على الرغم من الجهود الحكومية الواضحة، لا تزال أزمة المخلفات تمثل تحديًا كبيرًا في مصر. فوفقًا للبيانات الرسمية، نجحت وزارة التنمية المحلية خلال عام 2024 في إزالة نحو 1.4 مليون طن من المخلفات المتراكمة، وتخطط لإزالة نصف مليون طن إضافية في عام 2025. ومع ذلك، تستمر شكاوى المواطنين من تراكم القمامة، والحرق العشوائي للمخلفات الزراعية، وضعف خدمات جمع المخلفات المنزلية.
إعادة التدوير: أمل جديد
يقول ياسر عبد الله، رئيس جهاز تنظيم وإدارة المخلفات، إن مصر تنتج سنويًا أكثر من 100 مليون طن من المخلفات. بدأت الدولة في بناء بنية تحتية قوية لإعادة التدوير، حيث تم إنشاء 47 مصنعًا لتدوير المخلفات البلدية، تنتج وقودًا بديلاً للأسمدة والوقود المستورد.
وأوضح أن هناك مصانع متخصصة في تدوير البلاستيك والورق، كما يتم تخصيص مواقع لتجميع المخلفات الزراعية لمنع حرقها. بالإضافة إلى ذلك، بدأ القطاع الخاص في إعادة تدوير مخلفات البناء لإنتاج مواد تُستخدم في رصف الطرق، مما يضيف قيمة اقتصادية كبيرة. وأكد عبد الله أن نجاح هذه المنظومة يعتمد بشكل كبير على تفاعل المواطنين واستخدامهم للخطوط الساخنة المخصصة.
“الفصل من المنبع”: حل فعال
من جانبه، يرى الدكتور المحمدي عيد، مؤسس جهاز شؤون البيئة الأسبق، أن المنظومة الحالية تحتاج إلى مزيد من التنظيم. ويشدد على أهمية “الفصل من المنبع”، أي فصل المخلفات الصلبة عن العضوية في المنازل، وإعادة تفعيل نظام الجمع المنزلي.
وحذر عيد من خطورة “النباشين” الذين يتركون المخلفات في الشوارع، معتبرًا أن المخلفات “كنز اقتصادي” يمكن أن يدر مليارات الجنيهات إذا تم استغلاله بشكل صحيح. وطالب بإحياء مشروعات الشباب في جمع القمامة، التي حققت نجاحًا كبيرًا في الماضي.
مسؤوليات متداخلة ودور المواطن
ترى الدكتورة نهى دنيا، عميدة كلية الدراسات والعلوم البيئية بجامعة عين شمس، أن مسؤولية ملف المخلفات موزعة بين عدة جهات، مما يخلق بعض التحديات. فالإدارة المحلية تتحمل العبء الأكبر في الجمع والنقل، بينما تتولى وزارة البيئة التخطيط ورسم السياسات.
وأوضحت أن هذا التداخل يؤدي إلى قصور في التنفيذ، مثل نقص المعدات وضعف العمالة. وشددت على أن المواطن هو الحلقة الأضعف والأقوى في آن واحد، حيث يساهم في تفاقم الأزمة بسلوكياته السلبية، ولكنه قادر على إحداث فرق كبير من خلال المشاركة المجتمعية في الفرز من المنبع ومبادرات إعادة التدوير.