ألمانيا والصين وروسيا يدعمون حل الدولتين ووقف الحرب
بريطانيا تحذر إسرائيل من الانتقام بضم الضفة الغربية
يشهد العالم طوفانًا دبلوماسيًا متسارعًا مع اعتراف دول متزايدة بفلسطين، وسط تجدد الدعوات لحل الدولتين كخيار عادل للصراع. فى لندن وباريس ارتفعت الأعلام الفلسطينية رمزًا للتضامن، فيما تعالت الاحتجاجات فى شوارع إيطاليا رفضا للحرب، لتشكل صورة ضاغطة على إسرائيل وحلفائها دوليًا.
فى «لحظات تاريخية» كما وصفها مندوب فلسطين الدائم فى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور، يرتقب أن تعلن بلجيكا الاعتراف بدولة فلسطين، لتنضم بذلك إلى كل من بريطانيا وكندا واستراليا والبرتغال التى أعلنت رسمياً الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فى ما يشكّل تحولاً تاريخياً فى سياسة هذه الدول الحليفة تقليدياً لإسرائيل، ويأتى هذا بعد عامين اندلاع الحرب فى قطاع غزة.
فى الوقت نفسه، قال وزير الخارجية الدنماركى لارس لوكه راسموسن إن بلاده تعمل على خطة للاعتراف بدولة فلسطينية.أضاف، فى منشور على منصة «إنستجرام»، أنه «سيحدد نهجاً واضحاً» لموقف الدنمارك، فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، معربا عن أمله فى الوصول إلى الاعتراف بدولة فلسطينية.
كما أعلن مكتب رئيس الوزراء فى مالطا روبرت أبيلا أن بلاده ستعترف رسمياً بدولة فلسطينية، تنفيذا لإعلانه لأول مرة عن تلك الخطوة فى مايو الماضي.
وفى برلين، وقبل مغادرته إلى نيويورك، انتقد وزير الخارجية الألمانى يوهان فاديفول الهجوم الإسرائيلى على مدينة غزة، ووصفه بأنه مسار خاطئ تماما.كما دعا فى الوقت نفسه إلى بدء عملية حل الدولتين مع الفلسطينيين. وقال فاديفول: «بالنسبة لألمانيا، فإن الاعتراف بدولة فلسطينية يأتى على الأحرى فى نهاية العملية… لكن هذه العملية يجب أن تبدأ الآن».
أكد أن هدف بلاده «إقامة دولة فلسطينية، ودعم حل الدولتين». وأردف قائلاً: «مهما بدا حل الدولتين القائم على التفاوض بعيدا فى الوقت الحالي، فهو السبيل الذى يُمكِّن الإسرائيليين والفلسطينيين من العيش فى سلام وأمن وكرامة».
فى المقابل، أوضح أن ذلك يجب أن يتحقق عبر المفاوضات. وقال: «لا ينبغى لأحد أن ينتهج سياسة فرض الإرادة بأى ثمن.. يبقى طريق التفاهم والتسوية والمفاوضات الطريق الأوسط الصعب والمرهق. لكننا نؤيد هذا الطريق».كما شدد على أن «ما تحتاجه المنطقة الآن هو وقف فورى لإطلاق النار، ومزيد من المساعدات الإنسانية لسكان غزة، والإفراج الفورى وغير المشروط عن الرهائن».
من جانبها قالت وزيرة الخارجية البريطانية يفيت كوبر، إنها حذّرت إسرائيل من ضم أجزاء من الضفة الغربية، كرد فعل على اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطين. وعندما سُئلت كوبر عمّا إذا كانت «قلقة» من أن تتخذ إسرائيل هذا الإعلان ذريعة لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، قالت إنها أوضحت لنظيرها الإسرائيلى أن عليه وعلى حكومته ألا يفعلوا ذلك.
وفى روسيا، قال الكرملين إن بلاده لا تزال تعتقد أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتسوية الصراع فى الشرق الأوسط، وذلك رداً على سؤال حول قرار بعض الدول الغربية الاعتراف بدولة فلسطينية.وذكر المتحدث باسم الكرملين دميترى بيسكوف للصحفيين: «نظل ملتزمين بالقرارات الأساسية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ونظل ملتزمين بالموقف الدولى بشأن إمكانية حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على أساس حل الدولتين».
وأضاف: «يظل هذا نهجنا، ونعتقد أنه السبيل الوحيد الممكن لإيجاد حل لهذا الصراع طويل الأمد والمعقد للغاية، والذى ربما يمر الآن بأكثر مراحله حدة ومأساوية».
وفى بكين، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، إلى التمسك بحل الدولتين، وتعزيز التوافق حوله ورفض أى عمل أحادى يقوض أساس هذا الحل، مشدداً على أن «القوة والعنف لن يحققا السلام والأمن.
وتابع: «غزة تعود إلى الشعب الفلسطيني، وهى جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية. والصين ترى أنه فى ظل الظروف الحالية، يجب التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، والتخفيف من الكارثة الإنسانية بأقصى قدر من الإلحاح».
وطالب ليان الدول «ذات التأثير الخاص على إسرائيل» بأن تتحمل مسئوليتها، مشدداً على ضرورة تطبيق مبدأ «أن يحكم الفلسطينيون أنفسهم، وضمان الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطينى فى إدارة ما بعد الصراع وترتيبات إعادة الإعمار».
من جانبه، قال رئيس الوزراء الفلسطينى محمد مصطفى إن الاعترافات الدولية بدولة فلسطين «إنجاز سياسى ودبلوماسي»، موضحاً أنه سيتم هذا الأسبوع اعتماد التحالف الدولى لتنفيذ حل الدولتين كآلية دولية معتمدة لتنفيذ إعلان نيويورك الذى تم الإعلان عنه فى نيويورك فى 12 سبتمبر.
أضاف أن «الموضوع لن يتوقف عند الاعتراف بل سيتحول إلى برنامج عمل ليتم العمل على تنفيذه بمتابعة مستمرة من آلية التحالف الدولى الذى ترأسه المملكة العربية السعودية مع الاتحاد الأوروبى والنرويج بمشاركة كل الدول الأعضاء».
كذلك أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فيليب لازاريني، أن الاعتراف بدولة فلسطين هو بلا شك كتابة لمرحلة مهمة جداً، بعدما انضمت هذه الدول إلى أكثر من 140 دولة اعترفت بفلسطين، لكن يجب أن يكون بداية لعملية سياسية، على أمل أن يتبعها التزام حقيقى للتشجيع على حل الدولتين.
أوضح لازارينى أن أول التزام ملموس يجب أن يكون بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو وضع حد للجحيم الذى يعيشه شعب غزة، من خلال وقف إطلاق نار مستدام، وإطلاق سراح جميع المحتجزين، وإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية، كما يجب أن يكون ذلك متبوعاً بالتزام سياسى حقيقى لإعادة بناء القطاع.
وفى لحظة تاريخية شهدتها العاصمة البريطانية لندن، رُفع العلم الفلسطينى على مبنى السفارة الفلسطينية.أكد السفير الفلسطينى لدى بريطانيا حسام زملط، أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة جديدة على طريق العدالة والسيادة، مشددًا على ضرورة رفع الحصار عن الشعب الفلسطينى وإنهاء الاحتلال والإبادة. وأضاف أن من الواجب على المجتمع الدولى التحرك لوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، باعتباره خطوة أساسية لوقف العدوان وحماية المدنيين.
أضاف أن رفع العلم الفلسطينى يمثل خطوة جديدة نحو الحرية وتجسيد حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، موجها الشكر إلى الدول التى وقفت فى الجانب الصحيح من التاريخ ودعمت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ورغم معارضة وزير الداخلية، رفعت بلدية سان دوين عدة رفع العلم الفلسطينى احتفالاً باعتراف باريس المرتقب بدولة فلسطين.
فى المقابل، وصفت الولايات المتحدة الاعتراف بدولة فلسطينية، من قبل عدة حلفاء رئيسيين لواشنطن من بينهم بريطانيا وأستراليا وكندا بأنه «استعراضي».
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مشترطًا عدم كشف هويته: «يظل تركيزنا منصبًا على الدبلوماسية الجادة، وليس على الإيماءات الاستعراضية» .
أضاف: «أولوياتنا واضحة.. الإفراج عن المحتجزين وأمن إسرائيل، وتحقيق السلام والازدهار للمنطقة بأسرها، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا فى غياب حماس»، بحسب ما نقلته وكالة «فرانس برس».
على صعيد متصل أغلق عمال أرصفة، الطرق المؤدية إلى ميناء جنوة فى شمال إيطاليا، فى إطار إضراب ضمن احتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية على غزة.
وواجهت خدمات النقل اضطرابات، وأُغلقت عدد من المدارس فى أنحاء إيطاليا بعد إضرابات دعت إليها مجموعة من النقابات تضامناً مع الشعب الفلسطيني.
فى جنوة، شمال غرب إيطاليا، لوّح بعض المحتجين بالعلم الفلسطينى خلال تجمعات صباحية حول الميناء. وعلى طول الساحل فى مدينة ليفورنو التوسكانية، تم إغلاق مدخل الميناء من قبل العمال المحتجين، الذين يسعون لمنع استخدام إيطاليا كنقطة انطلاق لنقل الأسلحة والإمدادات الأخرى إلى إسرائيل.