تقترب حرب الإبادة الإسرائيلية فى غزة من العامين وقد تمتد الى ثلاثة أعوام الى ما بعد انتخابات الكنيست الإسرائيلى (فى أكتوبر 2026) ليضمن نتناياهو السيطرة مرة آخرى على إسرائيل …لاتشغله كثيرا أرواح أسراه ولا الربع مليون شهيد وجريح فلسطينى ولا البنية التحتية لقطاع غزة المهدمة بالكامل ….هو يريد مجده بالأساس هو يريد كما يسمونه هناك ( ملك إسرائيل ) وليغرق الجميع ..لايهم لديه! إسرائيل اليوم فى عهد هؤلاء المتطرفين تمثل خطورة كبرى على الامن القومى العربى كله وليس أهل غزة والضفة الغربية فقط وما التصريحات الأخيرة لنتانياهو عن (إسرائيل الكبرى :التى تضم أجزاء من السعودية والعراق والأردن ومصر وسوريا ولبنان) إلا تحصيل حاصل للغطرسة والعلو الإسرائيلى الذى آن له أن ينتهى فالمنطقة على فوهة بركان وحميم! فى هذا السياق تأتى قضية الشتات الفلسطينى داخل وخارج الوطن المحتل ويأتى السؤال التاريخى الذى لا تهتز بوصلته لدينا أبدا : هل مازال هناك أمل فى أن يعود هذا الشعب الفلسطينى العظيم الى أرضه ؟ هل بعد كل هذه المعاناة ثمة فرصة تاريخية للعودة والتحرير ؟
أولا : فى البداية يحدثنا التاريخ وحقائق السنن الإلهية والحضارية بأنه لا بديل عن فلسطين مهما طالت الغربة ومأساة التشريد بالنسبة للفلسطينيين
لم نجد فى تلخيص قصّة الشتات الفلسطينى ومآسى اللاجئين، أبلغ من القصيدة الخالدة (طال الشتات) للشاعر والصديق الفلسطينى الكبيرالراحل مريد البرغوث لنُعيد طرح القضية والتذكير بها مُجدّداً، والتى جاء فيها ……….
طال الشتات وعافت خطونا المدن
وأنت تمعن بعداً أيها الوطن
إرجع فديتك إن قبراً وإن سكناً
فدونك الأرض لا قبر ولا سكن
فلا بديل عن فلسطين مهما طالت الغربة ومأساة التشريد بالنسبة للفلسطينيين، ذلك هو قدرهم وإيمانهم الذى لا يتزعزع، وسواء سمّوا باللاجئين أو المُنصهرين أو بفلسطينيى الخارج فإن (فلسطينيى الشتات) يظلّ هو المُصطلح الأكثر دلالة على حال ما يقارب من 68 ٪ من الشعب الفلسطينى يعيشون فى غير أرضهم الأصلية (فى فلسطين) وقد فرضت عليهم الغربة القسرية هم وأولادهم بل وأحفادهم فى حالات كثيرة، وأفرزت تلك الغربة أوضاعاً إنسانية وسياسية واقتصادية شديدة القسوة والتعقيد كانت تحتاج إلى مُقاربات فى التعامل تتناسب وطبيعة القضية، إلا أن القوى والتنظيمات بل والدول المُناط بها ذلك، تقاعست أو تآمرت، فازدادت المأساة ألماً، وأضحى الوصول إلى حل لها من قبيل المعجزات خاصة بعد حرب طوفان الاقصى المستمرة من 2023- وحتى اليوم (2025) فإذا كان الاحتلال الإسرائيلى بجرائمه المتتالية منذ عام 1948 هو السبب الرئيس الذى يقف خلف قضية (فلسطينيى الشتات)، فإن غياب الدور الفاعل لمواجهة تداعيات ونتائج تلك القضية من باقى القوى والفاعليات السياسية الفلسطينية والعربية يعدّ من أبرز العوامل المؤثّرة فى تضييع القضية أو تدميرها، وهو الأمر الذى يزداد وضوحاً هذه الأيام .الأمر الذى يفرض وضع قضية فلسطينيى الشتات فى قلب أولويات كافة الفرقاء فى المقاومة الفلسطينية والعربية.
ًثانيا :لكى نفهم أبعاد قضية الشتات الذى طال نحتاج إلى بعض الحقائق عن واقع فلسطينيى الخارج، ماذا عن مخيّماتهم، وما هو تعدادهم الصحيح بشكل مُحدّد، فى عام 1948 قام الكيان الصهيونى بتهجير (957) ألف فلسطينى من قراهم ومدنهم فى فلسطين التاريخية، وحتى نهاية العام الماضي، وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى 5.9 ملايين نسمة، بحسب الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، مسجّل منهم رسمياً لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قرابة 5.3 مليون لاجئ.
وهؤلاء اللاجئون هم 1.528 مليون يعيشون فى 61 مخيماً بغزّة والضفة ولبنان والأردن وسوريا، بينما الباقي، وهم 3.8 ملايين لاجئ منتشرون فى أرجاء العالم، لا يعيشون فى مخيّمات.
وبحسب الأونروا؛ فإن قرابة 1.3 مليون لاجئ يتواجدون فى قطاع غزّة، و914 ألفاً فى الضفة الغربية، و447 ألفاً فى لبنان، و2.1 مليون فى الأردن، و500 ألف فى سوريا.
وتعتمد الأرقام الصادرة عن الأونروا على معلومات يتقدّم بها اللاجئون طواعية ليستفيدوا من الخدمات التى يستحقّونها، إلا أن هناك لاجئين غير مُسجّلين ويزيد عددهم عن الـ3 ملايين. هذا وتتوزّع مخيّمات اللاجئين داخل فلسطين التاريخية فى الضفة الغربية التى تحتوى على 19 مخيماً لفلسطينيين طردوا من أرضهم بعد نكبة 1948 وحرب 1967 وفى غزّة 8 مخيّمات تعانى أشدّ أنواع المعاناة .أما خارج فلسطين فينتشر الشتات الفلسطينى ليعمّ الكرة الأرضية كلها ولكن بنِسَب مُتفاوتة، وتُعدّ الأردن وسوريا ولبنان هى الدول الأكثر احتضاناً للاجئين الفلسطينيين ومخيّماتهم، ففى الأردن يوجد 10 مخيّمات هى (الزرقا- إربد- الحسين- الوحدات- سوف- الطالبية- ماركا- الحصن- جرش- البقعة) وفى سوريا 12 مخيّما (اليرموك- سبينة- قبرالست- النيرب- خان الشيخ- خانديون- حمص- جرمانا- حماة- عين التل) وفى لبنان 12 مخيّماً أشهرها (الرشيدية- عين الحلوة- برج البراجنة- ضبية- برج الشمالي- نهرالبارد- البداوي- تل الزعتر- شاتيلا)هذا وتتواجد أعداد أخرى من فلسطينيى الشتات فى أغلب البلاد العربية والأوروبية وإن كانت بنِسَب أقل، ومعاناة أشد . تلك خريطة انتشارهم والتى ترسم سطورها معالم المأساة من دون حاجة إلى مزيد من التحليل والتفسير.
ثالثا: السؤال الأهم هنا، وبعد معرفة تلك الحقائق عن خريطة الشتات الفلسطينى وكثرة الكلام و الندوات غير المُنتجة للأفعال وللحركة الجادّة ؛ السؤال هو هل تمتلك قوى المقاومة الفلسطينية والعربية، استرتيجية جادّة لتفعيل هذا الشتات الفلسطينى وتوظيف طاقاته الكبيرة تجاه هدف العودة وتحرير الأرض خاصة بعد طوفان الاقصى والابادة والتهجير فى غزة ؟ أم أنها لاتمتلك تلك الاستراتيجية ؟ هذا هو السؤال وعلى الجميع الإجابة عليه الان وليس غدا!









