خبراء: السيسى حـدد أولـويات الدولـة بوضـوح وشـفافية

من القضية الفلسطينية والأوضاع فى المنطقة إلى الأحوال الداخلية اقتصادياً وأمنياً، جاءت رسائل الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال جولته بالأكاديمية العسكرية أول أمس لتوضح الكثير من الحقائق وترسم أمام المصريين موقف الدولة بوضوح وصراحة فى كافة القضايا المطروحة.
تحدث الرئيس مخاطباً المصريين ليحدد مسار الدولة وأولوياتها بل ولفت إلى كيفية اتخاذ القرار ليطمئن الجميع إلى أن الأمور لا تدار بعشوائية بل كل قرار محسوب، وكل خطوة مدروسة وكل توجه له غاية وطنية.
بشفافية تامة ووضوح جاءت رسائل الرئيس سواء حول موقف مصر من القضية الفلسطينية كجزء من الأمن القومى المصرى أو المساعدات التى تحرص على أن تصل إلى غزة وبكميات تكفى احتياجات أهل القطاع أو العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك محاولات البعض للزج بمصر فى حروب لاستنزافها، وصولاً إلى الملفات الداخلية من الاقتصاد الذى يتحسن رغم الظروف المحيطة بنا إقليمياً أو الأمن الذى أصبح مطمئناً رغم التحديات الكثيرة التى تواجهنا.
كان الرئيس حاسماً فى طمأنة المصريين بأن بلدهم فى أمان ولن يستطيع أحد أن يلحق به الأذي، مشدداً على الوعى الشعبى كسلاح مهم تواجه به الدولة كل التحديات والمخاطر.
الرئيس قالها بوضوح أنه يراهن دائماً على وعى المصريين خاصة فى ظل ما يحيط بنا من مخاطر.
كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى أثارت ردود أفعال واسعة بالداخل والخارج حيث اعتبروها رسائل قوية.
أكد الدبلوماسيون وأساتذة العلوم السياسية والاقتصاديون أن كلمة الرئيس اتسمت بالمصارحة والتأكيد على وحدة الصف الوطنى وأن الوعى الشعبى هو خط الدفاع الأول وأن أمن الوطن مسئولية كل مواطن.
أشاروا إلى أن الرئيس أكد حرص مصر على إدخال المساعدات الإنسانية للأشقاء فى فلسطين مع الحفاظ على أرواح المصريين أيضاً، مثمناً جهود الرئيس الأمريكى لإيقاف الحرب فى غزة والحرص الشديد فى سبيل تحقيق ذلك.
أشادوا بكلمة الرئيس ودعمه لمختلف المنابر المجتمعية من إعلام ومساجد وكنائس إلى الاضطلاع بدورها فى تحقيق التغيير المنشود مشدداً على أهمية صلابة المصريين المبنية على الوعى والفهم للصمود، وأن مصر بلدنا جميعاً ليس لأحد فيها أكثر من الآخر وجميعناً سواء.
أكد الخبراء أن السيد الرئيس ركز فى كلمته الجامعة الشاملة أن مصر خلال العامين الماضيين بذلت جهوداً جبارة كى لا تتوسع الحرب فى غزة وتؤدى إلى عواقب وخيمة على المنطقة بالكامل، وأن مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين وأن الأوضاع التى نتجت عنها أحداث السابع من أكتوبر حتى اليوم بها تقدير سليم وآخر غير سليم، وأننا لا نتأخر على أحد وشعبنا عصى على الإيذاء.
السفير محمد العرابى وزير الخارجية الاسبق ورئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية قال أن حديث السيد الرئيس بشأن الثقة فى قدرة الرئيس الامريكى دونالد ترامب على انهاء الحرب، مبنى على النظرية الواقعية فى السياسة حيث تنظر الى الواقع الموجود على الارض وعناصر القوة التى يمكن ان تغير هذا الواقع ومن الذى لديه القدرة ليستطيع ان يقدم حلولاً ناجزة على الأرض.
أضاف العرابى ان الأحداث الاخيرة واللقاء الذى تم مؤخرا بين الرئيس الامريكى وبعض القادة من الدول العربية والاسلامية بنيويورك فيه قدر من التحرك الايجابى، مشددا على ان القضية الفلسطينية تقوم على محورين اساسيين وهما الارض والشعب وبالتالى النظرة المصرية لما تم تقديمه او ما هو موجود حاليا فى الافق السياسى هى نظرة موضوعية تحافظ على الشعب الفلسطينى وقد ينتج بعد ذلك قدر من العمل الجاد من اجل القضاء على جذور المشكلة وهى اقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتحقيق الطموح الوطنى للشعب الفلسطيني.
أوضح أن الافكار التى يتم تداولها الآن هى فى الواقع قائمة على مبادئ مصرية تم تبنيها منذ يوم 8 اكتوبر 2023 عقب احداث السابع من اكتوبر، مشيراً إلى انه للاسف طال امد الازمة واصيب الشعب الفلسطينى بخسائر بشرية فادحة وايضا خسائر فى البنية التحتية ومعاناة شديدة، والمبادئ المصرية الخاصة بضرورة وقف اطلاق النار وانفاذ المساعدات الانسانية ورفض التهجير والتى تم ارساؤها يوم 8 أكتوبر 2023 كانت كفيلة بحل الأزمة لكن وللاسف الأن العالم يستجيب لها بعد وقت متأخر من احداث دامية فى قطاع غزة والضفة الغربية ولكن على الاقل يمكن أن نبدأ فى وقف الة القتل الاسرائيلية وهو امر مهم للغاية من أجل والحفاظ على الشعب الفلسطينى على ارضه ثم قد ننتقل فيما بعد الى اعادة الاعمار وبحث امكانية اقامة الدولة الفلسطينية والتى اصبحت الان دولة قائمة وفقا للشرعية الدولية.
بينما أكد السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق أن خطاب الرئيس أكد على ثوابت مصر فى السياسة الخارجية وفى مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية ورفض مخطط التهجير، لذا كانت إشادة الرئيس بالاعترافات بالدولة الفلسطينية حيث أن هذه الخطوة هى الطريق الحقيقى لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
قال إن حديث الرئيس على أن المنطقة تعيش فى مفترق طرق، إشارة إلى ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط من صراعات وخاصة الحرب على غزة وان الطريق الصحيح لمواجهة ذلك عبر قرارات سليمة مما يحقق مصالح مصر ويحافظ على أرواح المصريين.
د. اكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة قال أن كلمة الرئيس حملت رسائل متعددة بعضها ركز على الجانب السياسى وأخرى على البعد الاقتصادى بالإضافة إلى التأكيد على وعى المصريين والثقة فى قدرتهم على مواجهة التحديات مشيراً إلى أن خطاب الرئيس أعتمد على المصارحة والمكاشفة، فتحدث الرئيس عن التحديات التى تواجه مصر والتطورات الإقليمية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية والجهود الكبيرة والصادقة التى تبذلها مصر لوقف الحرب على غزة.
أكد أن الرئيس أشار إلى التطورات فى الشرق الأوسط والطريقة الأفضل للتعامل مع عبر تقدير سليم للمواقف وليس تقديرات خاطئة يكون لها نتائج سلبية موضحا أن إشادة الرئيس باعترافات الدول بفلسطين تأكيد على دعم مصر للقضية الفلسطينية والسعى المستمر لحصول الشعب الفلسطينى على حقوقه وإقامة دولته المستقلة. وأن الرئيس أكد على أهمية دراسة تجارب الدول التى تعرضت لتحديات مثلنا وكيفية التعامل معها، مما يساهم فى التغلب على المشاكل التى تواجه مصر ويفتح الطريق أمام تحقيق المزيد من التقدم الاقتصادى والنجاح الدائم.
اللواء عادل العمدة الخبير الاستراتيجى ومستشار اكاديمية ناصر العليا يؤكد ان الرئيس السيسى خلال زيارته الأخيرة للأكاديمية العسكرية فجراً ذلك المكان القريب جدا إلى قلبه، اكد على اهتمامه بشباب مصر.
مضيفا أن الرئيس شدد فى كلمته على أن حماية الأمن القومى تبدأ من التعليم والانضباط والفهم العميق لقضايا الدولة داعيا الشباب إلى أن يكونوا على دراية بما يحيط بمصر من تحديات موجهًا لهم رسالة بالاستعداد الذهني، لا الجسدى فقط.
أشار إلى أن هذه الزيارة أعطت انطباعًا عامًا بأن الدولة تُعلى من قيمة الشباب وتعتبرهم شركاء حقيقيين فى بناء المستقبل. والكلمة رسالة للمجتمع بأن مصر تعتمد على شبابها وتستثمر فيهم باعتبارهم خط الدفاع الأول عن الوطن وتأكيد مستمر على أن بناء الإنسان المصرى لا يقل أهمية عن بناء الجيوش
أكد العمدة على أن السيد الرئيس شدد على أهمية تخريج أطباء عسكريين وومدنيين على أعلى مستوى من الكفاءة والانضباط وان ذلك يعكس رؤية الدولة لربط الصحة بالأمن القومي، خاصة فى ظل التحديات الوبائية والطوارئ وهذا الاهتمام يدل على السعى إلى إنشاء منظومة طبية عسكرية متطورة تخدم القوات المسلحة والمجتمع المدنى عند الحاجة وان إشارة السيد الرئيس لهذه الكليات تؤكد أن الدولة تتجه بقوة نحو توطين التكنولوجيا وتأهيل كوادر عسكرية ومدنية رقمية وان الاستثمار فى هذه التخصصات يعزز من جاهزية الدولة فى التعامل مع حروب الجيل الرابع والخامس وأن مصر لا تكتفى بالقوة التقليدية، بل تعمل على بناء قوة ذكية رقمية ومهنية قادرة على التعامل مع التحديات المعاصرة.
أشار الخبير الاستراتيجى إلى أن السيد الرئيس طمأن طلاب الكليات العسكرية على الأوضاع الداخلية والخارجية
أكد أن الدولة تجاوزت تحديات كبرى منذ بداية أزمة كورونا إلى تداعيات حرب غزة وأوضح أنه رغم خسائر قناة السويس اقتربت من 9 مليارات دولار بسبب الأزمات العالمية، لكن الأداء تحسن وحققنا الأفضل وأن وعى المواطن هو حائط الصد الأول لحماية الدولة من محاولات زعزعة الاستقرار. كما أن السيد الرئيس شدد على أن الوعى الجمعى للمصريين هو أساس عبور الأزمات وتحقيق التنمية والاستقرار.
أضاف أن السيد الرئيس ركز فى كلمته على دعم مصر الكامل للشعب الفلسطينى فى غزة و رفض مصر التام لأى تهجير أو تصفية للقضية الفلسطينية وان مصر تبذل جهودًا دبلوماسية وإنسانية متواصلة لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات لغزة وأن مصر تتحرك بحكمة وقوة لحماية الأمن القومى الفلسطينى والمصرى معًا وان مصر تعرضت إلى ضغوط شديدة سياسية واقتصادية نتيجة تمسكها بموقفها الثابت تجاه غزة مؤكداً ان هذه التضحيات ليست إلا جزءًا من التزام مصر التاريخى بالقضية الفلسطينية وأن موقف مصر من غزة ثابت لا يخضع للمساومة، والدولة مستمرة فى دعم القضية رغم كل التحديات والضغوط وان مصر على استعداد كامل لمواجهة التحديات وأى سيناريو محتمل يمس امنها القومى فى اشارة لجاهزية القوات المسلحة لحماية حدود الوطن.
فى حين ترى الدكتورة نهى بكر استاذ العلوم السياسيه أن كلمة الرئيس أبرزت مكانة الشباب باعتبارهم الأمل الحقيقى فى بناء المستقبل ،كما أن مشاركة الرئيس لطلبة الأكاديمية تفاصيل يومهم لها دلالة قوية على إيمان القيادة السياسية بأهمية إعداد جيل واعٍ ومنضبط قادر على مواجهة تحديات العصر.
أضافت أن خطاب الرئيس اتسم بالصراحةوالمكاشفه وركز على أهمية الاصطفاف الوطنى وخاصة أن المنطقة تمر بمرحله اقليمية عصيبة ،كما تطرق الرئيس إلى التأكيد على الموقف المصرى الثابت من القضية الفلسطينية، والمبنى على السعى لوقف اطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية وحماية أرواح اهلنا فى غزة مما ، يعكس دور مصر التاريخى فى دعم الاستقرار الإقليمي.
أكد الدكتور حسن الشقطى عميد كلية التجارة بجامعة أسوان والخبير الاقتصادى أن الاقتصاد المصرى كان يعانى سابقا من مشكلات هيكلية قديمة ومتراكمة، وكان لابد من حل تلك المشكلات بشكل جذري، فكانت رؤية القيادة السياسية فى اتباع نهج الإصلاح الاقتصادى الكامل ثم التأسيس لنموذج اقتصاد وطني، موضحا أن الإصلاح الاقتصادى جاء على ثلاث مراحل وهي: مرحلة الاصلاح النقدى من خلال اتباع سياسة نقدية مرنة تحقق استقرار سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية والسيطرة على التضخم، مؤكدا أن هذا ما تحقق بالفعل، مشيرا إلى أن تلك السياسات استطاعت التكيف مع التحديات والتغلب عليها حتى وصلت لمرحلة حصار التضخم، فطبقا لبيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء، تراجعت معدلات التضخم بشكل ملحوظ، حيث انخفضت نسبة التضخم من 29.3 ٪ خلال عام 2024 إلى 15.3 ٪ خلال الربع الثانى من العام الحالى 2025. وأن معدل التضخم انخفض على أساس سنوى إلى 10.7 ٪ فى أغسطس مقابل 11.6 ٪.
أضاف أنه بفضل تلك السياسات المرنة أصبح هناك وفرة من المعروض من العملة الصعبة واستطاعت البنوك توفير التدابير اللازمة للمستوردين، ولم يعد يوجد سوق موازية للدولار، على الجانب الآخر يواصل الجنيه تحسنه، قائلا إن تلك الأرقام الموضحة تثبت بما لا يدع مجالا للشك نجاح السياسة النقدية المصرية.
أوضح بأن المرحلة الثانية هى الاصلاح المالى المحفز للنمو والتى بدأتها الدولة بتأسيس بنية تحتية متطورة، وقامت بضخ المزيد من الاستثمارات العامة فى مشروعات قومية كبرى عززت من مكانة مصر كواجهة عالمية جاذبة للاستثمار، مؤكدا أن برنامج الإصلاح المالى عمل على تحسين الوضع المالى للدولة، وزيادة كفاءة إدارة مواردها، مدللا على ذلك بأن مؤشرات الدين العام تحسنت خلال الفترة من يوليو 2024 إلى مارس الماضي.
أشار إلى التحسن الملموس فى العائدات وزيادة الموارد، حيث من المتوقع أن تحقق السياحة نموًا كبيرا ، مشيرا إلى أن مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية تتوقع أن تحقق مصر نحو 97 مليار دولار إيرادات من السياحة وذلك خلال الفترة من عام 2025 حتى 2029.
ولفت الشقطى إلى أن هناك زيادة كبيرة فى حجم الاحتياطى النقدى الأجنبى لدى البنك المركزى بفضل عائدات السياحة وزيادة الصادرات وتحويلات المصريين بالخارج ليرتفع صافى الاحتياطات الأجنبية إلى 49 مليار دولار.
أضاف أن المرحلة الثالثة هى الاصلاحات الهيكلية والتى تستهدف ضبط الاستثمارات العامة وتمكين القطاع الخاص بما ينعكس إيجابيا على زيادة معدلات التشغيل والإنتاج وتوفير فرص العمل، لافتا إلى أن ما حققته الدولة من إصلاحات نقدية ومالية ساهم بشكل أساسي فى تشكيل مناخ استثمارى جيد بمزايا تنافسية، مشيرا إلى أن الثمار جاءت واضحة فى زيادة حجم استثمارت القطاع الخاص.
وأكد الشقطى أن تلك السياسات أثرت إيجابيا على أداء الاقتصاد، حيث سجل الناتج المحلى الإجمالى نموا بنسبة 4.3 ٪ خلال الربع الثانى من العام المالى الجاري، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوى منذ أكثر من عامين، مقارنة بـ2.3 ٪ فى نفس الربع من العام الماضي، وتراجعت معدلات البطالة لتصل إلى 6.1 ٪.
أضاف أن هناك إشادات دولية وعالمية بالاقتصاد المصرى وقدرته على استقطاب الاستثمارات الأجنبية بفضل ما توفر من بنية تحتية متطورة والعمل المستمر على تحسين بيئة الأعمال، لافتا إلى أن مصر جاءت فى المرتبة التاسعة عالميا بين أكثر الدول جذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2024 وذلك طبقا لتقرير الاستثمار العالمى الصادر عن (اونكتاد)، بحجم تدفقات 47 مليار دولار.
أضاف أن جهود الدولة نجحت فى تعزيز مكانة مصر الاقتصادية، والتغلب على الصعوبات، لافتا إلى أنه رغم تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الاقليمية، وفقدها نحو 145 مليار جنيه مصرى خلال السنة المالية 2024 -2025 وذلك طبقا لبيان وزارة المالية، الا أن الدولة تعاملت بحكمة مع تلك التداعيات بالتركيز على تحسين الموارد، وتنشيط المنطقة اللوجستية لمحور قناة السويس والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.