أشلاء الضحايا وأنهار الدماء وهدم المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس ومنع المساعدات من الغذاء والدواء والوقود فى غزة الجريحة وسط صمت دولى خلال عامين راح فيها عشرات الآلاف من الضحايا الذين نحتسبهم من الشهداء عند الله تعالى، وكذلك المئات من المصابين والجرحى من النساء والأطفال والشيوخ وذوى القدرات على يد الصهيونى نتنياهو وعصابته المجرمة فى تحد صارخ للقانون الدولى الإنسانى وبدعم من الرئيس الأمريكى الذى يعشق الدماء ويطمع فى الحصول على جائزة نوبل للسلام متحدياً شرفاء العالم.
لا شك أن هذه الأحداث وطول أمدها قد أنستنا الاحتفال السنوى بعيد الفلاح الموافق التاسع من شهر سبتمبر من كل عام، الذى يخلد ذكرى صدور قوانين الإصلاح الزراعى، بعد ثورة يوليو 1952 من القرن الماضى، الذى سيظل خالداً فى ذاكرة التاريخ.
ففى مثل هذا اليوم التاريخى قبل 73 عاماً كان الفلاحون الأوفياء على موعد مع القدر، حيث تملكوا أرضهم لأول مرة بما حقق العدالة الاجتماعية التى كانت أحد مبادئ الثورة، حيث حرموا هذه العدالة فى ظل الإقطاع البغيض الذى امتص دماءهم فى ظل السخرة والعبودية.
يأتى الاحتفال بهذا اليوم تكريماً لجهد الفلاح المتواصل عبر آلاف السنين ودوره البارز الذى لا ينسى مهما مرت السنون فى الاقتصاد الوطنى وعرفاناً بفضله فى توفير كل ما يلزم المواطن المصرى فى حياته اليومية من السلع الغذائية من الحبوب والخضروات والفاكهة واللحوم الحمراء والبيضاء وغير ذلك مثل البيض والعسل والزيوت والألبان بكل مشتقاته.
يحق لكل مصرى أصيل أن يهنئ كل من يعمل بمهنة الفلاحة الذى يبلغ عددهم نحو 5.2 مليون مشتغل.
استطاع الفلاح المصرى الأصيل أن يحقق الاكتفاء الذاتى من 9 محاصيل فى ظل الجمهورية الجديدة التى أحدثت ثورة زراعية جبارة لم تحدث من قبل، ومن هذه المحاصيل الخضر والفاكهة، حيث تصدرت مصر المركز الأول عالمياً فى تصديرها، والأرز والذرة البيضاء والبصل وكان نصيب مصر مؤخراً من دعم الاقتصاد الوطنى من تصدير الحاصلات الزراعية ما يقرب من عشرة مليارات من الدولارات الأمريكية.
لم تكن هذه الطفرة من فراغ، وإنما بجهود الحكومة خلال السنوات الأخيرة، التى تمثلت فى دعم السماد والبذور والتقاوى المنتقاة والمبيدات من خلال كارت الفلاح وتغطية الترع والمصارف والرى بالوسائل الحديثة وتطوير الميكنة الزراعية وإنشاء حبوب زراعية وإسقاط الديون عن عدد كبير من الفلاحين المتعثرين.. لم يتوقف دعم الدولة على فلاحى الوادى والدلتا فحسب، بل امتد إلى المحافظات الحدودية، خاصة الأراضى الصحراوية الجديدة مثل حلايب وشلاتين ومطروح وسيناء الحبيبة والوادى الجديد.
رغم ما قدمته الحكومة للفلاح خلال الفترة الأخيرة، إلا أن الفلاح مازال بحاجة ماسة وضرورية لدعم الحكومة، خاصة المرشد الزراعى الذى اختفى بفعل فاعل نظراً لعدم تعيين خريجى كليات الزراعة وخروج عدد كبير منهم لسن التقاعد.. أين المراكز البحثية من توفير أجود أنواع التقاوى الأعلى إنتاجاً؟!، وأين دور الجمعية الزراعية، الذى اقتصر دورها على صرف السماد وأين دور حماية المستهلك والغرف التجارية لحمايته من جشع التجار؟