ساعات ويدق جرس المدرسة إيذانا ببدء الدراسة فى جميع المحافظات.. لتبدأ رحلة قافلة التعليم وما يصاحبها من لوازم الكتب ومستلزمات المدارس من كشاكيل وأقلام وحقائب والأدوات الهندسية، ناهيك عن الطوارئ فى كل بيت من تجهيز السندوتشات وتوفير مصاريف المواصلات.. والأهم من ذلك هو الدروس الخصوصية التى ترهق الميزانية وبات هما يحتاج إلى ميزانية خاصة.
كلما تقترب الدراسة.. أستعيد ذكرياتى معها خاصة بالنسبة لأول مرة أدخل فيها المدرسة كأنى طالب سواء فى الابتدائى أو الاعدادى أو الثانوى فمثل هذه المناسبة لا يمكن محوها من الذاكرة سواء بالنسبة لى أو لغيرى ممن خاضوا تلك التجربة خاصة الابتدائى لأن الطفل يفاجأ لأول مرة بأجواء جديدة وترتيبات وأطفال لا يعرفهم ولا يعرفونه وسبورة ومدرس وكتب وكراريس وغيرها والتزام بالجلوس فى المقعد المخصص له، ثم بعد ذلك يتعود على ذلك ويندمج مع أقرانه ومع الجو الدراسى لذا كانت فكرة الكى جى وان وتو لتعويد الطفل على المرحلة الانتقالية الجديدة فى حياته وترغيبه فى الدراسة ومواصلتها، وأذكر أول مرة أرتدى فيها زى المدرسة وكان عبارة عن مريلة «تيل نادية» لونها بيج وحقيبة من القماش كان يتم تفصيلها عند الترزى، كان ذلك على أيامى أوائل الستينيات من القرن الماضى، وكانت المريلة عنوان التلميذ وهويته وأنها منعتنى وتمنعنى من محاولة الهروب مرة من المدرسة بسبب البرد القارص فى الشتاء، لأننى لو هربت سيعرف الجيران أننى «زوغت» ولم أسأل نفسى كيف سأواجه الأسرة خاصة والوالد يعمل مدرساً وأكيد أنه سيحاسبنى حساب الملكين.
الحقيقة كلما أتذكر أجواء الدراسة أيامى وما كان يصاحبها من ندرة فى المواصلات خاصة بعدما انتقلت إلى المرحلة الثانوية فى مدينة زفتى لأنها الوحيدة التى بها تعليم ثانوى عام.. ولكن حالياً فقد تم إنشاء أكثر من مدرسة ثانوية عامة بالقرى وكذلك تجارى وصناعى.
جعلت الأهالى يستغنون عن المدينة وبالتالى السكن فيها مثلما حدث معى فى ذاك الزمان حيث كنا نقطن كل ثلاثة طلاب فى غرفة بشقة بها ثلاث غرف بها نفس العدد وكنا نفارق الأهل بالأسبوع ونعتمد على أنفسنا فى الأكل والشرب والمذاكرة والاستيقاظ بدون منبه أو ساعة يد، فقد كان ذلك نادراً وليس فى كل بيت ريفى، لذا كان الاتجاه دائما خاصة فى الأسر الفقيرة هو الاقتصار على الاعدادية أو التطوع فى الجيش لمساعدة الأسرة.
مع بدء كل عام دراسى.. أتذكر أساتذتى ممن كانوا يقومون بالتدريس لى ووجوههم.. بل وأتذكر بعض الدروس التى كنت أتلقاها من الابتدائى وأتذكر أننى اخترت الأدبى لحبى الشديد لأساتذتى فى الجغرافيا والتاريخ وليس كراهيتى فى الرياضة والعلوم لأننى كنت من المتفوقين، وأقصد من اختيارى لمسار حياتى العلمية هو بسبب المدرس فعليه عامل كبير فى ترغيب الطالب فى مادته لأنه بمثابة المثل الأعلى له، لذا على المدرس عامل كبير فى تشكيل وجدان الطالب وترغيبه أو بالعكس خاصة إذا كان يتقى الله فى الشرح زى زمان ويحاول إيصال الدرس لقلب الطالب قبل عقله، حيث كان غالبية المدرسين يشرحون بضمير فى الحصة، الأمر الذى معه لم يكن الطالب فى حاجة إلى درس خصوصى، عكس هذا الزمان الذى باتت الدروس الخصوصية والسناتر هى الأصل، وليس المدرسة مما ترتب عليه الهروب من الثانوى العام إلى المدارس الفنية لاختصار الطريق وتوفيراً للنفقات، وإن كانت المدارس الفنية فى هذا الزمان باتت مهمة لأنها تنوعت فى مجالات متعددة يضمن الطالب معها الالتحاق بوظيفة.
عموما.. أتمنى من المدرس أن يتقى الله فى الطلاب وأولياء الأمور وأن يراعى ضميره كى يعيد هيبته وحب وثقة الطالب فيه فسيظل يتذكره مثلى بالخير أو يترحم عليه إذا فارق الحياة.. أهلاً بالمدارس وبجرس الحصة.
>> وأخيراً:
> أتمنى ألا ترتبط الكتب بالمصاريف.. والالتزام بتعليمات الوزارة.
> أتمنى عودة المدارس مثل زمان.. التزام وتعليم حقيقي!
> أتمنى من المسئولين التفتيش المفاجئ على المدارس والتأكد من وجود الطلاب داخل فصولهم وقيام المدرسين بالشرح فى الحصص.
> تحية لرئيس الوحدة المحلية لشرشابة لاخلاصه فى عمله ولأنه فاهم لواجباته وحريص على قضاء مصالح الأهالي وعلى فتح مكتبه وقلبه للجميع للانصات إلى شكواهم والعمل بسرعة على حلها.. تحية واجبة للأستاذ حمزة النعمان.