عبدالله مصباح إبراهيم الشهير بعبدالله النديم والذى أطلق عليه أحمد عرابى لقب خطيب الثورة، ولد فى الإسكندرية عام 1843 وتوفى فى المنفى فى إستنبول عام 1896، بعد أن حفظ القرآن الكريم، أدخله أبوه مدرسة جامع الشيخ إبراهيم باشا فتعلم على أيدى كبار المشايخ حيث درس الفقه الشافعى والمنطق والأصول والآداب اللسانية فأظهر قدرات فى كتابة الشعر والنثر المسجوع فى وقت كانت فيه الكتابة مقتصرة على السجع فقط. وابتكر النديم أساليب جديدة فى الكتابة واشتهر بين أقرانه حيث بدأوا يلتفون حوله ويعقدون جلسات أدبية. وتعلم النديم التلغراف وأتقنه بسرعة فعين تلغرافجيا فى أكثر من مكتب كان أهمها مكتب تلغراف القصر العالى الخاص فى فترة تولى الخديو إسماعيل باشا. واعتاد النديم أن يستغل وقت فراغه فى القراءة والاستماع إلى المحاضرات والدروس خاصة محاضرات الشيخ حمزة فتح الله الذى كان مفتشا أول لغة عربية فى نظارة المعارف. قضى النديم فترة من حياته فى المنصورة حيث افتتح محلاً ونجح فى تجارته إلا أنه سرعان ما تحول بيته ومحله لصالون أدبى يلتقى فيه الأدباء. وفى عام 1879 عاد النديم للإسكندرية وبدأت حياته تتغير وتأخذ طابعاً سياسياً حيث التقى فيها محمد أفندى أمين ومحمود واصف أفندى مؤسسى جمعية مصر الفتاة وعن طريقهم تعرف على أديب افندى إسحاق وسليم افندى النقاش حيث كانوا يملكون جريدتى «مصر» و«التجارة» فبدأ يكتب فيهما وينشر أفكاره الثورية. إلا أنه أدرك خطورة العمل فى تلك الجرائد لأنها كانت تابعة لجمعية سرية فقرر تركها وانشأ جمعية جديدة رسمية تحت اسم «الجمعية الخيرية الاسلامية» فى أواخر أيام إسماعيل باشا. وبعد وفاة إسماعيل وتولى الخديو محمد توفيق الحكم حصل الكتاب والأدباء والمواطنون على الكثير من الحريات وانضموا للجمعية الخيرية وكان من بينهم أعيان الإسكندرية. كانت هذه الجمعية هى أول جمعية إسلامية تتكون فى مصر وكان من أهدافها نشر روح المعرفة بين الشباب والحق بها مدرسة لتعليم اليتامى والفقراء مجاناً وقد استطاع عبدالله النديم إقناع الخديو توفيق الاهتمام بالمدرسة فبقيت تحت إشراف ولى عهده عباس حلمى الذى استقدم مدرسين مصريين واجانب وعين النديم مديراً لها فاستطاع الحصول على منحة شهرية للمدرسة من وزارة المعارف كما ضم إليها المدرسة البحرية التى كانت ملاصقة لها بعد موافقة الخديو. اشتهر بوطنيّته وحبه لمصر وكان كاتباً وشاعراً وخطيباً وصحفياً كرس كل مواهبه لخدمة الوطن. كان من المشاركين فى الثورة العرابية ونظم الجمعيات الخيرية التعليمية للدعوة من خلالها للثورة الوطنية، اصدر جريدتين «التنكيت والتبكيت» و«اللطايف» وعندما نفى بسبب اشتراكه فى الثورة العرابية وعاد بعد العفو عنه اصدر مجلة «الأستاذ». وترك النديم ثروة من مؤلفاته بالرغم من تعرض العديد من أعماله للمصادرة، ديوان شعر يتكون مما يقرب من أربعة آلاف بيت وآخر صودر فى الاستانة وكان يضم عشرة آلاف بيت – النحلة فى الرحلة – الاحتفاء فى الاختفاء – الشرك فى المشترك – موحد الفصول وجامع الاصول – الفرائد فى العقائد – اللألى والدرر فى فواتح السور – البديع فى مدح الشفيع – رواية الوطن – رواية العرب – أمثال العرب – كتاب عن المترادفات. وتوفى خطيب الثورة فى الاستانة حيث أقيمت له جنازة رسمية كبيرة لتكريمه شارك فيها شخصيات عامة ومسئولون وأدباء ومفكرون كان على رأسهم جمال الدين الافغانى.