لم يردع قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018، لصوص التاريخ رغم أنه يتضمن عقوبات صارمة على سرقة أو إخفاء الآثار، تصل إلى السجن المؤبد وغرامات 5 ملايين جنيه، وذلك لحماية الهوية الأثرية المصرية من الاستيلاء والتخريب، إذ كشفت جريمة سرقة أسورة أثرية ذهبية من المتحف المصرى وبيعها بمقابل بخس أن القانون فى حاجة إلى تعديل تشريعى لتصل العقوبة إلى الإعدام لوقف جرائم سرقة الآثار والتنقيب عنها فى جميع المحافظات المصرية خصوصاً فى الصعيد وتهريبها إلى الخارج، إذ قررت نيابة قصر النيل بحبس المتهمين بسرقة الأسورة من المتحف المصري، بعد أن تبين أن وراء الواقعة إحدى اخصائيات الترميم بالمتحف، التى استغلت وجودها فى العمل يوم التاسع من الشهر الجاري، وتمكنت من تنفيذ جريمتها وبعدها تواصلت مع أحد معارفها صاحب محل فضيات بمنطقة السيدة زينب، والذى باعها لمالك ورشة ذهب بمنطقة الصاغة مقابل 180 ألف جنيه، وباعها الأخير لعامل فى مسبك ذهب مقابل 194 ألف جنيه الذى صهرها وإعادة تشكيلها ضمن مصوغات أخرى ولم يقدر هؤلاء اللصوص القيمة التاريخية للأسورة التى لا تقدر بثمن، إذ تتجاوز قيمة التأمين عليها خلال مشاركتها فى معارض خارجية 4 ملايين دولار وهو ما يعكس قيمتها الأثرية والفنية الفائقة.
يُعد المتحف المصرى بالتحرير مركزاً رئيساً لترميم الاَثار فى مصر، ما يتطلب دراسة أوجه القصور التى أدت لوقوع الحادث لعدم تكرارالحادث مستقبلاً خصوصاً أن المتحف المصرى الكبير يجمع نحو 100 ألف قطعة أثرية تاريخية لا تقدر بثمن ويجب الحفاظ عليها بما يتواكب مع أحدث أنظمة مراقبة الاَثار فى العالم، إذ تعود الأسورة الذهبية النادرة المسروقة لأحد ملوك الأسرة الفرعونية الـ21 ما أثار الجدل فى الأوساط الثقافية المصرية، وتمكنت وزارة الداخلية من تعميم صورة الأسورة الذهبية الملكية المختفية على جميع الوحدات الأثرية بالمطارات المصرية، والمنافذ والموانئ البرية والبحرية والحدودية على مستوى الجمهورية، حتى توصلت إلى الجناة وألقت القبض عليهم.
وأقول لكم، يبدو أن سرقة الأسورة الذهبية النادرة من المتحف المصري، فتحت الباب نحو ضرورة مراجعة قانون حماية الآثار عرض القانون على مجلسى الشورى والنواب عقب إنعقادهما والمطالبة بتشديد العقوبات فيه على المتهمين بسرقة الاَثار والتنقيب عنها وتهريبها للخارج لتصل إلى الإعدام بدلاً من المؤبد، فضلاً عن ضرورة التدقيق فى اختيار العاملين فى هذا المجال من قبل وزارة السياحة والاَثار وزيادة أعداد العاملين فى مجال المراقبة والاستعانة بأحدث أجهزة المراقبة فى هذا المجال.