عندما اخترت «مجرد كلام» عنواناً لمقالى منذ أكثر من عشر سنوات كان العنوان رسالة لشخصى بأن ما أطرحه فى هذه المساحة ربما يكون من وجهة نظر البعض مجرد كلام لأنه ليس شرطاً أن تحمل رؤيتى لما أطرحه من قضايا الصواب فى كل الوقت فقد تكون قاصرة على ما توافر لديّ من معلومات وقد تكون هناك معلومات غائبة عنى لو علمتها لاختلفت رؤيتى لذا فإن ما نقوله ونطرحه سيظل مجرد كلام من وجهة نظر أحدهم ربما لمعلومة ناقصة عنا أو عنه.
واليوم ما أكتبه ليس مجرد كلام لأنه بحق إنسان اتفق الجميع على محبته لما لمسوه منه من كرم ونبل أخلاق قلما توافرت فى هذا الزمن.. إنسان لم نعهده إلا مبتسماً حتى وسط صعاب الحياة فلم يعرف العبوس وجهه يوماً ولم نسمع أحدهم يشكو منه فى أى موقف.. لم نعرف له عدواً فالجميع اجتمع على محبته واحترامه بشكل يجعلك تتوقف وتتسأل كيف نجح فى تحقيق المعادلة الصعبة وأرضى الجميع وضميره معاً.. سؤال يصعب الإجابة عنه لكن منعم كما كنا نناديه نجح فى ذلك بأخلاقه الفريدة.
فى مؤسسة دار التحرير قد لا يعرف الجميع بعضهم البعض بحكم التصنيف ما بين صحفى وإدارى وعامل ولكل منهم قطاعه الذى لا يحتك بالقطاع الآخر إلا من خلال المديرين لذا فنسبة ليست بقليلة لا تعرف بعضها البعض وكنت أنا واحدة منهم حتى قدر لى أن أصبح عضواً بمجلس الإدارة منذ المرة الأولى لترشحى فى عام 2014 وحتى اليوم الأمر الذى خلق لى علاقات واسعة داخل المؤسسة لكن علاقتى بالزميل الخلوق عبد المنعم محمد المدير المالى بقطاع الإعلانات بدأت من خلال السيدة الفاضلة فادية محمد مدير عام المؤسسة السابقة فكثيراً ما كانت تصف أمانته وخلقه بجانب مهارته فى العمل ولهذه السيدة مكانة كبيرة فى قلبى وكلامها مصدر ثقة بالنسبة لى وكثيراً ما كنت التقى به فى مكتبها فنتبادل السلام فأجد وجهه يقول ما وصفته به.
ظل هذا الوضع حتى عام 2016 وكان قد تم اختياره مشرفاً مالياً لرحلة الجمهورية التى تنظمها لأوائل الثانوية العامة فى الوقت الذى تم اختيارى كمشرفة طالبات وقبل السفر بأيام وجدت السيدة الفاضلة ابتسام عامرى المدير المالى بقطاع الإعلانات تتصل بى لتوصينى خيراً به لأن معظم المسافرين صحفيين وكان هو الإدارى الوحيد.. احترامى لمنعم كما يناديه الجميع زاد بعد أن تم تكليفى بتشكيل لجنة لبحث مشكلة فى أحد القطاعات ولم أجد أفضل منه ليكون عضواً مالياً وفى الوقت الذى حاول البعض إخفاء الحقائق إرضاءً لآخرين لم أجده إلا صاحب موقف لا يخشى فى الحق لومة لائم يفعل هذا بهدوء لا يخلو من ابتسامة تكسو وجهه تشعر معها بالأمان والارتياح.
مساء الجمعة الماضية حدثنى زميل وكنا نرتب لتشكيل لجنة لتنظيم حدث خاص بالجريدة ولابد أن تتضمن عضواً مالياً فأعدت عليه نفس الجملة «خليه منعم إنسان محترم وفاهم» ليأتى صباح السبت حزيناً قابضاً للقلوب عندما رن هاتفى وكان المتحدث الزميل عز عزمى مدير عام المؤسسة لشئون التوزيع ليبلغنى بالخبر الذى اعتصر قلبى لتنهال بعدها الاتصالات من الزملاء للتأكد من الخبر لأعيد عليهم ما قاله لى الأستاذ عز وأنا رافضة تصديق ما قال وما أقول.. إن الموت علينا حق ولكن يصعب الفراق عندما يكون لشاب عرفناه نبيل الخلق والطباع.. شاب رغم صغر سنه كنا ننتظره فى مكانة أفضل لأنه يستحقها بعلمه ومهارته.. شاب زرع محبته فى القلوب بخلقه الفريد.. رحم الله زميلنا عبدالمنعم محمد وألهمنا جميعاً الصبر على فراقه.