فى ظل الحديث عن التنمية والمعايير العالمية لزيادة إنتاجية الاقتصاد القومى يتغافل البعض للأسف الشديد عن أبسط الأشياء وأهمها فى الوقت ذاته وهو معدل إنتاجية العامل المصرى التى مازالت غير مرضية بعد أن كانت على القمة فى أسواق العمل بمنطقة الشرق الأوسط خاصة فى الدول العربية، هذا العنصر الأساسى الذى يلعب دورًا كبيرًا فى تكلفة الإنتاج ومحورًا رئيسيًا للتنمية والتنافسية.
رغم تميز مصر برخص العمالة عن دول كثيرة للأسف الشديد مازالت معدلات إنتاجية العامل فى مصر غير مرضية ولا ترتقى للمعايير العالمية للإنتاجية، حيث تراجعت بعد أن كنا نتميز بها فى أسواق عديدة خاصة الاسواق العربية التى كانت تعتمد على العامل المصرى بنسبة 100 ٪ فى جميع المجالات والأنشطة والمهن والوظائف ذات المهارات الخاصة، هذا التراجع نتيجة أسباب عديدة أهمها غياب الكيانات المؤسسية للتدريب والتأهيل لسوق العمل والتوافق مع الوظائف والمهن الجديدة التى تحتاجها الانشطة وخطوط الانتاج المختلفة.
للأسف غابت هذه المؤسسات فى الوقت الذى نحن فى أمس الحاجة إليها فى ظل وجود أكثر من 28 مليون نسمة فى عمر الشباب القادر على الإنتاج، حيث تعانى الأنشطة خاصة الزراعية من نقص العمالة المدربة مما يؤثر سلبًا على معدلات الإنتاجية حيث لاتوجد الخبرة الكافية التي تسهم بالقيمة المضافة والاستغلال الأمثل لثرواتنا ورءوس الاموال المستثمرة.
فى الواقع نحن فى حاجة إلى منظومة ترتقى بدخل العامل لتحسين مستواه المعيشى وفى نفس الوقت تعظيم العائد من رءوس الاموال المستثمرة، وهنا يجب أن نربط الإنتاجية بالأجور تحقيقًا للعدالة وتشجيعًا على زيادة الدخل وكذلك الإنتاجية.
فى الواقع إذا كنا نريد تنمية حقيقة وشاملة علينا أن نستهدف قبل فوات الأوان منظومة واضحة المعالم يعلمها الجميع ويخشاها المخالف، وتقضى على الثغرات والتوترات المستمرة داخل سوق العمل، الأمر الذى يؤثر سلبًا على مناخ الاستثمار فى مصر.
إذا كنا جادين فى الاستغلال الأمثل لقدراتنا وامكانياتنا البشرية لابد من سرعة إعادة تأهيل الشباب لسوق العمل على أسس علمية مدروسة على كافة الأصعدة من مناهج تخاطب سوق العمل ومراكز للتدريب والتعليم خاصة على المهارات الجديدة والتخصصات النادرة ليصبح لدينا ميزة تنافسية للعمالة سعرًا وجودة.