تضرب العلاقات المصرية- الاسبانية بجذورها فى التاريخ.. وجاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى مدريد فى فبراير الماضى لتدشن عقداً فريداً فى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وجاءت زيارة الملك فيليبى السادس والملكة ليتيزيا وهى الاولى له إلى مصر لتؤكد تاريخية العلاقة بين بلدين ربطت بينهما الجغرافيا والتاريخ على شاطيء المتوسط بعيدا عن اهمية الزيارة فى تعزيز العلاقة بين البلدين فهناك قواسم مشتركة مهمة فى التاريخ بين بلدينا فاسبانيا تعتمد على السياحة وكذلك مصر ولها تجربة سياحية مميزة فى منطقة الايبريا وفى برشلونة.. وعندما تزور اسبانيا تقرأ التاريخ العربى منذ ان تطأ قدمك منطقة قصر الشرق الذى عقد فيه مؤتمرمدريد للسلام.. وفى منطقة الاندلس حيث سياحة الاثرياء تبدأ من طليطلة واشبيلية وقرطبة وطريق «منطقة جبل طارق.. مرورا بملقا وماربيا» حيث اثرياء العالم إلى درة تاج السياحة الاسبانية فى قصر الحمراء على اعلى «تبة» فى منطقة الاندلس.. طول الطريق إلى هذه الاماكن تعيش اجواء عربية فى العمارة والمبانى وقصور امراء الاندلس.. الملك فيليبى عندما وقف عند سفح الهرم وبالقرب من ابوالهول بالتأكيد قرأ التاريخ وعرف انه يقف بجوار منطقة صنعت الحضارات و7 آلاف عام.. وجاء هنا العناق بين الحضارة العربية والاوروبية من شبه الجزيرة الأيبريه مع اقدم حضارات التاريخ مع عجائب الدنيا السبع امل كل سائح ان يرى الاهرامات وبجوارها ابوالهول.. هذا العناق التاريخى الذى ابهر ملك اسبانيا كان رسالة ذكية من السيد الرئيس ومصر تستعد لافتتاح واحد من اكبر متاحف العالم بكنوزه التاريخية التى تحكى قصة مصر الحضارة والتاريخ والتى رسخت ثقافة السلام الانساني.. فى الهرم قرأ الملك فيليبى قصة دولة تحكى التاريخ وعاصمة تضم فى جنباتها اقدم جامعة اسلامية فى الشرق «الازهر الشريف» بما يقدمه للانسانية من ثقافة الاسلام الوسطي.. الزيارة بعيدا عن شقيها الثنائى السياسى والاقتصادى لمست خلال القمة ان العلاقة بين مصر واسبانيا علاقة صداقة وتاريخ مشترك وثقافة سلام وهنا كان تقدير الملك فى زيارته التاريخية لمصر للتاريخ المصرى العريق وجاءت لقاءاته فى مجلسى الشيوخ والنواب عاكسة لهذا التقدير فى اول زيارة لارفع مسئول اسبانى بعد اعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وجاء تبادل الرئيس السيسى مع الملك فيليبى السادس فى قصر الاتحادية الأوسمة حيث اهداه الرئيس قلادة النيل وكذا للملكة وسام الكمال من الطبقة الممتازة وكلاهما من ارفع الاوسمة المصرية قدرا تأكيداً على قوة العلاقة والتقدير المتبادل حيث قدم الملك للسيد الرئيس القلادة الملكية «وسام ايزابيل لاكاتوليكا» وكذلك للسيدة انتصار السيسى قرينة الرئيس وهى ارفع الاوسمة التى يهديها الملك للشخصيات رفيعة المستوي.
ما اسعدنا نحن ابناء مصر فى هذه الزيارة اضافة إلى مواقف اسبانيا المؤيدة للحقوق الفلسطينية ما جاء فى اللقاء الموسع للملك فيليبى السادس مع ابناء الجالية الاسبانية فى القاهرة وهو اللقاء الذى كان درسا فى التاريخ فقد حرص الملك فيليبى مع ابناء جاليته زيارة التاريخ وجذور العلاقة بين مصر واسبانيا مشيرا إلى الرحالة الاسبان الذين زاروا مصر فى الماضى والمؤرخين من القرن التاسع عشر الذين اهتموا بالحضارة المصرية على مدى تاريخها والاثر المصرى على الثقافة الاسبانية ومساهمة مصر فى تشكيل وعى المثقفين فى اسبانيا بزيارتهم المهمة قبل نحو قرن عام 1933 مذكراً بمذكرات الكاتب الاشهر خوليان مارياس فى كتابة مذكرات من رحلة إلى الشرق.. وهنا اكد الملك بزيارته للتاريخ ان مصر الحضارة تتزن باثارها القديمة والحديثة ثقافة السلام والمحبة وهذا قاسم مشترك بين بلدين جمع بينهما حوض المتوسط واللغة الاسبانية من اكثر اللغات التى يقبل عليها المصريون وهذا ما اكده خوسيه مانويل البا مدير معهد ترباتس بالقاهرة.. وبلا شك الزيارة اكدت صداها فقط السياسى والاقتصادى للشعبين المصرى والاسبانى وإنما ايضا تعمق العلاقات وتطورها.. وفى مجال الآثار تقف عند الدور الذى تقوم به بعثة التنقيب فى معبد تحتمس الثالث واذا علمنا ان العالمة الدكتورة ميريم الفارية تقيم فى مصر منذ 29 عاما والتى عرضت على الملك فيليبى نتائج اعمال البعثة.. ان الملك فيليبى يرى ذلك على الطبيعة فى عاصمة السياحة والتاريخ بمصر «الاقصر».. وفى اذنه ما قالته ميريم اننى هنا اعيش فى مصر و»أعشق مصر والمصريين» فى تعبير من مواطنة اسبانية تجعلنى اقول للملك فيليبى السادس أننا فى مصر نعشق اسبانيا وانا شخصيا لا انسى قصر الحمراء ولا العبارات التى نقشها اجدادنا على جدار القصر ومدنكم الجميلة فتجربتى الشخصية هى ان اسبانيا صديقة للعرب وكذلك العرب ومن سبقنا إلى اسبانيا من المصريين كثيرون لا يزالوا يعيشون فيها وبينهم وزراء سابقون للثقافة والادب وعميد الادب العربى الذى حصل على الدكتوراه من السربون كان سعيداً بتأسيس دار للثقافة العربية فى اسبانيا. ان التراث الحضارى الذى يجمع بلدينا وما كتبه المفكرون المصريون والاسبان عن تاريخية العلاقة يتردد لكل الاجيال وها نحن عشنا معكم خلال زيارتكم عناق الهرم والكرنك لقصر الحمراء وطليطة.