تحتفي المملكة العربية السعودية، قيادةً وشعبًا، غدًا بيومها الوطني الخامس والتسعين تحت شعار “عزنا بطبعنا”.
يُجسِّد هذا اليوم حدثًا تاريخيًا بارزًا، لارتباطه بصدور الأمر الملكي عن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، بإعلان توحيد أرجاء البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختيار يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ، الموافق 23 سبتمبر 1932م، يومًا للاحتفاء به.
وتواصل المملكة في يومها الوطني الـ95 كتابة فصول جديدة من مسيرة المجد والبناء، ماضية بخطى واثقة على درب التنمية المستدامة، مُستنِدة إلى إرث الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ومدفوعة برؤية وطنية طموحة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
وعبر مسيرتها الممتدة لعقود، رسَّخت المملكة حضورها الدولي في مختلف المجالات، لتصبح نموذجًا رائدًا في النهضة الاقتصادية والاجتماعية والابتكارات التنموية، مُستندة إلى ثوابت الهوية السعودية التي أرساها الملك عبدالعزيز حين وحَّد دولة راسخة الجذور، دستورها كتاب الله وسنة نبيه، ورايتها التوحيد.
ويأتي اليوم الوطني ليرسّخ معاني الفخر والانتماء، إذ يعيش المواطن والمقيم والزائر على أرض المملكة نهضة شاملة تتجلى في جودة الحياة، ومشاريع البنية التحتية، وتعزيز المكانة الدولية للمملكة، التي لا تعرف حدودًا لطموحها نحو مستقبل يليق بمكانتها وريادتها.
لقد أفنى القائد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن عمره في مواجهة تحديات الحياة في الجزيرة العربية، لتتوحد بفضل الله تعالى، ثم بجهوده، دولة فتية تتمتع بالأمن والاطمئنان والخيرات الوفيرة، ويقف لها العالم احترامًا وتقديرًا. وارتسمت على أرض المملكة ملحمة جهادية تمكّن فيها الملك عبدالعزيز من جمع قلوب أبناء وطنه وعقولهم على هدف نبيل وواعد، وبتوفيق الله وما حَباهُ من حكمة، تمكّن الملك عبدالعزيز من إرساء قواعد وأسس راسخة لوطن الشموخ، قادته لنشر العدل والأمن، ومضى من أجل ذلك سنين عمره.
وأرسى الملك الموحد منهجًا قويمًا سار عليه أبناؤه من بعده، لتكتمل أُطر الأمن والسلام وفق المنهج والهدف نفسه.
مسيرة التنمية في عهود ملوك المملكة
كان الملك سعود أول السائرين على ذلك المنهج، حتى برزت ملامح التقدم واكتملت هياكل عدد من المؤسسات والأجهزة الأساسية في الدولة، حيث حرص على رعاية شؤون المواطنين، وقام بعد توليه الحكم بجولات تفقدية شملت مختلف مناطق المملكة، إضافة إلى زيارات خارجية عزز خلالها علاقات المملكة مع الدول الشقيقة والصديقة.
وجاء من بعده الملك فيصل -رحمه الله- فتتابعت المنجزات الخيِّرة، وتوالت العطاءات، وبدأت المملكة في عهده تنفيذ الخطط الخمسية الطموحة للتنمية، كما لعب دورًا بارزًا في دعم القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وساند مصر وسوريا والأردن في مواجهة العدوان الإسرائيلي عام 1393هـ/1973م، الذي حقق فيه العرب نصرًا مهمًا.
وتدفقت ينابيع الخير عطاءً وافرًا بتسلُّم الملك خالد الأمانة، فتواصل البناء والنماء، وشهدت المملكة في عهده نهضة اقتصادية وتنموية كبيرة، مدفوعة بالإيرادات الضخمة من قطاع النفط، فاستكمل الملك خالد مشروعات الحرمين الشريفين، خاصة أعمال التوسعة السعودية الأولى للمسجد الحرام.
وازداد البناء الكبير عزًا ورفعة وساد عهد جديد من الخير والعطاء بعد مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود ملكًا على البلاد، إذ تميزت الإنجازات في عهده بالشمولية والتكامل لتشكل عملية تنمية شاملة، وأشرف على أضخم توسعتين للمسجد الحرام والمسجد النبوي المعروفة بالتوسعة السعودية الثانية، وأنشأ مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف عام 1405هـ/1984م، إضافة إلى دعمه للقضايا العربية والإسلامية.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، شهدت المملكة المزيد من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد الوطن في مختلف القطاعات، وأقر نظام هيئة البيعة لاختيار ولي العهد، وأصدر أمرًا بمشاركة المرأة السعودية في مجلس الشورى، كما تأسست في عهده هيئة حقوق الإنسان، كما واصل -رحمه الله- تطوير الحرمين الشريفين، فبدأ في عام 1428هـ/2007م التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام، فضلاً عن دوره المشهود في دعم القضايا العربية والإسلامية.
وفي العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، شَرَع في تطوير المنظومة الإدارية للمملكة، وزيادة كفاءتها التشغيلية، وواصل نهج الإصلاح ومحاربة الفساد الذي بدأه منذ توليه إمارة الرياض، وشملت إصلاحاته الجوانب الاجتماعية، إذ نالت المرأة السعودية مكتسبات عدة لتعزيز تمكينها.
وها نحن اليوم نشهد في عهد الاستدامة والنمو والتطور، قفزات كبيرة وخطوات غير مسبوقة في جميع المجالات داخليًا وخارجيًا، ورسمت ملامح المملكة، وأرست دعائم مكانتها السياسية والاقتصادية والثقافية، ورسخت دورها المؤثر في الاقتصاد العالمي، كونها قائمة على قاعدة اقتصادية صناعية صلبة، جعلتها ضمن أقوى 20 اقتصادًا على مستوى العالم.
وفي هذا العهد الزاهر، ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030، التي وضعها بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لا يمر يوم إلا وتحقق المملكة منجزات جديدة داخليًا وخارجيًا، تبشر بمستقبل مزدهر.
وواصل الملك سلمان اهتمامه بالحرمين الشريفين، إذ تابع التوسعة الثالثة للمسجد الحرام، وأصدر أمرًا بإنشاء الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وأطلق برنامج خدمة ضيوف الرحمن ضمن رؤية 2030.
سياسة المملكة الخارجية والقضية الفلسطينية
تواصل المملكة مسيرة إنجازاتها بخطى ثابتة نحو بلوغ مستهدفات الرؤية المباركة، ليس على المستوى المحلي فقط، بل إن الاهتمام بقضايا المنطقة والعالم، وخدمة الأمتين العربية والإسلامية، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، شكّل جانبًا كبيرًا من سياسات المملكة الخارجية، عبر العديد من اللقاءات مع زعماء المنطقة والعالم، وإطلاق المبادرات والمحادثات المهمة لتعزيز السلام والأمن.
وشكلت القضية الفلسطينية على امتداد تاريخها ركنًا أصيلاً في سياسات المملكة الخارجية، وسعت قيادات المملكة ولا تزال إلى حل القضية وإقامة دولة فلسطينية يعترف بها العالم، ومن أجل ذلك، أعلنت في سبتمبر 2024 إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، واستضافت اجتماعاته في الرياض، وترأست بالشراكة مع فرنسا مؤتمرًا دوليًا أقر وثيقة بإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى تسوية عادلة، وتُوِّجت هذه الجهود في سبتمبر 2025 بإعلان نيويورك المؤيد لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.




