قال الدكتور جمال سوسة، رئيس لجنة قطاع الدراسات البيطرية بالمجلس الأعلى للجامعات، إن مصر تسير بخطوات متقدمة على مستوى تطوير مهنة الطب البيطري، موضحًا أن قطاع الدراسات البيطرية بالمجلس الأعلى للجامعات، التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، يعمل في إطار الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي التي أُطلقت في مارس 2023، والتي تقوم على سبعة مبادئ رئيسية هي: التكامل، والفاعلية المشتركة، والتواصل، والاستدامة، والمرجعية الدولية، والابتكار، وريادة الأعمال، مؤكدًا أن هذه المبادئ تعد الركائز الأساسية التي تستند إليها جميع خطط القطاعات الأكاديمية، ومنها قطاع الدراسات البيطرية، بما يتسق مع رؤية مصر 2030.
ووجَّه سوسة، خلال كلمته في الملتقى الأول للنقباء العرب وعمداء ومسؤولي الطب البيطري بالمنطقة العربية، الذي انطلقت فعالياته اليوم الاثنين 29 سبتمبر 2025 بجامعة المنصورة، تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، الشكر إلى الدكتور مجدي حسن، نقيب الأطباء البيطريين المصريين والعرب، مشيدًا بحماسه الكبير وحرصه على النهوض بمهنة الطب البيطري، قائلًا: “الدكتور مجدي له باع طويل في خدمة المهنة، ويملك حَمِيَّة صادقة نحو تطويرها، وهو ما يدفعنا جميعًا للعمل بخطى سريعة نحو تحقيق طموحات الأطباء البيطريين”.
وكشف سوسة أن القطاع قام بمراجعة شاملة للوائح كليات الطب البيطري في مصر، بعد أن تبيَّن وجود اختلافات بين المناهج داخل الجامعات المحلية نفسها، فضلًا عن تفاوتها مع مناهج الدول العربية، وقال: “عملنا على إعداد إطار مرجعي استرشادي موحد للقطاع، واعتمدنا أُطُرًا ثابتة تُلزِم الكليات بالالتزام بها، مع منحها مساحة مرنة بنسبة 10 – 20% لتضمين خصوصية كل جامعة وفق نطاقها الجغرافي واهتماماتها البحثية”، موضحًا أن هذا التوجه يهدف إلى تخريج طبيب بيطري يمتلك مهارات ومعارف معتمدة محليًا وإقليميًا ودوليًا.
وأضاف أن القطاع استقر مؤخرًا على مقترح لائحة موحدة للطب البيطري على مستوى مصر، تشمل عدد الأقسام والمقررات الأساسية، مع السماح بنسبة تميز لكل كلية، وتابع: “الهدف أن يكون الخريج المصري قادرًا على العمل في أي دولة عربية أو أجنبية، بفضل وجود معيار مرجعي دولي (بنش مارك) يضمن الحد الأدنى من المتطلبات الأكاديمية والعملية”، لافتًا إلى أن العمل جارٍ لتوحيد المناهج واللوائح بين الدول العربية بما يحقق التنسيق المهني والإقليمي.
كما تناول سوسة مسألة مدة الدراسة، مشيرًا إلى أن لجنة القطاع تقدمت بمقترح لتعديل النظام الحالي البالغ ست سنوات، ليصبح خمس سنوات دراسة وسنة تدريب امتياز إجبارية مدفوعة الأجر بواقع 2500 جنيه شهريًا، أسوة بما هو مطبق في باقي التخصصات الطبية، وقال إن هذا التعديل سيمنح الخريج شهادة أكاديمية بعد خمس سنوات، إلى جانب عام تدريبي معتمد يعزز خبراته العملية.
وفيما يخص قانون مزاولة المهنة، أوضح سوسة أنه منذ صدوره عام 1954 لم تَطْرَأْ عليه تعديلات جوهرية، وهو ما استدعى التحرك نحو مراجعته وتطويره بما يتناسب مع احتياجات المهنة، وأضاف أن لجنة قطاع الدراسات البيطرية انتهت بالفعل من إعداد مقترحات تعديل القانون، وتم رفعها للمجلس الأعلى للجامعات تمهيدًا لعرضها على مجلس الوزراء، مشيرًا إلى أن هذا التطوير يمثل نقلة نوعية للأطباء البيطريين في مصر.
وأكد سوسة أن المجلس الأعلى للجامعات يدرس حاليًا مقترحًا لإعداد قانون موحد للقطاع الصحي في مصر يضم جميع التخصصات الطبية بما فيها الطب البيطري، وهو ما يعزز تكامل المنظومة الصحية الوطنية، وتابع: “نسعى أيضًا إلى توحيد معايير مزاولة المهنة على المستوى العربي، بحيث يصبح ترخيص مزاولة المهنة الصادر من مصر معترفًا به في الدول العربية الأخرى، والعكس صحيح، الأمر الذي سيمنح الطبيب البيطري قيمة أكبر وفرص عمل أوسع”، موضحًا أن هذه الخطوة ستتم بالتنسيق مع اتحاد الأطباء البيطريين العرب.
ولفت سوسة إلى إدخال الطب البيطري لأول مرة ضمن المجلس الصحي المصري تحت مظلة وزارة الصحة، مؤكدًا أن ذلك يمنح المهنة مساحة أكبر للتأثير، خاصة مع تشكيل لجان متخصصة مثل لجنة الدلائل الإرشادية التي أعدت دليلًا استرشاديًا موحدًا للتدخلات البيطرية الإكلينيكية، ولجنة البورد المصري التي تضع معايير متقدمة لمنح تراخيص مزاولة المهنة.
وأكد أن كل هذه الجهود تصب في هدف واحد، وهو تخريج طبيب بيطري مؤهل علميًا ومهنيًا، قادر على المنافسة في سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي، ومواكب لمتغيرات العصر، وقال: “نحن نعمل على بناء منظومة متكاملة تعزز مكانة الطبيب البيطري وتمنحه حقوقه كاملة، ليكون شريكًا فاعلًا في خدمة المجتمع وصحة الإنسان والحيوان معًا”.