تشهد القضية الفلسطينية تطوراً مهماً مع إعلان دول غربية عظمي، مثل فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال اعترافها بدولة فلسطين المستقلة، فى خطوة تعكس تحوّلاً ملحوظاً فى مواقف العواصم المؤثرة تجاه هذا الملف المزمن، تلك الاعترافات لم تأت فى فراغ، بل جاءت نتيجة جهود حثيثة ومتواصلة بذلتها الدولة المصرية، قيادة ودبلوماسية، لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ودفع المجتمع الدولى إلى الاعتراف بحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية، وضعت مصر القضية الفلسطينية فى صدارة أولوياتها الإقليمية والدولية، فقد تحركت القاهرة على أكثر من صعيد، بداية من وساطاتها المتكررة لوقف العدوان الإسرائيلى والإبادة الجماعية على غزة والشعب الفلسطيني، والوقوف ضد مخطط التهجير وتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، مروراً بمشاركتها الفاعلة فى صياغة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وصولاً إلى اتصالات مباشرة واستضافة قادة الدول الغربية لشرح أبعاد القضية والتأكيد أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هى السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم، لتأتى تلك الجهود الاستثنائية ثمارها فى شكل موجة اعترافات دولية تمنح زخماً جديداً للحق الفلسطيني.
ويحق لمصر أن تسعد بهذا الزخم، لأنه يمثل انتصاراً معنوياً للفلسطينيين، بل لأنه أيضاً شهادة نجاح للدبلوماسية المصرية التى أثبتت قدرتها على توظيف ثقل الدولة ومكانتها التاريخية والجغرافية والسياسية فى خدمة قضايا الأمة، وأثبتت مصر أن الدبلوماسية الهادئة والمتوازنة، حين تدار باحترافية وتنسيق مؤسسي، قادرة على إحداث اختراقات ملموسة فى ملفات معقدة كالقضية الفلسطينية..الاعترافات المتتالية من دول كبرى كفرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال تحمل دلالات بالغة الأهمية، فهى أولاً تكسر حاجز التردد الغربى وتفتح الباب أمام مزيد من الدول للحاق بركب الاعتراف، وثانياً تمثل ضغطاً متزايداً على إسرائيل، التى تجد نفسها أمام عزلة دولية متنامية، ثالثاً تعزز الموقف التفاوضى للفلسطينيين فى أى مسار سياسى قادم، إذ تضع العالم أمام حقيقة أن الدولة الفلسطينية لم تعد حلماً بعيد المنال، بل خيار معترف به دولياً.
أرى أن الطريق لا يزال طويلاً، لكن الاعترافات الأخيرة تعطى دفعة قوية لمسيرة النضال الفلسطيني، وتؤكد أن ما ضاع حق وراءه مطالب، ومصر بما تملكه من ثقل سياسى وموقع استراتيجي، ستظل الضامن الحقيقى للقضية الفلسطينية، والحارس الأمين للحقوق العربية، وفى النهاية، فإن ما نشهده من تحولات دولية يرسخ قناعة بأن حق الفلسطينيين المشروع فى دولة مستقلة يقترب، وأن صوت العدالة لا بد أن يعلو مهما طال الزمن.