الجميع يعلم ان الذكاء الإصطناعي لم ولن يتوقف عند حد معين وليس له سقف، خاصةً في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم نحو الرقمنة وتوظيف التكنولوجيا لخدمة المجالات العديدة، وما فعلته ألبانيا مؤخراً تجربة فريدة من نوعها، فهي أول دولة تعين وزيرة افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُدعى «دييلا»، تختص بالإشراف على المناقصات العامة ومحاربة الفساد .
كيف بدأت الحكاية؟ وأسئلة كثيرة تدور في أذهاننا حول هذه التجربة الغامضة، ما هي؟ وماذا يعني تعيينها؟ من هوَتِها؟ وما هي مهمتها؟ وإلخ.. وأعتقد ان الفكرة جاءت من جملة «إذا كان القرار مُداراً من خوارزميات شفافة ومراقبة، قد يشكل ذلك حاجزاً أمام تدخلات خارجية أو داخلية لتحوير نتائج المناقصات لصالح جهات محددة»، وعلى حد علمي ان القصة بدأت بسبب معاناة ألبانيا المستمرة من مشكلات كبيرة في الشفافية وفي كفاءة الإدارة العامة، خصوصاً في مجال المناقصات، وهي من المتطلبات الأساسية التي يشترطها الاتحاد الأوروبي كجزء من عملية الانضمام في مايو 2025، لذا تم الإعلان عن «Diella» أنها ستكون جزءاً من إصلاحات الحكومة، وهي تعني “الشمس” بالألبانية، وهي كيان افتراضي تم تطويره من قِبل الوكالة الوطنية للمجتمع المعرفي في ألبانيا بالتعاون مع شركة مايكروسوفت، بدأ كمساعد افتراضي على المنصة الحكومية الرقمية e-Albania، ثم ارتقت إلى رتبة وزير افتراضي مختص بالمناقصات العامة.
تظل أهمية الوزيرة الأفتراضية أو بمعنى أخر الدور الذي من المفترض أن تقوم به، هو التأكد من أن عمليات المناقصات العامة ستكون خالية من الفساد بنسبة %100، بمعنى اتخاذ قرارات شفافة في اختيار الفائزين بالعقود، ومراقبة العمليات، وإزالة التحيز البشري قدر الإمكان، وتسريع الإجراءات وتقليل البيروقراطية، ومواكبة التقدم التقني والتغيير الدولي، وردع ضغوط الفساد والتدخلات السياسية
كل هذا من أجل أن تظهر ألبانيا مسعاها لتحديث مؤسساتها وتجربة نماذج جديدة للحكم الرقمي، ما قد ينعكس إيجابياً على صورتها الدولية وعلى تحفيز الاستثمارات التقنية، بالإضافة إلى أن هذا يساهم في استيفاء معايير الحوكمة المطلوبة من الاتحاد الأوروبي .
الحقيقة أن تجربة ألبانيا تُعد من التجارب الرائدة عالمياً في دمج الذكاء الاصطناعي في مواقع الحكم، ليس كأداة دعم فقط، بل كمشارك رسمي (ولو افتراضياً)، إذا نجحت التجربة سوف تصبح نموذجاً يُحتذى به عالمياً، ولكن وإن فشلت يمكن أن تنقلب الآلة من وسيلة إصلاح وتطوير إلى أداة خداع أو إخفاء للمسئوليات، ومن وجهة نظري التحديات ليست بسيطة، وسوف نتحدث عنها في المقال القادم بإذن الله .









