أشاد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بالاعترافات الدولية المتتالية بالدولة الفلسطينية، مؤكدًا أنها كانت كاشفة وعززت من الدولة الفلسطينية مثمناً جهود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإيقاف الحرب فى غزة، وحرصه الحثيث فى سبيل تحقيق ذلك.
جاء ذلك خلال جولة تفقدية للسيد رئيس الجمهورية فجر أمس، فى الأكاديمية العسكرية المصرية، بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث كان فى استقباله الفريق أشرف زاهر، مدير الأكاديمية وقادة الاكاديمية.
صرّح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية السفير محمد الشناوى بأن السيد الرئيس استهل الجولة بأداء صلاة الفجر مع طلبة الأكاديمية، ثم تابع جانباً من الأنشطة التدريبية التى ينفذها الطلاب، كما شاركهم تناول وجبة الإفطار فى أجواء يسودها التقدير والانضباط.
أوضح المتحدث الرسمى أن السيد الرئيس ألقى كلمة خلال جولته بالأكاديمية، تبادل فيها الحوار مع طلبة الأكاديمية حول أبرز المستجدات الإقليمية والتطورات الداخليةمعربًا عن اعتزازه بما لمسه من جدية والتزام بين صفوف الطلبة، مؤكداً أن الهدف من الزيارات المتكررة للأكاديمية هو الاطمئنان على أحوال الطلاب، ومتابعة البرامج التعليمية التى تشهد تطويراً مستمراً بهدف صقل قدراتهم، بما يسهم فى إعداد كوادر وطنية متميزة تخدم مؤسسات الدولة.
أشار الرئيس إلى أن شباب مصر هم الأمل فى بناء المستقبل، مشدداً على ضرورة مواصلة الاهتمام بهم فى مختلف ربوع الوطن، لما يمثله ذلك من دفع لمعدلات التقدم والأداء إلى آفاق غير مسبوقة.
وثمن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الوعى والفهم لدى أبناء الشعب المصري، الذى تجلى فى ردود الأفعال تجاه التحديات الراهنة، مؤكداً أن المنطقة تمر بمنعطف حاسم يتطلب تقديراً سليماً ودراسة متأنية لكل خطوة؛ إذ إن أى تقدير خاطئ قد يقود إلى المجهول.. كما أشاد بوعى الشعب المصرى وصلابته التى تعززت منذ عام 2011، رغم ما واجهه من مكائد ومؤامرات كان ثمنها غالياً.
وشدد السيد الرئيس على أن حجم الوعى الموجود لدى المصريين؛ هو الرهان الحالى فى ظل التطورات التى تشهدها المنطقة.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى إن مؤسسات الدولة تشكل منظومة مترابطة ومتكاملة، مشيرًا إلى أن الأكاديمية العسكرية المصرية؛ منصة لإعداد كوادر لمؤسسات الدولة إلى جانب إعداد كوادر القوات المسلحة .
أشارالسيد الرئيس فى حديثه للدارسين إلى أن الأكاديمية العسكرية تهدف إلى صقل الطلبة وضباط المستقبل فضلا عن صقل الإنسان المصرى وتطويره وتأهيله.. وقال: لا تتصوروا أنه كان من الممكن أن يقتصر الهدف من تطوير المنشآت والبنية الأساسية والرقمية، على الاستفادة فى بناء ضابط مصرى فقط – على الرغم من أن هذا الأمر مهم جدا؛ يرتبط بأهمية الدور، الذى يقوم به الجندى أو الجندية أو القوات المسلحة فى الحفاظ على أمن واستقرار الدولة – لكنه لا يقل أهمية عن أى مؤسسات أخرى فى الدولة.. لأننا مجموعة متكاملة ومترابطة؛ فمؤسسات الدولة – بالكامل – لو وجدت مشكلة فى إحداها؛ سيكون لها تأثير على الجميع؛ لذا طورنا الأكاديمية العسكرية- بما لدينا من إمكانيات – لتسهم فى إعداد كوادر لمؤسسات الدولة الأخرى مثلما تعد كوادر للقوات المسلحة.
وأشار الرئيس إلى أهمية التطوير الذى يجرى فى الأكاديمية العسكرية المصرية، مبرزا أنها عملية تطور مستمرة، حيث إن التطوير؛ عملية متغيرة؛ فالله خلق الإنسان حتى لا يكون ثابتا بل ليكون متغيرا للأفضل ويتحرك للأمام يبنى ويعمر ولا يهدم.
وأضاف الرئيس السيسى -مخاطبًا الدارسين: «أقول هذا الكلام ليس لكم فقط لكن لكل الناس؛ ليكونوا على دراية بما نفعله، .. وتساءل الرئيس لماذا يأتى المعلمون والمعلمات من وزارة التربية والتعليم إلى الأكاديمية، وقال: لأننا إذا كنا ننشد تعزيز قدرة بلدنا ونؤهل ونطور؛ فمن الضرورى وضع أفكار للمضى بها».
وأكد أن شباب وشابات مصر هم الأمل و»النبتة» التى ستقوم عليها بلادنا، ولو جرى الاهتمام بها – هنا وفى كل مكان فى مصر سواء فى المدرسة أو الكلية أو الجامعة – بما يليق؛ سنقفز – بفضل الله – بمعدلات تقدم وأداء أكثر بكثير مما تتصورون».
وأشار الرئيس إلى أهمية البرامج المقدمة فى الأكاديمية حيث إنه جرى تصميمها بواسطة متخصصين.. وقال موجها حديثه للدارسين والدارسات فى الأكاديمية – «أنتم أغلى حاجة لدينا.. أنتم شباب وشابات مصر أغلى ما نملك.. وأوجه حديثى – من خلالكم – إلى كل من فى عمركم من شباب وشابات مصر، وأقول لهم: أنتم الأمل وقيمتكم كبيرة جدا، احذروا أن تهدروا قيمتكم، لأن مصر تعول مستقبلها على أكتافكم».
وقال السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى إن إنشاء كلية الطب العسكرى بالأكاديمية العسكرية المصرية للمدنيين؛ جاء استجابة لمطلب من أبناء وبنات مصر بأن تكون لديهم فرصة التعليم وفق هذا الأسلوب، مشيرًا إلى أن الهدف من النظام الصارم والانضباط داخل الأكاديمية هو الحفاظ على الطلاب.
وقال الرئيس السيسى إن طلب المصريين أن يدخل أبناؤهم وبناتهم كلية الطب العسكرى على أنهم مدنيون، على الرغم أنه كان باستطاعته الدراسة فى الخارج وإنفاق أموال لتحصيل علمى فقط .. لكن الأكاديمية لديها «تعليم ورعاية وحماية».
واشار الرئيس السيسى إلى قرب بدء التحاق الدفعة الجديدة من الطلاب فى برامج متخصصة، قائلًا «الرواد الرقميون سيدخلون خلال أيام أو أسابيع قليلة جدا، كما جرى تطوير كلية الطب العسكرى لتستوعب حوالى 500 طالب.. ولن أقول إننا جاهزون، إلا إذا كانت قدراتنا فى المنشآت التى نتحدث عنها قادرة على تحقيق الهدف الذى نعلنه».
وأكد السيد الرئيس ثقته فى المسار الذى تسلكه الأكاديمية لإعداد وتأهيل كوادرها، مشددًا على أهمية الاستمرار فى المتابعة والتطوير من كل مؤسسات الدولة.
وشدد على أن الهدف من هذا النموذج التعليمى والتأهيلى هو بناء شخصية لها تأثير حقيقي.. قائلا «الهدف من هذا الأسلوب هو بناء وإعداد وتأهيل الشخصية، لتكون «مشعة».. ليس ليكون نطاق تأثيرها فقط على نفسه وأسرته».
ودعا الرئيس السيسي، المنابر المجتمعية – من إعلام ومساجد وكنائس – إلى الاضطلاع بدورها فى إحداث الأثر وتحقيق التغيير المنشود.
أوضاعنا تتحسن
وطمأن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، المصريين على الأوضاع الداخلية للبلاد.. قائلا: «نطمئنكم على أوضاعنا الداخلية، فبالرغم من كل الظروف الصعبة التى تمر بالمنطقة خلال السنوات الخمس الأخيرة؛ أى منذ فترة فيروس كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية ثم حرب غزة، ونحن لا نعيش فى معزل عن محيطنا؛ وبالتالى كل إجراء يتم اتخاذه؛ سواء إيجابياً أو سلبياً؛ يحمل تأثيرا علينا؛ بدليل أن قناة السويس مثلا فقدت تقريبا خلال العامين الماضيين ما يقرب من 9 مليارات دولار؛ وهو رقم كبير كان يمكن أن يكون له تأثير إيجابى فى مسيرتنا الاقتصادية؛ لكن وبالرغم من ذلك فالأمور للأفضل، وستكون دائما للأفضل والله سبحانه وتعالى سيبعد عن مصر كل شر».
وأضاف الرئيس السيسى «أوضاعنا الاقتصادية فى تحسن، ونحتاج فى هذه النقطة أن نذكر تاريخ بعض الدول لقراءته؛ كى نرى مسارات الدول التى من الممكن أن تعطى إطلالة على العالم الذى نتواجد به؛ فهناك شعوب كانت تعانى من الظروف الصعبة والأوضاع السيئة، وكان من يرى أوضاعهم يقول: إن تلك الدول لن تكون لها قيمة نتيجة الظروف وما يظهر عليها؛ لكن بالإصرار والعمل والصبر؛ الأوضاع تغيرت بها.. وقال الرئيس السيسى – موجها حديثه إلى طلاب الأكاديمية العسكرية المصرية – «أنتم بحاجة لمعرفة تجربة أو تجربتين من تلك الدول؛ بكل تجرد».
وأكد الرئيس أن الأوضاع الأمنية فى تحسن أيضا، ومطلوب من المصريين أن يستمر حجم وعيهم وفهمهم.. مشيرا إلى أن «ردود الأفعال التى جرى رصدها – من خلال أجهزة الدولة تجاه التطورات فى المنطقة – مطمئنة».. معربا عن أمله أن يستمر وعى المصريين فى الزيادة، حيث إنه «سيعطينا الذخيرة والإرادة والقوة بشكل أكثر، على التحمل والعمل، فضلا عن الحكم على الأوضاع، بالإضافة إلى ردود أفعالنا».
وشدد الرئيس السيسى على أن حجم الوعى الموجود لدى المصريين هو الرهان الحالى فى ظل التطورات التى تشهدها المنطقة.. وقال: «منطقتنا تعيش حاليا عند مفترق طرق.. وأقول إن التقدير والتقييم والدراسة تؤدى إلى قرار.. فإذا كان التقدير خاطئا؛ ستكون النتائج غير سليمة».
وقال الرئيس السيسى إن «الأوضاع التى نتجت عنها أحداث السابع من أكتوبر حتى اليوم؛ بها تقدير سليم وآخر غير سليم».. شارحا أن التقدير السليم يؤدى إلى نجاح بينما التقدير الخاطئ يؤدى إلى فشل.
وأضاف الرئيس: نتحدث عن هذا الأمر من أجل إدراك معنى الدولة، والحسابات الخاصة بالدولة فى كل مسألة من مسائل تخص تقريبا حوالى 120 مليونا يعيشون على أرضها.» معربا عن أمله أن يلهمنا الله عز وجل، الصدق والصواب.. محذرا فى الوقت ذاته من أن أى سوء تقدير ممكن يأخذ المصريين ويدخلهم «فى مجهول صعب».. مشيرا إلى أن البلاد ليست بمعزل عن بعضها، وهناك عوامل كثيرة جدا تؤثر؛ سواء كانت فى الداخل أو الخارج.
وأبرز أهمية وعى المصريين، الذى ارتفع بصورة ملحوظة؛ منذ عام 2011 حتى اليوم، لاسيما فى ضوء الثمن الكبير الذى دفعت مصر للوصول إلى هذا الحجم من الوعى والفهم لما يدور من مكائد ومؤامرات تحاك ضد الدول أو ضد مصر.
وشدد الرئيس على أهمية «صلابة المصريين» المبنية على الوعى والفهم للصمود أمام هذا والتصدى له.. وقال: ليس لدى رصيد أمام ذلك؛ سوى صلابة المصريين المبنية على فهم ووعي، وليس على أناس يسلمون أمرهم ويسكتون.. مؤكدا أن «مصر بلدنا جميعا.. ليس لأحد فيها أكثر من الآخر، ولا عليه أكثر من الآخر؛ فجميعنا سواء».
وفيما يخص قضية غزة، أشار السيد رئيس الجمهورية إلى حجم الجهد الذى بذلته مصر – خلال العامين الماضيين – من أجل ألا تتوسع الحرب؛ وتؤدى إلى عواقب وخيمة على المنطقة بالكامل، مشددا على حرص مصر الدائم على وقف الحرب بكل قوتها وبكل إخلاص.
وأكد السيد الرئيس أن مصر عملت – بكل قوتها وبكل إخلاص – على إدخال المساعدات إلى الفلسطينيين، لكن لا أحد يطلب منها أن تراهن على حياة المصريين، ويطالبنا بالدخول فى صراع من أجل إدخال المساعدات «بالقوة».
وعن الاعتداءات على بعض مقار السفارات المصرية بالخارج، أوضح السيد رئيس الجمهورية أن جزءا منها نابع من جهل البعض وجزءا آخر من لؤم ومكر من أهل الشر، مؤكدا أن سياسة مصر واضحة؛ حيث إنها لا تتآمر على أحد، ولا تبغى على أحد.. وقال: إننا مسالمون، لكن ليس معنى ذلك أن يتصور أحد أنه يستطيع إيذاء مصر؛ «فبفضل الله وبعزته وقوته وثقة فيه – سبحانه وتعالى – لن يستطيع أحد أن يؤذى مصر».
وقال: أردت التطرق للنقطة البارزة فى الواقع الذى نعيش فيه الآن، وهى وقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن، وهو سبب للأزمة بشكل أو بآخر، ثم إعادة إعمارها مرة أخري، وإدخال المساعدات وتحسين أحوال الناس هناك، مؤكدا أننا نتألم لأى طفل أو سيدة أو شاب أو رجل، يعانى ويتألم فى أى مكان.
وأشار إلى أن «قدرتنا على العمل والتأثير فى معالجة الأمور، ليست مطلقة، فنحن لسنا وحدنا»، مؤكدا أن التطورات التى حدثت – خلال العشرة أيام الماضية تحديدا – أتصور أن تكون لها تأثير إيجابى على الأوضاع فى المنطقة، لأنها أعطت صورة على رد فعل المجتمع الدولى لاستمرار الأزمة بدون علاج، مشيرا إلى أن الاعترافات الدولية الكثيرة بالدولة الفلسطينية – والتى شملت دولا مؤثرة – كانت «كاشفة» وحملت مردودات إيجابية؛ وعززت من الدولة الفلسطينية، ثم الجهود التى تمت خلال اللقاء مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. «الذى نقدر قدرته على إيقاف هذه الحرب وإنهاء هذه الأزمة المستمرة منذ عامين.. والرسالة وصلت، وكان واضحا من وعود الرئيس ترامب؛ حرصه على إيقاف الحرب فى أقرب وقت»، و«نتمنى أن يكون قريبا جدا؛ لأن الوضع فى المنطقة صعب، ويجب أن تهدأ؛ لتفادى المزيد من التطورات السلبية .
وقال الرئيس السيسى – موجها حديثه إلى الدارسين والدارسات بالأكاديمية العسكرية المصرية – «أنا سعيد بكم ومتفائل.. وأقول أنتم – بفضل الله سبحانه وتعالى – وكل شباب وشبات مصر، قيمة كبيرة جدا جدا، لا تستهينوا بها».
وحث الدارسين والدارسات على الحفاظ على صحتهم ووعيهم وفهمهم ومعنوياتهم، وعلى أملهم فى الله – سبحانه وتعالى – واختتم الرئيس السيسى حديثه بالقول: «أتينا الدنيا لهدف كبير جدا؛ فخالق الوجود كله – سبحانه وتعالى – خلقنا من أجل هدف أعظم بكثير، مما نتصور».
وقال السيد رئيس الجمهورية، لـ «دارسى الأكاديمية العسكرية المصرية: أشكركم، وإن شاء الله نلتقى بفضل الله – سبحانه وتعالى – اطمئنوا، ودائما لدينا ثقة فى الله – سبحانه وتعالى – أن عدالة موقفنا وأمانة وإخلاص مسارنا، لا بد أن يكون معززا بفضل الله وستره وكرمه وقوته، سبحانه وتعالي».
واختتم السيد الرئيس جولته بتمنياته الصادقة بالتوفيق والسداد لطلاب الأكاديمية، موجّهًا رسالة شكر وتقدير إلى أسرهم، عرفانًا بدورهم فى تنشئة جيل قادر على حمل أمانة الوطن، والمضى به نحو مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا.