فى المنعطفات التاريخية الكبرى تتجلى قوة الشعوب وتظهر ملامح وعيها وصلابتها .. ومصر التى تمتد جذورها الحضارية عبر آلاف السنين لم تكن يومًا دولة يسهل كسرها أو أرضًا قابلة للاختراق، فقد شكل المصريون دائمًا درعًا منيعًا وسورًا حصينًا فى وجه كل من حاول المساس بأمن البلاد أو النيل من استقرارها.. وها هى مصر اليوم تقف فى قلب واقع إقليمى ودولى شديد التعقيد حيث تتكثف محاولات جماعات الإرهاب وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية فى التعاون مع قوى خارجية لاستهداف الدولة والشعب والقيادة ،وتزداد تلك المحاولات ضراوة كلما تعاظم الدور المحورى لمصر فى محيطها العربى والإفريقى والدولي.. فمع توسع دوائر التأثير المصرى تتوسع كذلك دوائر الاستهداف وتتطور أدوات الحرب النفسية الناعمة والإعلامية التى تستخدم كسلاح لضرب الروح المعنوية وإضعاف الجبهة الداخلية، لكن الحقيقة الثابتة أن الروح الوطنية للمصريين كانت وستظل الركيزة الأساسية لمواجهة مثل هذه التحديات، فمنذ أن لفظ الشعب المصرى جماعة الإخوان الإرهابية فى ثورة الثلاثين من يونيو لم تتوقف تلك الجماعة عن محاولاتها لإثارة الفوضى مستخدمة حملات تضليل ممنهجة وتمويلات خارجية وإعلامًا عدائيًا يعمل ليل نهار على بث الشائعات والتشكيك فى المؤسسات الوطنية. الأخطر فى تلك المحاولات هو ارتباط الجماعة بمخططات خارجية مكشوفة تتقاطع مصالحها مع بعض مراكز القرار فى الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التى اعتمدت لسنوات طويلة على أدوات القوة الناعمة ومفهوم الفوضى الخلاقة لإعادة رسم خرائط المنطقة بما يخدم مصالحها الاستراتيجية ،ورغم أن هذا المخطط سقط تحت أقدام الشعب والجيش فى ميادين مصر إلا أن محاولات الالتفاف لم تتوقف وهنا يبرز الدور التاريخى للوعى الشعبى كحائط صد لا يمكن اختراقه، فالمصرى لم يكن فى يوم من الأيام بحاجة إلى دروس فى الوطنية، إذ أثبتت التجربة أنه يملك وعيًا فطريًا يمكنه من التمييز بين الحقيقة والزيف ،وبين من يعمل لصالح وطنه ومن يسعى لتنفيذ أجندات خارجية.. ومع أن مصر مثل غيرها من دول العالم تمر بأزمات اقتصادية متشابكة، فإن الغالبية العظمى من أبنائها تدرك طبيعة هذه التحديات وتعى أن الالتفاف حول الدولة والتمسك بالثوابت الوطنية واجب مقدس لا يقبل المساومة أو التهاون ،وحين تتكاثر المؤامرات لا بد أن نستحضر القاعدة الذهبية التى صاغها التاريخ بأن الجيش والشعب يد واحدة، فالجيش المصرى الذى اجتاز كل الاختبارات الوطنية منذ عقود طويلة وأثبت أنه مؤسسة وطنية خالصة لا تعمل لحساب فئة أو نظام بل لصالح الوطن بأسره ،يقف اليوم كما كان دائمًا فى الصفوف الأولى.