أكدت الزيارة الحالية لرئيس سنغافورة ثارمان شانموجار إلى مصر توافقاً فى وجهتى نظر البلدين سياسيًا تجاه الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة البلدين كما اكدت العلاقات المتميزة بين البلدين
«الجمهورية» مع دومنيك جوه سفير سنغافورة بالقاهرة الذى يؤكد أنه أمضى 6 أعوام من العمل الدبلوماسى فى مصر تمثل تناغماً فريداً العلاقات بين البلدين واصفًا مصر بأنها «بلد مستقر» وسط بحر متلاطم الأمواج، ومحيطه يشتعل بالصراعات ما بين غزة والسودان وليبيا.
وأكد «جوه» فى حواره مع «الجمهورية» أن مصر لعبت ولاتزال تلعب دورًا بناء فى غزة سواء فى الوساطة بمفاوضات إطلاق النار أو كمركز للمساعدات الإنسانية معربًا عن تقديره لتسهيل مصر وصول المساعدات السنغافورية إلى غزة.
> ما تقييمك لمستوى العلاقات بين البلدين حاليا؟
>> على المستوى السياسى والدبلوماسى فالعلاقات بين مصر وسنغافوره جيدة للغاية، ومصر تعد أول دولة عربية اعترفت بسنغافورة ويحتفل البلدان بالذكرى الستين للعلاقات الدبلوماسية بينهما العام المقبل 2026، مما يُمثل علاقات ثنائية راسخة بين الدولتين. ومصر بلد مهم لسنغافورة، ويجرى البلدان حوارًا منتظمًا وتبادلاً للزيارات الوزارية بشكل متكرر. وزيارة الرئيس ثارمان شانموجار تؤكد عمق العلاقات والرغبة الأكيدة فى تعميقها
> ما هو حجم التبادل التجارى بين البلدين، وما خططكم لزيادة وتعزيز الاستثمارات مع مصر؟
>> تتمتع مصر بموقع استراتيجى بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وتتمتع بالاستقرار، وتعمل بنشاط على تعزيز التجارة والاستثمار، هذه ظروف ممتازة لمواصلة تعزيز التجارة والاستثمار. ويتجاوز حجم التجارة الثنائية حاليًا 400 مليون دولار أمريكي، وتُعدّ سنغافورة خامس أكبر مستثمر من شرق آسيا فى مصر باستثمارات تتجاوز 700 مليون دولار أمريكي. ويمكن تعزيز هذا التعاون بشكل أكبر. ووفد رجال الأعمال السنغافورى الذى يرافق زيارة رئيس سنغافورة حاليا إلى مصر يعمل على تعزيز التجارة والاستثمار. وفى الوقت نفسه، نشجع الشركات السنغافورية للاستثمار فى مصر، نظرًا لما تتمتع به من إمكانات غير مستغلة فى الصادرات الزراعية والقوى العاملة والطاقة الخضراء إلى جانب استثماراتنا التقليدية فى مجالات مثل السلع الزراعية والتصنيع، فإننا نسعى أيضًا للتعاون فى مجالات جديدة
> كيف تقيمون التعاون فى قطاع التعليم خاصة التعليم الأزهرى الذى يجذب المزيد من الطلاب السنغافوريين؟
>> يرجع التعاون فى قطاع التعليم بين الأزهر والمجلس الإسلامى السنغافورى (MUIS) لأكثر من 50 عامًا، ولا يزال يتقدم بشكل جيد. مفتو سنغافورة السابقون والحاليون هم من خريجى الأزهر، وكذلك معظم علمائنا البارزين. ويوجد حاليًا 147 طالبًا سنغافوريًا فى القاهرة. يدرس 143 منهم فى جامعة الأزهر، ويدرس طالبان فى الماجستير تخصص اللغة العربية والفلسفة الإسلامية فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، و كلية القاهرة الجديدة (AUC)، واثنان فى معهد البحوث الأزهرية.
يعمل معظم خريجينا السنغافوريين من مصر كمعلمين دينيين فى المدارس الدينية، أو كمسؤولين دينيين فى المساجد (مسئولين عن التعليم، وأنشطة الشباب، والرعاية الاجتماعية، ومهام الإمامة فى سبعين مسجدًا فى سنغافورة)، أو يواصلون تعليمهم، أو يلتحقون بالقطاع الخاص.
> وماذا عن التعاون فى الشئون الدينية بين البلدين؟
>> هناك زيارات منتظمة بين سنغافورة ومصر من قِبل مسؤولينا فى المجال الديني. فى يناير من هذا العام، زار وزير الشؤون الإسلامية آنذاك، ماساغوس ذو الكفل، ومفتى سنغافورة، نذير الدين محمد ناصر، مصر، حيث التقيا فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، الشيخ أحمد الطيب، ومفتى الديار المصرية الدكتور نظير عياد. وفى يونيو الماضي، زار المفتى المصرى سنغافورة لحضور أول ندوة لمختبر الفتوى 2025، التى نظمها المجلس الإسلامى السنغافوري. وتُعدّ ندوة مختبر الفتوى منصةً للخبراء لمناقشة كيفية معالجة مؤسسات الفتوى للتحديات الاجتماعية والأخلاقية والدينية المعقدة.
كما تعاون المجلس الإسلامى السنغافورى مع جامعة الأزهر خلال السنوات القليلة الماضية فى برنامج شهادة الدراسات العليا فى الإسلام فى المجتمعات المعاصرة (PCICS). وهو برنامج إلزامى مدته عام واحد لتدريب كل خريج جديد تدريبًا مهنيًا ليصبحوا قادة دينيين أكفاء للمجتمع الإسلامى السنغافوري.
بالإضافة إلى ذلك، فإننا نقدر دعم مصر لتطوير كلية سنغافورة للدراسات الإسلامية (SCIS) التى ستستقبل أول دفعة من الطلاب فى عام 2028 تهدف كلية سنغافورة للدراسات الإسلامية إلى إنتاج قادة دينيين على أساس السياق المتعدد الأعراق والأديان فى سنغافورة، ويشرفنا انضمام المفتى الأكبر ورئيس جامعة الأزهر الدكتور سلامة داود إلى الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى للدراسات الإسلامية، إلى جانب علماء إسلاميين بارزين آخرين.
> وكيف تقيمون التعاون بين البلدين فى مجال السياحة؟
>> مصر وجهة سياحية شهيرة للسياح السنغافوريين على الرغم من قلة الرحلات الجوية المباشرة، ولا يزال هناك مجال للنمو. قد تكون السياحة الثقافية وسياحة الغوص من المجالات التى قد ترغب السلطات السياحية المصرية فى الترويج لها بين السنغافوريين. كما تعمل شركة سنغافورية، على الترويج للثقافة المصرية فى الخارج، وجلبت الشركة قطعًا أثرية لرمسيس الثانى إلى جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك الصين واليابان وفرنسا وألمانيا. أعتقد أن لدينا مستوى جيدًا من التعاون فى مجال السياحة.
> ما هى وجهة نظركم تجاه الأزمات الدولية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية؟
>> موقفنا واضح ومتوافق مع الموقف المصرى الرافض للحرب على غزة
والرئيس عبر عن هذا خلال القمة مع الرئيس السيسى فلطالما لطالما كانت سنغافورة من أشد المدافعين عن التعددية والقانون الدولي. وفيما يتعلق بفلسطين تحديدًا، دعمنا حل الدولتين بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة. صوّتت سنغافورة أيضًا لصالح قرار العضوية الكاملة لدولة فلسطين فى الأمم المتحدة فى مايو 2024 وتجاوزت أفعال إسرائيل فى غزة كل الحدود، وتم إخبارهم بذلك عند زيارة وزير خارجية سنغافورة لاسرائيل العام الماضى ، وتدعو سنغافورة إسرائيل إلى الالتزام بالقانون الإنسانى الدولي، وتطبيق وقف فورى لإطلاق النار واستئناف تقديم المساعدات الإنسانية بالكامل للمدنيين الفلسطينيين فى غزة. فالسبيل الوحيد لحل شامل وعادل ودائم لهذا الصراع الطويل الأمد هو حل الدولتين .
> كيف تنظرون إلى دور مصر فى الدعوة لوقف إطلاق النار فى غزة وإدخال المساعدات الإنسانية ورفضها تهجير الفلسطينيين من ارضهم ؟ وماذا عن دور سنغافورة ؟
>> نقدر بشكل كبير الدور الذى تلعبه مصر، فمصر بلد مستقر والولايات المتحدة وسط بحر متلاطم الامواج فكل الدول حولها تشتعل بالصراعات غزة وليبيا والسودان . ومع ذلك لعبت مصر دورًا دعم فى غزة، لا سيما كوسيط رئيسى مع قطر فى مفاوضات وقف اطلاق النار وكذلك كمركز للمساعدات الإنسانية. وألاحظ أن أكثر من 70 ٪ من إجمالى المساعدات الإنسانية تمر عبر مصر. ونحن نُقدّر تسهيل مصر لإيصال المساعدات الإنسانية السنغافورية إلى غزة. فى نوفمبر 2023، أرسلت سنغافورة طائرة محملة بالمساعدات الانسانية الى غزة من خلال مطار العريش، وتوالت المساعدات وتم ارسال سبع دفعات من المساعدات الإنسانية إلى غزة بلغت قيمتها أكثر من 15 مليون دولار أمريكى من خلال الهلال الأحمر المصري، والأونروا، واليونيسف، وغيرها. ومثل مصر، تدعم سنغافورة الاستئناف الفورى والكامل للمساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين فى غزة، ووقف إطلاق النار الفوري. وقد أرسلت من قبل سنغافورة فى بداية الحرب أطباء الى المستشفى الفرنسى لعلاج الجرحى و المصابين، و شارك طيران سنغافورة مع الطيران الأردنى فى مارس 2024 فى إنزال مساعدات انسانية الى غزة من خلال الجو ، كما حضر الى مصر وفد من الصليب الاحمر السنغافورى منذ شهرين والتقى بوفد من الهلال الاحمر المصرى وقاموا بالتنسيق معهم لشراء خيام حتى يتم دخولها بمجرد فتح معبر رفح ، وتُؤيد سنغافورة حل الدولتين التفاوضي، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولى ذات الصلة. ونأمل أن نرى وقف إطلاق النار فى غزة قريبًا. وسنغافورة دولة صغيرة ولكنها أعربت رفضها عن الممارسات الاسرائيلية تجاه غزة وإذا كان هناك نفس المطلب من عدة دول صغيرة ربما كان هناك ضغط على إسرائيل.
> كيف تنظرون لدعوة مصر لمؤتمر التعافى المبكر وإعادة إعمار غزة والذى سوف تستضيفه فور الاعلان عن وقف إطلاق النار.. وهل ستشاركون فيه؟
>> سنغافورة تدعو دائما إلى وقف فورى لإطلاق النار فى غزة، وسنشارك بفعالية فى مؤتمر إعادة إعمارغزة الذى نادت به مصر وسنرى ما يمكن أن نقدمه، وتساند سنغافورة حل الدولتين وفعلنا كل ما بوسعنا، ونتعاون مع مصر بشكل جيد فى هذا الشأن.
> ما هو انطباعك عن مصر خلال فترة تواجدك؟
>> أمضيت ٦سنوات فى القاهرة وأحب مصر جدا فهى بلد رائع وآمن وأشعر فيها بالاطمئنان واستمتعت بزيارة معظم المناطق والمدن السياحية والأثرية فى مصر ومنها الغردقة وشرم الشيخ والاقصر وأسوان والإسكندرية وغيرها من المدن المصرية.
