لم يكن شاعرا مميزا فقط لكنه صاحب ضمير حى نبت وسط الأرض المصرية قرأ تاريخها وسجل بعاميته ثراء وطنيا نادرا وانحاز للعدالة الاجتماعية.. وظلت أشعاره تعيش معه فى وجدان المصريين بمحطات حياته طوال عمره التى بلغت 77 عاما على تراب الوطن منذ ولادته فى عام 1940 حتى وفاته فى 25 يناير 2017 يحسب له انه من شعراء العامية الأفذاذ الذين مزجوا بين كلماتها وحسنوها ووصل بإبداعه إلى أنه كان واحدا من عمالقة شعراء العامية فى مصرنا.. حمل عن جدارة لقب «سيد الشعر» و»أمير الشعر المسموع» فمن منا ينسى تترات «ليالى الحلمية، الأيام، أرابيسك، رحلة أبو العلا البشري، وقال البحر وعصفور النار والوسية والمال والبنون وبوابة الحلوانى بأجزائها الثلاثة».. عاش منذ ولادته مع بارود الحرب العالمية حيث جاء المخاض لوالدته فى السنة الثانية للحرب ومصر الملكية فى حالة ارتباك ومصر الحزبية فى حالة وهن أو فى مهب الريح وزارة فى المساء وأخرى فى الصباح والحاكم هو ممثل الاحتلال البغيض المندوب السامى الذى يقدم إملاءاته للقصر.. والأخير لا حول له ولا قوة إلا أن يسمع الإملاءات.. ولد والضباط والأحرار فى مرحلة التشكيل ومصر يبزغ فيها جيل جديد يبحث عن الخلاص، مشواره لم يكن سهلا عبر سنوات حياته فقد كان التلميذ النجيب فى مدرسة صلاح جاهين الذى قدمه للجمهور من بوابة «صباح الخير» فى باب «شاعر أعجبني» المجلة يمتاز شعره بالبساطة والكلمات اللصيقة بالوجدان والمرتبطة بأحاديث الشارع اليومية
.. لم يكن سيد حجاب الذى اختارت أسرته اسمه تيمناً بالسيد البدوي.. مجرد شاعر «يرص» الكلمات بل كان سليل عائلة الشعر ونجح فى أن يكون عبقرياً فى اللعب بمفردات الكلمات.. وكان يغزل بأبيات شعره كمن يغزل خيوط الحرير التى تدخل القلب بصور بلاغية ترشق الخبايا بموسيقى الشعر مع فلسفة الواقع الذى يعيشه المواطن ويرددها.. فكيف تفسر كلماته «ما تسرسبيش يا سنينا من بين إيدينا وما تنتهيش.. داحنا يا دوب ابتدينا.. واللى له أول.. بكره هيبان له آخر.. وبكره تفرج.. مهما ضاقت علينا» وكتب القصص القصيرة وعندما أنجب وحيدته ريم كتب أغانى للأطفال فقد كانت مصدر إلهام له.. وطنية حجاب جعلته شاعرا من عشاق تراب مصر النيل والأرض والخير والزراعة والصناعة فهو مسكون بحب الوطن.. وكما كان قرين الشاعر الفلسطينى محمود درويش صديق سميح القاسم.. كان حجاب مع عمار الشريعى حالة فريدة من التناغم والحلم فى غزل المشاعر الوطنية والإنسانية.. فهو – أى حجاب – ابن قرية المطرية فى الدقهلية تأثر وأثرت فيه.. كانت قصيدته الأولى عن صديق عمره طالب شهيد برصاص الاحتلال الانجليزى نبيل منصور أثناء مقاومتهم الاحتلال فى بورسعيد ويومها أدرك ان شعره للناس وبين الناس وتعلم هذا فى الدرس الأول بمدرسة الابتدائية عندما كان ينقل مشاعر الصيادين.. عندما تقرأ ديوانه الأول «صياد وجنية» تتخيل انك أمام رسام بالكلمات.. فمن منا لم يطرب لرائعته التى غناها ماهر العطار «يا ما زقزق القمرى على ورق الليمون» انخراطه فى السياسة لم يكن صدفة عندما ارتبط بالإخوان إلى مصر الفتاة ثم إلى اليسار الوطنى وكونه رافضا الحزب الواحد المتمثل فى الاتحاد الاشتراكى سجن مع رفقاء أغلبهم شعراء جيله عبدالرحمن الأبنودى وجمال الغيطانى وصلاح عيسى لمدة 5 أشهر عام 66 والإفراج عنه تم مع توسط المثقف الفرنسى المفكر جان بول سارتر الذى زار مصر عام 1966 والذى تدخل للإفراج عنه.. ومن يومها احتفظ لنفسه بمساحة بعيدة عن السلطة.. وكان يردد مع كثير من قرائه كلماته «من عتمة الليل النهار راجع.. ومهما طال الليل بييجى نهار».. مهما تكون فيه عتمة ومواجع العتمة سور ييجى النهار تنهار وضهر منا يتجام».
وعندما ابتسم القدر لسيد حجاب كان فى طليعة من واجهوا الجماعة الإرهابية فى العام الأسود الذى تولوا فيه الحكم فى مصر وكان واحداً من قادة اعتصام المثقفين فى وزارة الثقافة الذين وقفوا ضد الجماعة الإرهابية للحفاظ على الهوية أمام نهجهم فى تغيير هوية المصريين وقال كلماته التى كنت أسمعها مع السامعين فى الوزارة يوم 23 يونيو 2013 قبل ثورة 30 يونيو بأسبوع واحد:
القصة مش دين وشريعة ولا عركة بين سنة وشيعة
لا: ثورة على عار وخديعة ومصر مش ثروة وبيعة
وفى مايو 2013 كتب على صفحته فى السوشيال ميديا «بص شوف.. شوف الناس والظروف.. يمكن تلقى الديابة لابسة فروة خروف».
إن سيد حجاب قصة مثقف آمن بالوطن وذاب فى الشعر.. عندما تسمعه يقول فى عشق الوطن:
يا حلوة يا بلدنا يا نيل سلسبيل
باحبك انت رفعت راسنا لفوق
لو الزمن ليل ما يرهبنا ليل
شوقنا فى عروقنا نصحى شمس الشروق
للحلوة قلب كبير يضم الولاد
وزاد وزوادة وحفلة سبيل
الموت والاستشهاد وعشانها ميلاد
وكلنا عشاق ترابها النيل
إن قصة سيد حجاب ابن الدقهلية الذى التحق بهندسة الإسكندرية والتى حول منها بعد التحاقه عام 60 إلى القاهرة لينضم بعدها إلى فريق مقهى ايزافيتش بالتحرير ويحجز له عمنا جمعة مكانه وظل محافظا على أصدقائه حتى وفاته وبوفاته كانت جنازته فى عمر مكرم تجمع كل أطياف ومثقفى الوطن وعندما اختلف مع أحمد فؤاد نجم وصلت الخلافات إلى المحاكم لكنه بعد أن كسب قضيته رفض أن يغرم أو يسجن «نجم»، اليوم نتذكر حجاب بتراثه الخالد وما تركه من أعمال مرئية ومسموعة ستظل خالدة، فقد كان حاملاً فى حياته راية «الصدق» الذى راهن بها على الشارع وألقى فيه كل موهبته وكانت له الغلبة خاصة الفقراء والبسطاء.. تلمس هذا كلما سمعت إحدى أغانيه.. فقد كان كما كتب الكاتب الصحفى حمدى رزق عنه فى مجلة المصور فى العدد 4817 أول فبراير 2017 بعد وفاتة بـ 5 أيام ان كلمات عم سيد فى قصور البيوت الطينية الغارقة فى الفقر والجهل والمرض يؤنسهم بكلماته «ليه يا زمان ما سبتناش أبرياء» فهو المثقف المتصوف عاشق مصر قلبه كان يتجول بين قريته فى مطرية الدقهلية إلى الإسكندرية وشاطئها وجاء للقاهرة لم يصدمه المعتقل فهو الذى احتضن عشرات الشعراء باشتراكيته المختلفة باحث عن نغم الشعر وأصبح فيلسوفا للفقراء، آمن بمنهجه ولم يهمه أن يرضى عنه الكبار.. وصاحب شعره الأغنياء مع الفقراء وهرولت وراءه الأضواء فحمل لقب «الفيلسوف» لهم باقتدار، المهم هنا ان سيد حجاب حافظ على قلبه المملوء بحب وطنه بعيد عن أهواء البيع والشراء فحب الوطن عند حجاب رسالة لا تباع ولا تشترى تسكن فى القلب.
المولد
ولد فى قرية المطرية فى 23 سبتمبر 1940 وسط الصيادين وشباكهم على شاطئ المتوسط القرية القريبة من المنزلة معظم نشاط أهلها الصيد وأسرة منقسمة فى النشاط بين من يعمل بالصيد أو انخرط فى التعليم والده كان خريجا فى الأزهر الشريف لمرحلة معينة ثم ارتبط بالعمل الحكومى وكان من عشاق الشعر والشعراء وقراءة كتب التراث كان يمتلك مكتبة كبيرة أتاحت للابن سيد فرصة الاطلاع والقراءة فى شارع باسم «حجاب» فى المطرية.
تعلق بالشعر حول «منقد» والده فى سهرات الشتاء حيث كان يجمع الأسرة ويلقى عليهم الشعر وعندما بلغ الثامنة من العمر كانت كل كشاكيل الدراسة مملوءة بأبيات الشعر.. وقد كان أثر قرية الصيادين عليه كبير، فالجميع يغنى وهم يصطادون ومعهم زوجاتهم.. وعندما بلغ الـ11 عاما عام 51 كان الكفاح المسلح قد بدأ فى القناة ضد الاحتلال وكان يشارك فى المظاهرات.. وفى أحد ليالى بعد عودته من المظاهرة سطر قصيدة على الورق واسمعها لوالده وكان وقتها سيد يلقب بـ «الشيخ سيد».. وعندما استمع لكلماته قال له انت شاعر بالفطرة وشجعه وبدأ يعلمه مبادئ الشعر والعروض والقوافى مع شاى العصارى فى القرية.. وهنا أحس الطفل سيد بالتميز عن أقرانه وانتشر الأمر بين المدرسين بمدرسته.
«الكوليرا» حبسته فى المكتبة
وضربت المنطقة وباء الكوليرا فاضطر والده لحبسه وكانت المكتبة الملاذ الآمن واطلع على كنوزها من كتب للأصفهانى وألف ليلة وليلة والعقد الفريد لابن عبد ربه.. وهنا التقى مدرس التربية الفنية فى إحدى الرحلات المدرسية اسمه شحاتة سليم نصر وعرف من مجلة الحائط ان سيد يكتب الشعر وسلمه للأستاذ عبدالكافى وهو مدرس اللغة العربية وشجعوه وخلالها اقترب من الصيادين فى البحيرة وبدأ يستمع لأغانيهم ولن تسعفه لأنهم يغنون بالعامية بدأ عمنا حجاب يكتب بالعامية والفصحى وكتب قصيدة هى أقرب للزجل «الفجر أدن يا أبويا قوم بطراحة.. سيبك من النوم من الأحلام ومن الراحة.. قوم للشغب يابا مين بياكلها بالراحة».
حرب بورسعيد
وبعد قيام الثورة حصل الفتى سيد على الثانوية العامة وانتقل من قرية الصيادين الصغيرةإلى قرية الصيادين الكبيرة وبحصوله على الثانوية التحق بكلية هندسة الإسكندرية قسم العمارة وفى الإسكندرية اندمج بين الجامعة والحركة الثقافية بها وقادته قدماه إلى دور السينما وندواتهم والمسرح خاصة مسرح محمد على وبسبب ذلك رسب فى السنة الأولى وقام العدوان الثلاثى وعاد إلى القرية المطرية ليساعد فى إيواء المهاجرين من بورسعيد.
الرسالة الجديدة
وأثناء انخراطه فى مساعدة المهاجرين كتب عدة قصائد أرسلها شقيقه إلى مجلة «الرسالة الجديدة» التى كان يصدرها الأديب يوسف السباعى ويشرف عليها فوزى العنتيل ونشرته له أولى قصائده وعمره 16 عاما وفى زيارة للقاهرة قابل صديقا له ذهب بأشعاره إلى البرنامج الثقافى بالإذاعة وفى باب تقدمه سميرة الكيلانى «كتابات جديدة» كانت تستضيف الدكتور مندور وقرأ ما كتب حجاب وفى مفاجأة سارة دعاه صديقه الذى حمل قصائده للإذاعة اسمه مجدى مكارى سيفين وفى منزله أدار الراديو وإذا بصوت د. مندور يتكلم عن شاعر الهندسة سيد حجاب ومرة ثالثة ذهب مجدى مكارى سيفين بقصائد حجاب إلى سعد الدين وهبة الذى كان يصدر مجلة الشهر ويشرف عليها لعبدالقادر القط وبعدها وجد أحدى قصائده بالمجلة بعنوان «3 أغنيات إلى البعيد».
لقاء جاهين
وأثناء عودته من الإسكندرية ولا يزال فى السنة الأولى بالهندسة بدأ حياة التجول فى القاهرة وندواتها وهنا التقى بعبدالرحمن الأبنودى الذى كان جنديا فى الجيش وألقى قصيدته «مجنون» وقام خلال الندوة فى أحد المقاهى الأدبية وقدم قراءة نقدية سأله الأبنودى بحضور فؤاد قاعود وسوريال عبدالملك ومحمد ابراهيم ابو سنة هل أنت شاعر فقال له محب للشعر.. فرد الأبنودى لا انت شاعر وطلب أن يلقى قصيدة وبالفعل ألقى قصيدته «قال ابتسم» فقال له الأبنودي: سأعرفك على جاهين وكان مصدر سعادة لحجاب أن يتعرف على جاهين وكان قد قرأ له ديوان أيام حرب 56 «كلمة سلام» وطلب منه شاهين إلقاء قصيدة وأخرى وفى الثالثة قال جاهين لفؤاد قاعود والأبنودى بقينا كتير.. وهنا تخيل ان صلاح جاهين شيخ قبيلة وعددهم زاد ونشر له قصيدة فى صباح الخير وتنبأ له بأن سيكون له شأن وسارت علاقته مع جاهين قوية فأسند إليه قراءة باب البرية فى المجلة والذى يراسله من الموهوبين.. وفى حديثه عن جاهين يقول انه كان مهموما بالعامية وكان مثقفا كبيرا قادرا على تبسيط ثقافته وهو الرائد الحقيقى لحركة تجديد الشعر.
حلم لقاء بيرم
كان حلمه بعد لقاء جاهين اللقاء مع بيرم التونسى وعلم انه يجلس على مقهى الفلكى بعد نهاية عمله بجريدة «الجمهورية» وعندما ذهب إليه كان جالسا ووجده يدخل المكان وصعب المراس فلم يقدم نفسه له.
دخوله عالم الغناء
عام 1962 دخل على استحياء عالم الغناء عندما قدم رائعته «يا طير يا طاير.. طير على بلدي» لمحمد فوزى وكانت لعمال السد العالى وأذاعتها الإذاعة بسبب الأبنودى الذى سانده وقدمها للإذاعة وكانت «غنوة الشهر» بعد أن التقى مع الفنان وكان اللقاء الأول والأخير وعندما ألف أغنيته «يا ما زقزق القمرى على ورق الليمون» ولحنها ابراهيم رجب وأذيعت عام 1966.
المعتقل
كانت تجربة مهمة فى حياته قبض عليه ودخل المعتقل وبعد خروجه جاء أصحابه من الإخوان يهنئون فوجدوا ما لم يتوقعوا ان سيد حجاب الشاعر يدافع عن عبدالناصر الذى اعتقل فى عصره فانفضوا عنه.
رشحه جاهين لمسرح العرائس وقدمه لكرم مطاوع لعرض مسرحية حدث فى أكتوبر ونرجس وروض الفرج ودنيا البيونولا فى محاولة لإعادة «الأوبريت» وبعدها سافر سويسرا 3 سنوات وفرنسا واستقبل فى مسرح الطفل وكتب كتابا لدار نشر أمريكية.
التليفزيون
قبل سفره للخارج كان قد تعاون مع محمد فاضل عامى 67 و68 فى جحا المصرى وعبدالمنعم مدبولى وبعد العودة من السفر رجع مع محمد فاضل ويحيى العلمى فى رائعة طه حسين «الأيام» وكانت له تجربة مهمة عام 62 فى برنامج «حبات عرق» يتحدث عن تجربة الحديد والصلب، بعدها ارتبط مع بليغ فى تعاون مع اذاعة أبو ظبي.
علاقته مع عمار الشريعي
تشابكت علاقته مع كبار الكتاب والفنانين والشعراء والبسطاء والصيادين بحكم قريته المطرية لكن توافقت كيميا الشعر مع كيميا الفن فى علاقته مع عمار الشريعى الذى كان يراه الفنان الذى يفهمه وكان لهذه العلاقة أثرها فى الدراما الفنية وفى انتاجه ويعود إلى محمد فاضل المخرج والفنان الذى قدمهما للمستمع والمشاهد فى مسلسل الأيام وفى أقوى من الزمن شادية وأسسا معا الدراما التلفزيونية والأغنية الدرامية فى توافق نادر نراه فى تكامل بديع فى المال والبنون وأرابيسك وليلة القبض على فاطمة والشهد والدموع.. أعمال جمعتهما وظلت خالدة رغم غيابهما.
وارتبط بعمار الشريعى بعلاقة قوية فكتب الأغانى ونصفها فى الادراج وبعض هذه الأعمال مثل بتسأل يا حبيبى خرجت بعد كتابتها بـ 15 عاما وجمعهم بقوة قصة الأيام وفى فيلم امسكوا الخشب وأقوى من الزمن ودخل باب الدراما الواسع وبات اسمه واحد من الأسماء المهمة فى الدراما التليفزيونية مع عمار الشريعى وكان له هواية الرياضة ولعب السلة والهاندبول.
يقول سيد حجاب عندما سئل: لماذا لمعت مع تترات المسلسلات؟ انه فى البداية كتب تتر مسلسل لعادل إمام لكن البداية الحقيقية هى قصة الأيام لطه حسين مع يحيى العلمى ثم مشاركته عمار الشريعى «أبنائى الأعزاء» حيث أصبح التتر بمقام المقدمة فى المسلسل مثل «الليل وآخره» وأرابيسك وليلة القبض على فاطمة.
رفض الإخوان
كما يقول حجاب فى حديثه لمجلة الإذاعة والتليفزيون العدد 4202 رأيت الفكر الاخوانى منذ البداية يعتمد على الفكر الاقصائى وينظر للآخر على انه دونهم وهذا يظهر من خلال شعارهم الذى يختزل القرآن الكريم فى «آية الجهاد» (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ويرى سيد حجاب ان حسن البنا رجل متواضع الفكر والمعرفة فاشستى الميول وتلميذ رشيد رضا المعروف بعلاقته بالمخابرات البريطانية.. ويرى ان سقوطهم بسبب انهم خلقوا لأنفسهم واقعا لا يتناسب مع دولة مصر الكبيرة ولا يؤمن بحرية الإبداع ومواجهتهم لأى خطاب دينى مستنير. ولقيمته الثقافية ورؤيته الوطنية جاء اختيار حجاب ضمن لجنة صياغة الدستور المصري 4102 عقب ثورة 03 يونيو.
الزواج من ميرفت الجسري
لا يعلم الكثيرون ان أغنية «دى مكتوبالي» كتبها لزوجته التى قضت معه 21 عاما هو عمر الزواج من ميرفت الجسرى التى تنتمى لأسرة مثقفة لبنانية كانت مظللة بالسكينة والهدوء.. عندما كتب الأغنية التى غناها الفنان على الحجار ولم يخبرها.. وكانت الأغنية التى كتبها فى مرحلة التعارف التى كان يرددها بصوته «انتى طلعت لى منين وخلتى حياتى ازاي.. فى عنيكى حنان وحنين وفى صوتك بحر ناي» وكتب لعلى الحجار أيضا «خطى السبعين» هى القصيدة التى توفى قبل أن يكملها ولا يوجد فى حياته أفضل من قصيدة، كان يحكى فيها عن والدته دولت ووالده أحمد لما أثرا فيه فقد كان والده معلمه الأول واهتم بتعليم البنات بإرسالهن للمنصورة ليتعلمن لعدم وجود مدارس فى قريته وكان حمله ثقيلا 9 أبناء.. كان معجبا بثقافة والدته وكان ديوانه الأول يعبر عن كفاحها وقت العدوان وعندما أصدر ديوانه الأول «صياد وجنية» كان الواضح انه يقصد أمه وحينها يتحدث عن نشاط الصيادين وطقوس هذا النشاط والعائدين من رحلة الصيد وشباكهم على منازلهم.. وكان اعتقاله فى فترة حكم عبدالناصر عدة أشهر عام 1966 متهماً بأنه يسعى لاختراق الاتحاد الاشتراكي، أما فى عهد السادات فقد اختفى بعد مظاهرات 77 ولم يعتقل وتجربة السجن تركت أثرا عليه دون مرارة وكان يتحدث عن زملاء الزنزانة جمال الغيطانى وصلاح عيسى والأبنودى ومحمد عبدالرسول كان طيب القلب كما تقول ميرفت الجسرى وعندما غضب من صلاح جاهين وعلم انه مريض هرع لزيارته.
تعارفه مع زوجته ميرفت الجسرى اللبنانية التى جاءت إلى مصر وعمرها 16 عاما لظروف عمل والدها ولتدرس الكيمياء بجامعة القاهرة فى رحلة علم شملت القاهرة وألمانيا ودراسة الموسيقي.
وكانا قد تعارفا أثناء زيارة لإحدى صديقاتها فى ألمانيا ولمحت «مجلة صباح الخير» وبها حوار معه أجرته الراحلة ماجدة الجندى والتقت به عام 94 مع صديقه عمار الشريعى وهنا بدأت قصة الحب واللقاءات وبعضها فى قهوة «جريون» أو فى مشاهدة عرض مسرحى وخلال فترة التعارف تعرف بعائلتها وتزوجها فى ابريل 1996 وكان – كما تقول فى حديث صحفى – انه كان يؤرخ علاقته مع زوجته بـ «ق.م» أو «ب.م» قبل وبعد الزواج وتزوجا فى حفل بسيط وفى منزل يحمل قصة عشق استثنائية فهو يحب السفر وهى كذلك حتى منزلهما يذكرهما برحلات السفر إلى جزر سانتوريتى ومورانى من القطع الفنية التى تزينه وكان فخورا بزوجته عندما حصلت على الدكتوراه فى مجال البيئة وربطتهما بشكل واضح أشعار كقاسم مشترك بينهما واعتبرت ميرفت يوم زواجها من حجاب ميلادا جديدا لكليهما وعندما كان يقول لها انت طلعتى لى منين وكتب قصيدة «دى مكتوبالي» ولقبها بمكافأة نهاية الخدمة وقبل الوفاة قال لها انت «قبلة الحياة» بدفء مشاعر وصياغة شاعر بليغ.
الفرق بينهما 24 عاما
وبرغم ان حجاب كان يكبر ميرفت بـ 24 عاما إلا انه أشعرها بطفولة روحه وبراءته التلقائية وتقول فى الغالب لو لم أقابله.. كنت سأكمل حياتى بدون زواج لكنه انسان استثنائي.. ولم تشعر انه متقلب المزاج طوال حياتهما وعلمته حب الأطعمة اللبنانية.. فهو مرهف الحس.
ريم الابنة الوحيدة
ريم ابنته الوحيدة ترى فى حديث لها نشر فى مجلة الإذاعة والتليفزيون وهى ابنة مديرة المسرح آمال بيومى ان جيلها تربى على الأغانى الحلوة وعلمها معنى «الويك إند» رغم مشاغله وكان مرتبطا جدا بحفيده شمس الذى كان يقضى معه لحظات سعيدة.. وتصف علاقاتهما بأنها صداقة دائمة وكان يعلمها أن تحسب خطواتها وتقول كنت محظوظة به فى تعامله معى واستفادت منه كشاعر واسع المعرفة.. وتقول انه كان يأخذ رأيها فيما يكتب ليرى انطباعاتها كجيل جديد وأحبت جميع أغانى الأطفال التى كتبها ومنها أغنية «تيجى نكون لون على لون» وألبوم أطفال لعفاف راضى و»مع بعضينا» لشادية وغيرها.. وكانت أحيانا تراه عن قرب مع عمار الشريعى فى الاستوديو.. وكان يشترى لها مجلات الأطفال وعندما لمس حبها للتمثيل شجعها ودرست الباليه والموسيقى ووجهها أن تكون مخرجة فدرست الماجستير فى التصميم بعد تخرجها فى كلية الآداب جامعة القاهرة قسم الانجليزى وكان معجبا بعملها فى التمثيل عندما قدمت مسرحية «بارانويا» فهو صنايعى المجوهرات الشعرية وحول النثر من حلية إلى غلاف مميز للعمل الدرامي.
جمعية المؤلفين
كان فوزه برئاسة جمعية المؤلفين والملحنين عام 2015 مصدر سعادة له خاصة انه فاز معه الشاعر جمال بخيت بمنصب النائب وصلاح الشرنوبى أمينا عاما وأمجد العطافى أمينا مساعدا والشاعر فوزى ابراهيم أمينا للصندوق وآخرون عملوا على تطوير أداء الجمعية.
حماته
ارتبط بحماته بعلاقة طيبة وعاشت حماته أم زوجته ميرفت معه فهى ابنة مثقف لبنانى وفنانة، أما ابنته ريم فتقول: استكملت دراساتها فى المسرح بانجلترا وبعد دراستها للأدب الانجليزى فى آداب القاهرة وهى تعمل فى إطار المسرح الحر ولديها فرقة مسرحية وهى متزوجة وفرقتها كان اسمها «ملح».
قصيدته الانتخابية
ساعة الفرح زغاريط تظيط
وفى المياتم هات يا صويت
وفى المظاهرات سخن تشيط
وفى الانتخابات تنسى التصويت
وليه بترشى وتتساهل
وتبيع حقوقك بالساهل
تستاهل النار تستاهل
«التقديرية»
اعتبر حصوله على جائزة الدولة التقديرية انتصارا لثورة 30 يونيو 2013 وتوج بها بعد رحلة طويلة من العطاء الفنى والأدبى و800 أغنية وتتر لأعمال فنية لا تزال عالقة فى الذهن جعلته يحفر اسمه بحروف من نور سواء فى المسلسلات أو فوازير شريهان وكان سعيدا بحصوله عليها بعد سقوط الاخوان وهى من بركات ثورة 30 يونيو ونهاية حكم الاخوان الذى جاء بالوزير علاء عبدالعزيز الذى ألغى هذه الجوائز فهى الجائزة التى سبقه إليها بهاء طاهر وخيرى شلبى وكان قد حصل من قبل على جائزة كفافيس اليونانية والسعيد انها جاءته بعد ثورة 30 يونيو التى كان يعتبرها أول ثورة شعبية فى تاريخ الانسانية وعصر المعلوماتية لتأسيس مستقبل على أساس العلم والتقنية.
الصلح مع نجم
بعد خلاف وصل إلى المحاكم بين سيد حجاب وأحمد فؤاد نجم تمكن الأدباء من الصلح بينهما فى جلسة ودية بعد حكم محكمة بسجن نجم 6 أشهر وغرامة 10 آلاف جنيه وقال بروحه الطيبة «نجم زميل عزيز» واللافت انه نفسه عبر أصدقاء طلبوا من نجم معارضة الحكم.
أغضب الإخوان
بقصيدة كارت إرهاب
كانت قصيدته كارت إرهاب تخاطب الاخوان الارهابية وكل من يفكر فى إقامة الدولة الدينية.
الوفاة
شعر بالآلام وبدأ رحلة العلاج فى القاهرة ثم سافر إلى باريس وعندما قرر الأطباء انه يمكن أن يتناول علاجه فى القاهرة «الكيماوي» عاد إلى القاهرة وكان متعبا لكن ذهنه كان حاضرا ويردد دائما كلمات «لولاكى ما كنتش كملت» وتدهور الوضع من آثار الكيماوى وأمر وزير الثقافة بنقله إلى مستشفى للقوات المسلحة عندما طلبت منه زوجته نقله لسوء حالته.
فى المستشفى لم يفقد الأمل وكان متشبثا بأمل الشفاء وكان يقول لزوجته انت مكافأة نهاية الخدمة وفى يوم 25 يناير 2017 طلب مياها ومناديل وأسلم الروح.. وفى أجواء حزينة تم وداعه كما أقيمت حفلات التأبين بحضور وزير الثقافة حلمى النمنم لشاعر عبر بوطنية نادرة عن وجدان شعب مصر ولم يتخلف عن أى موقف وطنى والجميع كان يراه وكأنه شاب فى العشرين.. ومع الوفاة تم تشييع جثمانه من مسجد الفاروق بالمعادى وأقيم العزاء فى عمر مكرم بحضور حشد من وزارة الثقافة والقراء ورجال الفكر والإبداع ودعوا أيقونة شعراء العامية الذى كان صوتا شعريا مميزا مؤثرا فى الحركة الشعرية والفنية المصرية وترك تراثا خالدا فى مقدمات العديد من الأفلام والمسلسلات من منا ينسى الكيت كات وبوابة الحلوانى وليالى الحلمية وأبو العلا البشرى وغيرها من الأعمال الخالدة التى تشكل العمود الفقرى فى قوانا الناعمة والذى شارك فى لجنة صياغة الدستور بعد ثورة 30 يونيو 2013 وودعه رجال الفن والثقافة كمبدع جيل الستينيات الذى انحاز إلى الوطنية بشعر الحق والحرية والحس الوطنى ودعوه بكلمة مع السلامة «يا عمنا سيد» بعد أن ترك بصمات فنية للكبار والصغار من الأطفال ودعوه عن عمر 77 عاما واليوم يمر على وفاته 8 أعوام وعلى ميلاده «85 عاما».









