مصطلح «أطفال الشوارع» كفئة قانونية منفصلة ، ويتم التعامل معهم على أنهم «أطفال معرضون للخطر» أو «أطفال بلا مأوي» وتعتمد الدولة فى رؤيتها على اعتبارهم ضحايا لظروف مجتمعية صعبة ، وليسوا مجرمينز..أوضح أن الوزارة خصصت خطًا ساخنًا (16439) لتلقى بلاغات المواطنين عن حالات الأطفال أوالكبار بلا مأوى ، بالإضافة للإبلاغ عن أية انتهاكات داخل مؤسسات الرعاية.
لاتنسونا
حكايات من دفتر الألم
كتبت: شيماء رشيد – إيمان عبدالقادر
فى جولة بوسط البلد رصدت الجمهورية تواجد عدد كبير من ضحايا التفكك الأسرى من أعمار متفاوتة يحتلون تحت الكبارى وأمام المحال التجارية وعلى الأرصفة.. هؤلاء الأطفال قادهم حظهم العثر لقضاء أيام عصيبة بدلا من الاستمتاع بطفولتهم البريئة ليجدوا أنفسهم بدلا من ذلك فى مواجهة مصاعب الحياة باحثين عن لقمة العيش يقضون يومهم فى الشارع وبعضهم يبيتون بلا مأوى نائمين على الأرصفة أمام المحال المغلقة بعضهم يمتهن مهنة بسيطة لتوفير قوت يومه ومحاولة توفير أى مبلغ بسيط لمساعدة أهله والبعض يحترف التسول بأشكاله المختلفة لاستعطاف المارة للتصدق عليهم بأى شيء من المال أو الطعام.
حكايات من قلب الشارع
بدأت منة بنت ال 9 أعوام حديثها عن يومها الطويل قائلة: «بنسترزق على باب الله أنا وابن اختي». حيث نستيقظ من الساعة السابعة صباحا ونستعد لقضاء يوم طويل ما يقرب من 10ساعات نفترش الرصيف تحت أحد الكبارى فى حر الصيف وبرد الشتاء نعرض بضاعتنا البسيطة من أكياس المناديل فهى مجرد فرد ضمن أسرة مكونة من 7 أفراد تركها عائلها الأساسى « الأب « بعد الطلاق بسبب مشاكل ونزاعات أسرية لتواجه متاعب الحياة هى وأخوتها فلجأت منة إلى الشارع هربا من ضجيج البيت وتعرفت على الكثير من أقرانها من الأطفال فى نفس عمرها ونفس مهنتها منهم من يجلس بجوارها فى نفس الشارع والبعض يأتى فى ورديات مسائية.
أما عمر فهو طفل صغير لم يتجاوز العاشرة من عمره ويقول إن أباه وأمه إنشغلا عنه فى جمع المال فقرر اللجوء للشارع ليسكن تحت أحد الكبارى وسط زحام المارة والسيارات يعانى الجوع ولا يجد ما يقيه برد الشتاء أو حر الصيف ليمارس التسول من أجل لقمة العيش وبسؤاله عن أمنية حياته كان رده : «حلمى أتعلم القراءة والكتابة ونفسى أكون دكتور» أنا نفسى أعيش كباقى الأطفال وسط بيت هاديء وأب وأم يلبيان احتياجاتي.
وتروى زينب التى لا تتجاوز الـ 12 عاما قصتها المؤلمة قائلة أنا هنا فى الشارع كل يوم وسط الحرامية واحد يضربنى ، واحد يشتمنى ، وواحد ممكن يدينى أكل أو فلوس ، الشارع هو بيتى و هو سجنى لأن والدتى مريضة سكر وأنا بسترزق لكى أوفر لها حقنة الأنسولين ، وأبى فى السجن بسبب مشاجرة أدت إلى حبسه 7 سنوات.
العنف والتفكك الأسرى.. وراء الأزمة
كتبت – رشا أحمد:
كشف خبراء النفس والاجتماع أن أصابع الاتهام تشيرا إلى أن التفكك الأسرى أكثر خطورة وتأثيرا على الأطفال الذين نزحوا إلى الشارع هروبا من كيانات أسرية هشة يسودها العنف وتفتقد الاستقرار والترابط الأسرى ليكون نتاجها أطفالاً لديها ميول انحرافية وسلوكية تنذر بتفشى العنف والجريمة، كما يشكل الجهل وانعدام الوعى والزيادة السكانية أسباباً أخرى من شأنها الدفع بالأطفال إلى الشارع والسقوط فريسة سهلة للاستغلال والإتجار بهم لافتين إلى المسئولية المشتركة بين الأسرة والدولة للحد من الظاهرة من خلال تبنى سياسة تثقيفية لنشر الوعى وعمل المبادرات التى تستهدف تنظيم الأسرة مع توفير الدعم النفسى والاجتماعى لهؤلاء الأطفال للعودة إلى حياة طبيعية داخل الأسرة لا الشارع.
يوضح الدكتور جمال فرويز- استشارى الطب النفسى – أن ظاهرة أطفال الشوارع تعد من أخطر القضايا الاجتماعية وتمثل تهديدا مباشرا للأمن المجتمعى . هؤلاء الأطفال الذين هم نواة المستقبل، وجدوا فى الشارع مأوى لهم بعد فقدان البيئة الأسرية الآمنة وغياب الاحتواء النفسي..ويؤكد أن التفكك الأسرى أحد الأضلاع الأساسية لأزمة أطفال الشوارع ، حيث يفقد الطفل الرابط الأسري، خصوصًا إذا كان مصحوبًا بالعنف والقسوة ورفض المجتمع المحيط. هنا، يتسرب الطفل إلى الشارع ليصبح فريسة سهلة للاستغلال، ومع الوقت قد ينخرط فى عالم الجريمة والانحراف السلوكى .
يشير فرويز إلى أن نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال نتاج الفقر والجهل وغياب الثقافة ، إذ أن كثيرًا منهم أبناء لآباء متزوجين أكثر من مرة ، لا يعرفون حتى عدد أبنائهم وبعض الأسر تدفع عمدًا أطفالها إلى الشارع بحجة إعانتهم ماديًا عبر التسول أو العمل فى مهن شاقة كجمع القمامة ويحذر من تحويل الشارع إلى «مدرسة سلوكية منحرفة»، حيث يكتسب الطفل أنماطًا خطيرة مثل الكذب والسرقة وتعاطى المخدرات، فضلًا عن تعرضه للاستغلال النفسى والجسدي.
يشير د. فرويز إلى أن الزيادة السكانية هى الضلع الثالث فى مثلث الأزمة. ويطالب بتعزيز مفهوم الأسرة الصغيرة وتحديد عدد معين من الأطفال تتحمل الدولة مسئولية رعايتهم ، بينما يقع العبء الكامل لما فوق هذا العدد على رب الأسرة من استمرار الفجوة بين الخدمات التعليمية والصحية المقدمة وحجم الطلب الناتج عن الانفجار السكاني.
نتائج بحثية صادمة
تكشف الدكتورة سامية خضر – أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس – عن نتائج بحث ميدانى استمر خمس سنوات ، مؤكدة أن الأسرة هى المتهم الأول فى هروب الأطفال إلى الشارع
وتختتم خضر قائلة : إن أطفال الشوارع يعانون من اضطرابات نفسية حادة نتيجة الحرمان من الرعاية والتعليم ، مما يولد لديهم مشاعر غضب وعدوانية وأن كثيرًا منهم يلجأ إلى المخدرات كوسيلة للهروب من واقعهم القاسى ، لتزداد حدة الاضطرابات مع التعرض للعنف والاستغلال المتكرر , ومن هنا تبرز أهمية إعادة إدماج الأطفال فى المجتمع من خلال مراكز متخصصة للتأهيل والتعليم , وتوفير فرص عمل مناسبة لهؤلاء الأطفال بعد تدريبهم ويفضل فى المناطق النائية بعيدًا عن بيئة الشارع , إلى جانب تفعيل برامج التوعية الأسرية لمواجهة العنف والتفكك الأسرى , مع أهمية الحد من الزيادة السكانية عبر حملات إعلامية توعوية كالتى كانت تتبناها الإذاعة من خلال برامج «إلى ربات البيوت» و»كلمتين وبس» وغيرها، مع إمكانية ربط الدعم الحكومى بعدد محدود من الأبناء.
