استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، والسيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية، اليوم بقصر الاتحادية، السيد ثارمان شانموجاراتنام رئيس جمهورية سنغافورة، والسيدة جين يوميكو إتوجي قرينته، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس السنغافوري إلى جمهورية مصر العربية.
صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأنه لدى وصول الضيف وقرينته إلى قصر الاتحادية، جرت مراسم الاستقبال الرسمية، حيث أدى حرس الشرف التحية، وعُزف السلامان الوطنيان لمصر وسنغافورة، ثم التُقطت صورة تذكارية جمعت الرئيس ونظيره السنغافوري. تلا ذلك عقد لقاء ثنائي مغلق بين الرئيسين، ثم جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين.
دور الأزهر الشريف
وأوضح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن المباحثات تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، حيث أكد الرئيس وجود آفاق واسعة لتطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري، في ظل ما تزخر به مصر من فرص متنوعة وجاذبة، كانت محل اهتمام العديد من الشركات السنغافورية خلال السنوات الأخيرة. وشملت المباحثات كذلك مجالات التجارة، وإدارة الموانئ، والتحول الرقمي، والتعاون الثقافي، كما أعرب الرئيس السنغافوري عن تقديره للدور الريادي الذي يضطلع به الأزهر الشريف في نشر وتعليم مفاهيم الإسلام للطلبة السنغافوريين.
الطفرة التنموية المصرية
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس السنغافوري أشاد بالطفرة التنموية التي تشهدها مصر، وبما توفره من فرص واعدة للاستثمار، موجهًا الدعوة إلى الرئيس للقيام بزيارة دولة إلى سنغافورة العام المقبل، بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث أعرب الرئيس عن ترحيبه بالاستجابة لهذه الدعوة.
الوضع في الشرق الأوسط
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن اللقاء تناول مستجدات الموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وخاصة الوضع في الشرق الأوسط، حيث استعرض الرئيس تطورات الجهود المصرية للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى. وشدد الرئيسان على رفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم. وفي هذا السياق، أعرب الرئيس عن تقديره للمساعدات الإنسانية التي قدمتها سنغافورة لأهالي غزة عبر مصر، مشيرًا إلى التحديات التي تعيق وصول تلك المساعدات بالقدر الكافي. من جانبه، ثمن الرئيس السنغافوري الدور الحيوي الذي تضطلع به مصر بقيادة الرئيس في دعم الاستقرار والأمن الإقليمي.
مذكرات التفاهم
واختتم المتحدث الرسمي بالإشارة إلى أن الزيارة شهدت توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات الزراعة، والصحة، والنقل البحري، والحماية الاجتماعية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الشراكة الاقتصادية، وتدريب الكوادر الحكومية.
نص الكلمة التي ألقاها الرئيس خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي أعقب جلسة المباحثات:
“بسم الله الرحمن الرحيم فخامة الرئيس/ ثارمان شانموجاراتنام رئيس جمهورية سنغافورة الصديقة، السيدات والسادة،
يسرني اليوم أن أرحب بفخامة الرئيس “ثارمان” رئيس جمهورية سنغافورة في القاهرة، في زيارة تمثل خطوة جديدة للأمام على طريق علاقاتنا الدبلوماسية التي توشك على إتمام عامها الستين خلال شهور قليلة، وهي العلاقات التي أثبتت عبر هذا التاريخ أنها علاقات قوية ومتميزة، يحدوها الاحترام المتبادل، والتفاهم والتوافق حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
استقلال سنغافورة
إن مصر لتعتز بأنها كانت من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال سنغافورة عام 1965، بل وكانت أول دولة عربية وإفريقية تقوم بذلك، وترسي مع سنغافورة أسس علاقات صداقة وتفاهم راسخة وممتدة حتى اليوم، ونتطلع إلى تعزيزها في المستقبل.
وفي هذا السياق؛ ناقشت اليوم مع فخامة الرئيس “ثارمان” مستقبل العلاقات الثنائية بين مصر وسنغافورة، وكيفية دفعها إلى آفاق أرحب، لا سيما على الأصعدة الاقتصادية والثقافية، وفي مجال تبادل الخبرات وبناء القدرات، وكذلك فيما يتعلق بالتعاون مع الأزهر الشريف.
تعظيم التعاون الاستثماري
وقد تطرقنا في لقائنا اليوم إلى سبل تعظيم التعاون الاستثماري والتجاري بين مصر وسنغافورة، والذي شهد تطورًا كبيرًا في السنوات الماضية، وذلك بهدف الارتقاء به إلى مستويات أعلى، تتوافق مع مستوى العلاقات السياسية المتميزة التي تجمع بلدينا، وتتناسب أيضًا مع ما يملكه البلدان من إمكانات. وقد أكدت انفتاحنا على تقديم كل الدعم للاستثمارات السنغافورية، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، لوجود فرص واسعة لتنشيطه وتوسيع نطاقه.
شراكة اقتصادية متميزة
الحضور الكريم، لا شك أن ما تملكه سنغافورة من إمكانات كبيرة في مجال التجارة والاستثمار، وما تملكه مصر من مقومات جاذبة للاستثمار، وما حققته من تقدم في تطوير بيئتها الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة، يؤهلنا إلى إقامة شراكة اقتصادية متميزة فيما بيننا، تمتد أيضًا إلى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، باعتبار مصر بوابة طبيعية لإنشاء شراكات نوعية بين مصر وسنغافورة في مشروعات استثمارية وتجارية في الكثير من دول الشرق الأوسط وإفريقيا.
منتدى الأعمال المصري السنغافوري
وإنني أغتنم هذه الفرصة لأجدد الدعوة لكافة المؤسسات والشركات العامة والخاصة في سنغافورة لضخ المزيد من الاستثمارات في السوق المصرية، والتي تشهد طفرة كبيرة في العديد من المجالات، مما أهلها لجذب استثمارات ضخمة في السنوات الماضية من مختلف الدول، ومن بينها سنغافورة. ونأمل أن يشهد منتدى الأعمال المصري السنغافوري، الذي سيعقد بالتزامن مع هذه الزيارة المهمة، تحقيق خطوات كبيرة للأمام على صعيد زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
السيدات والسادة، لقد أكدنا خلال اللقاء على أهمية تنشيط تبادل الخبرات والبرامج التدريبية وبناء القدرات في العديد من المجالات التي تهم البلدين، وعلى رأسها مجالات النقل البحري والجوي، وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والحوكمة، والحفاظ على البيئة، والطاقة المتجددة وغيرها، والتي قطعت فيها كل من مصر وسنغافورة أشواطًا كبيرة خلال السنوات الماضية، وسيكون من المفيد للجانبين تحديد المزيد من أوجه التعاون فيها.
وفي هذا الإطار؛ فقد شهدنا اليوم توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات الزراعة والصحة والنقل البحري، والتدريب وتعزيز الشراكة الاقتصادية، وهو ما يؤكد وجود آفاق كبيرة لتعزيز التعاون بين البلدين.
وعلى الصعيد السياسي؛ تباحثت مع فخامة الرئيس “ثارمان” حول ما تمر به منطقة الشرق الأوسط من منعطف خطير وظروف استثنائية، لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث تناولت الجهود المصرية الرامية إلى وقف الحرب في غزة، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، في ظل ما يعانيه الشعب الفلسطيني من أزمة متفاقمة ناتجة عن الممارسات الإسرائيلية الغاشمة، لا سيما في ضوء ما نشهده من توسيع للعمليات العسكرية في قطاع غزة.
موقف مصر الثابت
وقد أعدت التأكيد على موقف مصر الثابت ضد تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، والرافض لتصفية القضية الفلسطينية. وشددت على أنه لن يتسنى تحقيق السلام العادل والشامل والاستقرار في المنطقة، دون منح الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967.
وقد لمست توافقًا كبيرًا مع فخامة الرئيس “ثارمان” على رؤيتنا لسبل وضع حد للكارثة الإنسانية في قطاع غزة.
وإنني لأغتنم هذه الفرصة لأعرب لفخامة الرئيس عن تقدير مصر البالغ للمساعدات الإغاثية التي قدمتها – ولا تزال تقدمها – سنغافورة للشعب الفلسطيني الشقيق في محنته الحالية، والتي تترجم التزامًا إنسانيًا كبيرًا من جانب سنغافورة تجاه محنة الأشقاء الفلسطينيين.
مرة أخرى؛ أرحب بكم فخامة الرئيس “ثارمان” في القاهرة، وأتمنى لفخامتكم كل التوفيق، ولشعب سنغافورة دوام التقدم والرخاء.”