جاء لقاء الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء برؤساء التحرير محمّلاً برسائل كاشفة عن طبيعة المرحلة التى تمر بها البلاد، وعن موقع الإعلام فى معادلة الثقة والمحاسبة.. لم يكن مجرد لقاء بروتوكولى، بل بدا محاولة لإعادة رسم العلاقة بين الحكومة والصحافة على أسس جديدة، تستند إلى إدراك متبادل لدور كل طرف فى حماية استقرار المجتمع ومواصلة مسيرة التنمية.
أولى الرسائل التى خرج بها اللقاء تمثلت فى التأكيد على أن وعى المواطن هو خط الدفاع الأول فى مواجهة الشائعات والحروب النفسية.. هذا الطرح يعبّر عن إدراك بأن المعركة الحقيقية اليوم تُخاض فى عقول الناس، وأن الحماية لا تتحقق بالقرارات وحدها، بل بالقدرة على إشراك الجمهور فى مسؤولية الدفاع عن استقرار وطنه.. هنا يبرز دور الإعلام كوسيط فاعل يقدم المعلومة الموثوقة ويفضح التضليل، ويحول المواطن من متلقٍ سلبى إلى شريك واعٍ.
كما شدد اللقاء على استمرارية الخطط التنموية رغم الأزمات، فى ظل تقلبات إقليمية وعالمية تلقى بظلالها على اقتصادات الدول، فإن إعلان الدولة المضى فى مشروعاتها يمثل رسالة طمأنة.. غير أن هذه الرسالة تضع على الإعلام مسؤولية مضاعفة، إذ لا يكفى ترديد وعود الاستمرارية، بل يجب متابعة التنفيذ، ورصد ما إذا كانت ثمار التنمية تصل فعلاً إلى المواطنين، أم تبقى حبيسة المؤشرات والتقارير الرسمية.
ملف المياه مثّل محطة محورية فى اللقاء، حين وصفه رئيس الوزراء بأنه «قضية وجودية» لمصر.. هذا التوصيف يضع القضية فى إطارها الحقيقى «مسألة حياة لا تحتمل التأجيل».. ومع التوسع فى مشروعات الترشيد والتحلية، يبقى التحدى الأكبر فى تغيير سلوك المواطن.. هنا يظهر دور الإعلام فى قيادة معركة التوعية الشاملة، وتحويل الترشيد إلى ثقافة يومية، بحيث يصبح وعى الناس شريكًا رئيسياً فى صون الموارد.
الإصلاحات الاقتصادية كانت حاضرة فى صورة خريطة واضحة تضم مؤشرات النمو، واستقرار سعر الدولار، والتحكم فى معدلات التضخم، إضافة إلى مشروعات تطوير البنية التحتية والإسكان ومحاربة العشوائيات.. هذه مؤشرات مهمة، لكن قيمتها الحقيقية لا تُقاس بالأرقام وحدها.
لم يغب البعد السياسى عن اللقاء، إذ جدد رئيس الوزراء التأكيد على الموقف المصرى الثابت من القضية الفلسطينية، ورفض أى محاولات لتصفيتها أو تهجير الفلسطينيين.