الحلاقة حرفة عريقة تعود للعصر الفرعوني.. مهنة جماهيرية زبائنها من مختلف الأعمار.. ليست مجرد قص شعر أو تهذيب لحية.. هى فن الأناقة والمظهر الجذاب. ورغم الكثير من الحرف التى اختفت إلا أن الحلاقة استمرت بل وانتشرت مع تطور الحياة وازدياد الاهتمام بالموضة والمظهر.. بفضل إقبال الشباب على دخول المجال، يحملون راية التطور والإضافة وتعتبر الآن مشروعا شبابيا مضمون المكسب.
تغيرت الصورة النمطية التى رسمتها الدراما للحلاق.. الرغاي.. تقيل الظل أو المتكبر على طريقة «حلاق السيدات» أو «حلاق الصحة» فى ثوب الحكيم الآن هو صاحب صالون تجميل.. مؤهل ومدرب – خريج أكاديمية متخصصة فى المهنة وأصولها من الألف إلى الياء.
«يلا شباب» قامت بجولة للتعرف على حرفة تعتمد على الأصابع الذهبية والأفكار الابتكارية معا بتوازن ملحوظ.
أكاديمية للتدريب.
بداية رحلة الإنقاذ لجوء الشباب إلى تعلمها فى أكاديميات متخصصة تقدم المنهج والتدريب وتفتح الطريق للمشروع الخاص، محطة البداية مع أحمد شوقى بكالوريوس تجارة وصاحب أكاديمية وصالون حلاقة بحدائق المعادى والذى يؤكد أن الحرفة تحتاج إلى تدريب، فمن خلال الأكاديمية يتم تأهيل وإعداد الشباب على أرض الواقع ونهتم بالتعامل مع العملاء نظير مقابل رمزى ويحصل المتدرب على شهادة معتمدة. يضيف أن الهدف خلق فرص عمل وتعليم أصول الحرفة لتكون مصدر دخل ومشروع المستقبل..
والدورة من 24 محاضرة ومدة المحاضرة 6ساعات نظرى وعملى تبدأ من مسك المقص إلى كيفية استخدام الماكينة والموس والفتلة و«الاستشوار» و«البيبى ليس» وتتوسع إلى فرد الشعر «بروتين – كرياتين – كولاجين» وتنظيف وعلاج البشرة وتصل إلى تجهيز العريس ليكون الحلاق جاهزا لكل المهام.
ومن خريجى الأكاديمية كيرلس سمير: الذى أحب الحرفة وأراد ان يتعلمها من خبير وليس أى صالون وبعد نجاحه فى الاختبار يستعد لمشروعه الخاص.
مهند سعيد – بكالوريوس تجارة عين شمس – يهوى العمل الحرفى وبحث كثيرا ليتعلم الحرفة المناسبة ووجد فى الحلاقة ما يريد وعليها إقبال شديد من كل الفئات مع تطور قصات الشعر.
اختار أن يدخلها من باب التدريب.. نواة لمشروع مربح.. تكلفته غير باهظة وبعد أن تعلم بالأكاديمية التحق بعدة صالونات لاستكمال التدريب العملى واكتساب الخبرة لكن هدفه – من البداية – المحل الخاص وبالفعل حصل على قرض من أحد البنوك واستاجر محلا فى مكان مميز وجهزه بأحدث الديكورات واستخدم الأدوات العصرية التى اجتذبت الشباب والأطفال.
حسام الدخاخنى «موظف» ومسئول عن أسرة من 4 أفراد، دخله الشهرى لا يكفى متطلبات أسرته ففكر فى تعلم حرفة تدر له دخلا إضافيا وتسمح بمواعيد عمل مرنة ووجد غايته فى الحلاقة ومع اجتياز الدورة استعد لصالونه الخاص بقرض وتشترى أدوات التشغيل من متخصصين وبالقسط المريح ويعتبر الحرفة «وشها حلو» بعد أن لمس تحسناً لأحواله المعيشية.
اسأل مجرب
مازال البعض يفضل الطريقة القديمة فى التعلم المباشر من الأسطي.. هذا ما فعله سعد نصار-دبلوم تجارة- من مركز بيلا كفرالشيخ الذى تعلم من عمه صاحب محل صغير بالبلد خلال الإجازة الصيفية ليلتقط أسرار الحرفة وبدأ يمارسها بل وأصبح صاحب عدة محلات بالجيزة.. يشير إلى أنها حرفة مربحة لا تحتاج إلى رأس مال وفير فى البداية بشرط امتلاك الحس الجمالى والذوق الرفيع ومهارة التحكم الدقيق فى الأدوات المستخدمة مثل الشفرات الحادة وماكينات الحلاقة.
يرى أن الحرفة تشهد تطورا فى الأدوات والصيحات باستمرار لذلك لابد من ملاحقة هذا التطور وبحكم خبرته ينصح بالتخطيط للمشروع الخاص بدءا من مساحة المحل وموقعه ولا يشترط المساحة الكبيرة أو الحى الراقى المهم أن يكون قريب من المناطق الكثافة السكانية حيث شرائح الزبائن المحتملين وأقل مساحة 20 مترًا مربعًا ، لتضمن خدمة أكثر من زبون فى نفس الوقت مع اختيار الألوان الفاتحة لتعطى شعورا بالاتساع والراحة والاهتمام بالإضاءة واللوحات والنباتات وكل ما يضيف الجمال للمكان بما يساعد على الأداء المطلوب ويهتم بتجهيز أدوات ومعدات أولية ولا تنسى جرائد ومحلات بجوار كراسى الانتظار.
يحدث فى الريف
وإذا كانت هذه صورة الحرفة بوجهها الجديد.. بالمقابل نبحث عن الشكل التقليدى القديم
يقول محمد زكريا «65 سنة» من إحدى قرى سيدى سالم – صاحب صالون للحلاقة – تعلم الحرفة منذ الصغر وسافر إلى الخارج ليعمل حلاقا ويعاصر أجيالا وأحداثا كثيرة موضحا حرصه على تثقيف نفسه أولا بأول ومواكبة تطورات الحرفة من معدات جديدة وقصات مبتكرة لذلك يستطيع رغم قِدم عمره فى الحرفة أن يلبى أذواقاً مختلف الأعمار من الكبار إلى الشباب.
يشير إلى أن أسعار الحلاقة فى الريف أقل كثيرا من المدن ويعوضها علاقة صداقة لصاحب المحل مع زبائنه ويعتبرهم من أهله.
حلاق الصحة وصل
حلاق الصحة هو الوجه الآخر للحرفة، بدأ فى الانقراض لكننا قابلناه بالدقهلية: عبدالنبى سلامة – 66 سنة – يناديه الأهالى «الدكتور» ورثها عن جده وكان يقوم باعطاء الحقن ومعالجة الجروح وطهارة الأطفال وغيرها من العلاجات البدائية قبل سنوات طويلة بالإضافة الى عمله الأصلى «الحلاقة لكل أفراد الأسر كباراً وشباباً واطفالاً والذهاب الى أماكن سكنهم او عملهم فى الاراضى بحقيبته المتنقلة مقابل أجر يحصل عليه مع حصاد المحصول عبارة عن قرش صاغ ثمن حلاقه شعر وذقن. واصل سلامة عمل جده من خلال أدوات بسيطة: موس حلاقة وماكينة ومقص يقوم بـ «سنهم» عند متخصص كل عدة أيام. لافتا أن أيام حرفته قد ولت فمحله الصغير لا ينافس صالونات حلاقة يعمل بها شباب مثقف – على حد قوله – والعلاجات التى يقدمها تلاشت لاتجاه الأهالى للأطباء المتخصصين.
شهادة خبير
يعلق نبيل واصف اخصائى بمركز تجميل مؤكداً أن الحرفة شهدت تحولًا هائلًا بفضل الابتكارات والتقنيات الحديثة لتصبح رمزًا للراحة والأناقة الشخصية التى تتماشى مع احتياجات الرجل العصري.
وينوه انه فى العصور القديمة استخدم الحلاقون الأدوات البسيطة مثل المقصات والموس الحاد وكلها أدوات تعتمد على مهارة الحلاق التى تكتسب مع الخبرة وكانت أغلب المحلات صغيرة أقرب للأكشاك ولا تعتمد تقنيات أو خدمات معقدة بعيدا عن إزالة الشعر وتنظيف الوجه.
ومؤخراً، ظهرت آلات الحلاقة الكهربائية تعمل بدقة وكفاءة مقارنة بالأدوات اليدوية التقليدية وأيضا شفرات الحلاقة ذات التصميمات المتطورة التى توفر راحة أكثر للزبائن وتقليل احتمالية الجروح. مع اعتماد الآلات متعددة لتصفيف الشعر وإزالة الشعر الزائد من الوجه.
وحاليا يستخدم الحلاقون أحدث التقنيات والابتكارات مثل الليزر لإزالة الشعر غير المرغوب فيه والحلاقة بالبخار، لفتح المسام وتجهيز البشرة قبل عملية الحلاقة للحصول على نتيجة أفضل اكد وتعددت خدمات صالونات الحلاقة لتشمل العناية بالبشرة، وتدليك الوجه، وعلاج الشعر، بالإضافة إلى توفير منتجات عناية بالبشرة والشعر الخاصة بالرجال.. كل هذا التطور يعكس اهتمامًا متزايدًا بالعناية الشخصية والرفاهية..
ويلاحظ أن الحلاقة ستظل ضمن الطقوس اليومية بالبيوت..
وأشار واصف أن أحدث الصيحات الحلاقة الرقمية التى تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعى لتخصيص قصات الشعر وفقًا لملامح وجه الشخص.
مما يمنح العملاء تجربة فريدة وأكثر تخصيصًا كما تواصل الخدمات المتنقلة النمو، حيث يمكن للزبائن الحصول على خدمة الحلاقة فى أى مكان يناسبهم.
مشروعك أمامك
وللراغبين فى العمل بهذا النشاط من شباب المحافظات نوضح أن برنامج مشروعك التابع لوزارة التنمية المحلية،، يقدم قروضا ميسرة بفائدة 5 ٪. لتمويل مشروعات تحتاجها القرى ومن بينها فتح صالونات للحلاقة سواء رجال أو سيدات بما يساهم فى التخفيف من حدة البطالة.
وفى كفر الشيخ على سبيل المثال 12 فرعا لمشروعك بمراكز ومدن المحافظة، تستقبل الراغبين فى الحصول على قروض ميسرة، بتوجيهات اللواء دكتور علاء عبد المعطى محافظ كفر الشيخ، وإشراف الدكتورة عفاف عاشور، مدير إدارة مشروعك.