مع بدء العام الدراسى وفى هذا التوقيت السنوى الذى ينتظم فيه كل أطفال العالم فى مدارسهم لإعدادهم أجيالاً نافعة لبلادهم للحاضر والمستقبل.
يعيش أطفال غزة البؤساء لحظات الضياع والدمار وسط مأساة الدم والتشريد والجوع والعطش، بل والإبادة الجماعية منذ عامين فى ظل عجز عالمى وإنسانية غائبة وخضوع لإرادة الشيطان الأعظم الذى اعتاد أن يخرج «لسانه» فى كل مرة تسعى فيه دول العالم لتوقف القتال فى غزة عبر ما يسمى بمجلس الأمن الدولى المزعوم، الذى يقال إنه يحفظ الأمن والسلم الدوليين فى العالم، وذلك من خلال ما يعرف بحق «الفيتو» الذى تمارسه الولايات المتحدة بكل صفاقة وتبجح ضد إرادة الشرعية الدولية لمصلحة الربيبة المدللة إسرائيل واللوبى اليهودى الصهيونى الذى تركع أمامه كل إدارة أمريكية لا تملك من أمر نفسها سوى التصريحات الغامضة المتناقضة التى تزعم سعيها لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط، ما بين السياسة المعلنة والسياسة الفعلية.
مأساة أطفال غزة على مرأى ومسمع لكل شعوب العالم منذ عامين.. صار الناس الآن يتجنبون مشاهدتها من هول فظاعة الأحداث.. إلا أن واحدة منها نجح الإعلامى عمرو أديب أن يجبرهم على مشاهدتها عبر برنامجه ووسائل التواصل الاجتماعى يوم الجمعة الماضى بفيديو فاضح كاشف للإنسانية العرجاء، يصور طفلاً فلسطينياً من أطفال غزة لا يتجاوز عمره «7 سنوات» وهو يجرى فى غياهب رمال غزة حاملاً فوق كتفه أخته الصغيرة نوال «3 سنوات» والفزع والهلع يطل من أعينه البريئة وهو يصيح باكياً «أبى.. أبى»، الذى يبدو أنهما تاها منه فى خضم فوضى التهجير القسرى الذى يمارسه الكيان الصهيونى الفاجر، والذى تكرر عدة مرات ما بين شمال غزة وشرقها وغربها وجنوبها، فى أقذر عمليات نزوح وتهجير شهدها العالم منذ بدء الخليقة حتى الآن، وسط القنابل وعمليات الإبادة الجماعية، التى فشلت كل المساعى الدولية والإقليمية لإيقافها، فى ظل الصلف والغطرسة الإسرائيلية والدعم الأمريكى السافر بلا حدود ولا حساب.
>>>
حقاً، الفيديو كان مبكياً ومخزياً فى ظل العجز الدولى والإنسانى إزاء هذا المخطط الصهيونى المريب الذى يتصاعد هذه الأيام بشكل فج ومثير، ولا أحد يعرف إلى أين سينتهى، وما مصير المنطقة بأسرها فى ظل هذا الجنون الإسرائيلى؟!
بالتأكيد، لا وقت الآن لإدانة حماس وعملية «طوفان الأقصى».. هذا ليس وقت المساءلة والحساب.. ولكنه وقت الإغاثة والإنقاذ الذى تسعى إليه مصر الشقيقة الكبرى المسئولة لإيصال المساعدات ودعم الفلسطينيين وصمودهم على أرضهم وإفشال مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية بعد أن فضح «العدو» الإسرائيلى نفسه وأفصح عن رفضه لأى سلام قدمته له دول المنطقة.
إن موقف مصر القوى الواضح يجب أن يكون محور الارتكاز لكل دول المنطقة، خاصة بعد العدوان الإسرائيلى المجرم على دولة قطر الشقيقة شريكة الوساطة مع مصر والولايات المتحدة للتهدئة ووقف القتال على أمل إيجاد حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط وضمان أمن إسرائيل المزعوم، الذى تجعل منه ذريعة كل مرة فى تجاوز حدودها إلى حدود الدول العربية المجاورة.
>>>
حقاً، أشعر بالأسى مع بدء العام الدراسى، الذى كان يمثل فرحة شخصية لى، أستعيد معها ذكريات الطفولة والتلاميذ الصغار يحملون حقائبهم وأدواتهم المدرسية.. يحملون الأمل فى تواصل الأجيال والعلم من أجل خدمة بلدهم فى كل المجالات.. وكثيراً ما كنت أفاخر بانتظام العملية الدراسية فى الأراضى الفلسطينية التى اعتادت أن تبدأ فى اليوم الأول أو الثانى من شهر سبتمبر كل عام، مهما كانت الظروف أو الضربات الإسرائيلية على غزة والضفة من وقت لآخر.
ولكن بالتأكيد، لقد ضرب العام الدراسى الفلسطينى فى مقتل، خاصة فى غزة التى يحمل أطفالها أنفسهم هذه الأيام فى ظل عمليات التهجير المجرم إلى الموت أو على أفضل احتمال إلى المجهول كما ينقله لنا المصورون الصحفيون فى الأراضى المحتلة، الذين لا يسلمون هم أيضا من قذائف الموت والاصطياد مثلهم مثل الجوعى والمشردين.









