أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التى تم الاعلان عنها لخمس سنوات قادمة جاءت لتحقيق التكامل بين رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة.
الوزيرة عقدت لقاءاً موسعًا مع رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإخبارية وعدد من الكُتاب، فى إطار الجلسات التى تنظمها الوزارة ضمن فعاليات الحوار المجتمعى حول «السردية الوطنية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء. وفى بداية اللقاء رحبت الوزيرة بالحضور، مؤكدة أن الإعلام شريك أساسى فى دعم الجهود الوطنية للتنمية، وأن الوزارة تحرص على التواصل المستمر مع ممثلى وسائل الإعلام للرد على استفساراتهم بشأن الملفات المختلفة، خاصة ما يتعلق بالسردية الوطنية للتنمية الاقتصادية.
أشارت المشاط إلى توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة تعزيز الإنتاج والصناعة وزيادة الصادرات، مستشهدة بكلمته أمام مجلس النواب فى أبريل 2024 التى أكد فيها أن الدولة ماضية فى استكمال مسيرة البناء لتحقيق تطلعات المواطن فى دولة حديثة وديمقراطية، من خلال الإصلاح الاقتصادى واستراتيجيات تعظم الموارد الوطنية وتعزز مرونة الاقتصاد المصري، مع تعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسى فى قيادة التنمية.
استعرضت الوزيرة جهود إعداد «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» التى بدأت منذ أكتوبر 2024، موضحة أن إطلاق مصطلح «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» يعكس كونها مظلة شاملة تضم رؤية 2030 وبرنامج عمل الحكومة والاستراتيجيات القطاعية مثل الاستثمار الأجنبى المباشر، التنمية الصناعية، التشغيل وريادة الأعمال، بما يعزز قدرة الدولة على الترويج لنموذجها الاقتصادى فى مواجهة المتغيرات العالمية وسياسات الحماية التجارية، مع التركيز على المزايا التنافسية لمصر. وبيّنت أن السردية تهدف إلى التحول نحو نموذج اقتصادى يرسخ استقرار الاقتصاد الكلى وينفذ إصلاحات هيكلية تركز على القطاعات الأعلى إنتاجية مثل الصناعات التحويلية غير البترولية، وتوطين الصناعة، وتطوير التخطيط الإقليمي.
أكدت أن السردية تمثل فى جوهرها برنامج إصلاح اقتصادى وأداة للترويج لركائز الاقتصاد المصري، تسلط الضوء على الإصلاحات الداعمة للنمو وجذب الاستثمارات وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، مع استعراض البدائل التمويلية المتاحة أمامه والفرص الواعدة فى مختلف القطاعات. وأشارت إلى أن مؤشر آفاق التعقيد الاقتصادى يعكس تقدم مصر إلى المرتبة الخامسة عالميًا بين 145 دولة، بما يؤكد إمكانات الاقتصاد المصرى فى تنويع الصادرات ورفع قيمتها المضافة، إلى جانب الترتيب المتقدم لمصر فى مؤشر التعقيد الأخضر الذى يعكس فرص التحول للقطاعات الأكثر إنتاجية.
أوضحت المشاط أن السردية تستند إلى ما تحقق من بنية تحتية متطورة دعمت التوسع الصناعى والتجاري، بما يعزز تنافسية الاقتصاد وقدرته على امتصاص الصدمات، وذلك من خلال ركائزها الثلاثة: استقرار الاقتصاد الكلى كشرط للتنمية، والتحول الهيكلى نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري، وإعادة تعريف دور الدولة فى الاقتصاد عبر تمكين القطاع الخاص. وشددت على ما يتمتع به الاقتصاد المصرى من مقومات فريدة تشمل السوق المحلى الكبير، الموقع الجغرافى المتميز، قناة السويس والمنطقة الاقتصادية المرتبطة بها، إضافة إلى مشروعات الطاقة المتجددة والتكامل الإقليمى والاتفاقيات التجارية والقدرات البشرية المؤهلة.
كما استعرضت الوزيرة وضع المؤشرات الاقتصادية الراهنة، مشيرة إلى أن الصناعات التحويلية غير البترولية والسياحة والاتصالات والزراعة والتجارة تصدرت القطاعات الداعمة للنمو، رغم تحديات انكماش قطاع البترول وتأثر إيرادات قناة السويس بالتوترات الجيوسياسية، وهو ما يعكس فرصًا للنمو بمجرد تعافى تلك القطاعات. ولفتت إلى تحسن الاستثمارات الخاصة التى ارتفعت نسبتها إلى 62.8 ٪ من إجمالى الاستثمارات فى الربع الثالث من العام المالى الماضي، بزيادة 24 ٪، مقابل انكماش الاستثمارات العامة، مؤكدة أن ذلك يعكس نجاح سياسات حوكمة الاستثمارات العامة.
أضافت أن الوزارة تلتزم بسياسات الشفافية عبر إصدار تقارير ربع سنوية باللغتين العربية والإنجليزية لعرض تفاصيل النمو والمؤشرات الاقتصادية، بما يعزز ثقة المستثمرين. وأشارت إلى أن السردية تقوم على علاقة تكاملية بين استقرار الاقتصاد الكلى والإصلاحات الهيكلية، لخلق اقتصاد ديناميكى قادر على رفع الإنتاجية وتوسيع قاعدة التصدير وتحفيز مشاركة القطاع الخاص. وأكدت أن السردية تترجم أولويات الإصلاح الهيكلى إلى أهداف كمية قابلة للقياس بحلول عام 2030، يتم تنفيذها من خلال 25 جهة وطنية تعمل على عشرات الإصلاحات ضمن البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية.
وأوضحت أن وثيقة سياسة ملكية الدولة تعد المرجعية الأساسية لتحديد القطاعات التى تستمر الدولة فى إدارتها وتلك التى تتيح فيها المجال أمام القطاع الخاص، بما يرسخ مبادئ الحوكمة والشفافية ويعزز تنافسية الاقتصاد. أشارت إلى تكامل ثلاث جهات رئيسية فى هذا الإطار وهى وحدة الشركات المملوكة للدولة بمجلس الوزراء، والصندوق السيادى المصري، ووحدة الطروحات الحكومية.
كما تطرقت الوزيرة إلى قضية التمويل من أجل التنمية باعتبارها قاسمًا مشتركًا فى مختلف المحاور، مشيرة إلى أن مصر أصبحت منصة للتمويلات الميسرة من شركاء التنمية للقطاعين الحكومى والخاص بإجمالى 16 مليار دولار منذ 2020، فضلاً عن إتاحة الاتحاد الأوروبى ضمانات استثمار بقيمة 1.8 مليار يورو لحشد استثمارات عامة وخاصة بقيمة 5 مليارات يورو.
أكدت أن هذه الجهود مكنت من دخول مؤسسات دولية ثنائية لتمويل القطاع الخاص المصرى لأول مرة.
واختتمت الوزيرة بالتأكيد على أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية ستشمل خلال فترة الحوار المجتمعى استراتيجية للحماية الاجتماعية والتنمية البشرية، موضحة أن المستهدفات الكمية تم تحديدها وفق ثلاثة سيناريوهات تتراوح بين إصلاح أساسى وإصلاح متسارع أو سيناريو متحفظ حال استمرار حالة عدم اليقين العالمية. وأشارت إلى أن الحوار المجتمعى الذى يمتد خلال الشهرين المقبلين سيأخذ بملاحظات الخبراء والمتخصصين ويستفيد من مخرجات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية 2025 للوصول إلى النسخة النهائية من السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية.