السر فى حل كل هذه المشاكل هو كيفية الوصول لضحايا هذه الأمراض برسائل مقنعة ونافعة
عندما طلب مقابلتى فى مكتبى بالجريدة وكنت وقتها أعمل فى دولة الإمارات العربية المتحدة وبالتحديد فى العاصمة أبوظبى، ترددت كثيراً، فهو ـ كما قدم لى نفسه ـ يعمل مديراً لعلاقات اتصالات التسويق فى واحدة من أكبر شركات الأدوية العالمية، وهى شركة بريطانية رائدة فى إنتاج الكثير من الأدوية، مثل المضادات الحيوية واللقاحات الواقية من الكثير من الأمراض الخطرة، والمشهورة بشكل أساسى فى صناعة أدوية «الأزما» التنفسية أو الربو.. ولم يكن سبب ترددى هو غرابة الموقع الوظيفى الذى يشغله، ولكن لموقف خاص ترسخ عبر سنوات مهنية عديدة تجاوزت الربع قرن، من شركات الدواء العالمية، التى تحتكر الدواء، التى تتحكم فى صحة البشر، التى توفر الأدوية الجديدة بأسعار تفوق قدرة الفقراء، وما أكثرهم فى العالم، ترتبط فى ذهنى بمرض الإيدز الذى حصد الملايين فى افريقيا بسبب العجز عن توفير الدواء الباهظ الثمن الذى تحتكره شركات محدودة فى العالم، وأسباب وحيثيات أخرى كثيرة لا مجال لذكرها الآن.
ترددت فى مقابلة ممثل الشركة العالمية ولكنى فى النهاية وافقت من باب حب الاستطلاع لأعرف ما عنده.. وبعد تعارف قصير، انطلق زائرى.. وهو صيدلى، فى الكلام بلا توقف، أكد فى البداية انه لا يبحث عن دعاية لأى من منتجات الشركة التى يعمل بها ولا حتى لاسم الشركة لأن هذا ممنوع قانوناً والأهم ممنوع أخلاقياً.. قال إنه جاء باحثاً عن مشورة إعلامية، محورها كيفية توصيل المعلومات الطبية التثقيفية المبسطة لمرضى الربو بالتحديد حول طرق التعامل مع «الازما»، حول طرق تجنبها، حول وسائل اكتشاف البدايات أو العلامات الأولى المبكرة جداً لها والتصرف بالشكل الذى يحول دون تحولها إلى «ازما» حادة تستوجب نقل المريض إلى قسم الطوارئ وإخضاعه لبرنامج علاجى مكثف.
حديثه أطلق لذاكرتى العنان، هذا المرض المؤلم يرتبط بمواقف شديدة الصعوبة، على المستوى الشخصى، عانت عمتى «رحمها الله»، منه سنوات طويلة قبل أن تموت بسببه منذ أكثر من خمسين عاماً، ومات به عمى أيضاً بعد أن أمضى آخر ثلاث سنوات من عمره «زبونا» دائماً فى قسم الأمراض الصدرية بمستشفى الدمرداش التابع لكلية طب جامعة عين شمس قبل حوالى 28 عاماً، واعرف أن الكثير من المشاهير ماتوا بسببه مثل الموسيقار الراحل رياض السنباطى والموسيقار الراحل سيد مكاوى وغيرهما.
معلوماتى تؤكد أن علاج الحساسية التنفسية أو الربو، شهد تطوراً مذهلاً خلال السنوات القليلة الماضية، وأن المريض يستطيع أن يعيش شهوراً وربما سنوات دون أن تدهمه أعراض الازما الحادة، ولكن ـوهنا وجدتنى اتفق مع زائرى الصيدلى..ـ قليلون جداً من يستفيدون من هذا التقدم.. قال محدثى إن الكثيرين من مرضى الحساسية لا يعرفون ذلك ويعتبرون المتاعب التنفسية التى يعانون منها أمراً طبيعياً، قال إن بعض المرضى لا يراجعون الطبيب لسنوات عديدة مكتفين بتكرار صرف الأدوية الموصوفة لهم رغم أن بعضها أصبح قديماً جداً أو على وشك السحب من الأسواق لظهور بدائل أفضل وأكثر فاعلية.. سألنى كيف نصل إلى هؤلاء؟.. كيف نضعهم على أول الطريق الصحيح لتجنب الأزمات والمتاعب؟.
نهاية اللقاء لم تكن كبدايته، اعترف أن خطورة المشكلة ونبل الهدف خففا إلى حد ما من موقفى المسبق، هناك مشكلة، بل مشاكل، الربو إحداها، والسكر وارتفاع ضغط الدم والبدانة بعضها، ومفتاح السر فى حل كل هذه المشاكل هو كيفية الوصول لضحايا هذه الأمراض برسائل مقنعة ونافعة.