فى حرب تجاوزت حدود المنطق، وتخطت كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، لايزال الاحتلال يمارس جرائمه بشكل متصاعد وأكثر عدوانية على مدار عامين متواصلين على مرأى ومسمع من العالم أجمع الذى بلغ عجزه أخطر مدي، ضاربا بعرض الحائط كل المواقف الدولية الرافضة لاستمرار الحرب، والداعية لإنقاذ ما تبقى من قطاع غزة الذى مزقته آلة الدمار الإسرائيلية، حيث أصبح سكانه بلا مأوي، بلا مأكل بلا مشرب بلا دواء .. وبلا حياة .
عائلات أبيدت بالكامل، وأزيل أسم افرادها من السجلات إلى الأبد، لم ترحم الغارات نساء ولا أطفالا ولا مرضي. لم تستثن مستشفى أو دار عبادة أو خيمة للنازحين.. وتمعن الاحتلال فى ابتكار وسائل القتل فاستخدم التجويع سلاحا فى الإبادة، فقصف المخابز وحرق الأراضى الزراعية، ثم منع دخول المساعدات، وعندما بدأ بتوزيعها كانت فخا لاصطياد المزيد من أبناء القطاع.
سجلت الحرب الهمجية أسوأ كارثة اقتصادية لم تقدر قيمة خسائرها المادية بعد، حيث مازالت قوات الاحتلال تدك القطاع بالقنابل، وتطوقه بالأحزمة النارية، بهدف تسويته بالأرض تماما، واهمة أن ذلك يقودها لتنفيذ مخطط التهجير الخبيث.
ويبقى الأمل فى نجاح الجهود المصرية فى إنهاء الحرب وبدء إعادة الحياة والإعمار والحفاظ على الهوية الفلسطينية.
منذ السابع من أكتوبر 2023، تمارس قوات الاحتلال الإسرائيلية ابشع المجازر فى حق الفلسطينيين، ارتقت لحد جرائم الإبادة الجماعية التى فاقت كل الحدود وتخطت كافة القوانين الدولية والمعايير الإنسانية، حيث تعرضت 38 الف أسرة لأسوأ أنواع الانتهاكات والقتل، وأبيد من بينهم 2613 أسرة من السجل المدنى .
ورغم أن آلة القتل الإسرائيلية لم تكف للحظة عن الدوران إلا ان الاحتلال ارتكب بعض المجازر التى لن ينساها التاريخ والتى راح ضحيتها الالاف من الشهداء والمصابين العزل وكان معظمهم من النساء والأطفال .
بعد عشرة أيام فقط من عملية طوفان الأقصي، أى فى يوم 17 اكتوبر 2023، ارتكب الاحتلال مجزرة مستشفى المعمدانى ضد نازحين وجرحى ومرضى كانوا يحتمون فى المستشفى وسط مدينة غزة، حيث أطلق الاحتلال قنابل ثقيلة على المستشفي، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 500 فلسطينى معظمهم من النساء والأطفال.
وفى 31 اكتوبر 2023 ارتكب الاحتلال مجزرة مخيم جباليا ضد السكان، حيث أطلق 6 قنابل تزن كل واحدة 1000 كيلوجرام، مما أدى إلى دمار كامل لمربع سكنى فى شارع الهوجا وسط المخيم المكتظ فجرح واستشهد أكثر من 400 فلسطيني.
كذلك نفذ الاحتلال احد مجازره البشعة فى مدرسة الفاخورة يوم 4 نوفمبر 2023 وهى مجزرة ارتكبها سلاح الجوّ الإسرائيلى حينما أغارَ على المدرسة التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» والتى كانت تؤوى آلاف النازحين فى مخيم جباليا، وكانت هذه المجزرة من ضمن عدة جرائم متتالية فى نفس المنطقة .
فى 18 من مارس 2024 ارتكب الاحتلال مجزرة مستشفى الشفاء ضد نازحين وجرحى ومرضى كانوا يحتمون فى المستشفى غرب مدينة غزة، شملت عمليات إعدام ميدانى لمصابين ومعتقلين مكبلين بالأصفاد، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 400 فلسطيني.
ووفق شهود عيان فقد أطلق جنود الاحتلال النار على المرضى فى أسرّتهم وعلى الأطباء الذى رفضوا أوامر المغادرة والتخلى عن مرضاهم، وعثر بعد انسحاب قوات الاحتلال على جثث شهداء مكبلين. كما كشف الانسحاب عن تخريب واسع فى أقسام المبنى الذى دمرت كل الأجهزة والمستلزمات الطبية بداخله، ليصبح خارج الخدمة.
اما فى رفح الفلسطينية، فارتكب الاحتلال اول مجزرة فيها يوم12 فبراير 2024 ضد نازحين، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 100 فلسطينى بغارات عنيفة مناطق متفرقة فى المدينة، ثم ارتكبت المجرزة الثانية فى 26 مايو من العام نفسه، بعد أن أطلقت طائرات الاحتلال ثمانية صواريخ تجاه المنطقة المكتظة بالنازحين، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 35 فلسطينيًا.
كما ارتكب الاحتلال مجزرة النصيرات عبر سلاح الجو بالدرجة الأولى وبالشراكة مع سلاح المدفعيّة والسلاح البحرى فى مخيم النصيرات يوم 8 يونيو 2024 والتى استشهد فيها 274 فلسطينيًا أغلبهم من المدنيين وجُرح فيها 698 على الأقل.
بينما وقعت مجزرة المواصى فى 13 يوليو 2024 فى منطقة المواصى الساحلية جنوبى غرب قطاع غزة، وأسفرت عن سقوط نحو 90 شهيدا و300 جريح، نصفهم أطفال ونساء، وبدأت بقصف عمارة سكنية على الطريق العام ما بين مفترق النص ودوار جامعة الأقصى بواسطة الصواريخ. ثم شن الاحتلال هجوما بالأحزمة النارية على خيام النازحين والطواقم الطبية والدفاع المدنى الذى وصل إلى المكان عينه، وفق المركز الفلسطينى للإعلام.
اما مجزرة مدرسة التابعين الشرعيّة والتى عُرفت أيضًا باسمِ «مجزرة الفجر» ارتكبها جيش الاحتلال فى أغسطس 2024 حينما أغارَ عبر سلاح الجوّ على المدرسة الواقعة فى حى الدرج شرق مدينة غزة، وتضم مئات النازحين، مما أسفر عن استشهاد ما لا يقلُّ عن 100 مدنى فلسطينى وإصابة عشرات آخرين فضلًا عن عددٍ من المفقودين.
وبعد مرور أكثر من 12 ساعة على المجزرة، أكّد الناطق باسمِ جهاز الدفاع المدنى فى قطاع غزة وقتها أن الكثير من المواطنين ما زالوا يبحثون عن أبنائهم داخل مسجد المدرسة واصفًا ما جرى بالشيءِ الذى لا يُمكن للعقل أن يتخيله.
وأكد الدفاع المدنى أنه تعاملَ وباقى طواقم الانقاذ مع مشاهد مأساوية، بينما ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية عن المجزرة أنها ستبقى طويلا فى الذاكرة من حجم بشاعتها .
أما مخيم المغازى فقد تعرض لجريمة مروعة ارتكبت فى 24 من ديسمبر 2024 ضد السكان، حيث أغارت فيها طائرات الاحتلال الحربية على مربع سكنى مكتظ بالنازحين، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 80 فلسطينيًا.
كل هذه المجازر كانت على سبيل المثال لا الحصر، فهناك عشرات المجازر التى ترتكبها القوات الإسرائيلية فى اماكن مختلفة من قطاع غزة كل يوم، تحت غطاء محاربة عناصر حماس ومحاولة القضاء عليهم، ولكنها فى الحقيقة تمارس الإبادة الجماعية بجميع أنواعها ضد الفلسطينيين الأبرياء .
وحتى بعدما أعلن الاحتلال عن انشاء منطقة آمنة فى المواصى بخان يونس جنوب قطاع غزة، لم يسلم النازحون من غارات الاحتلال وقنابله وطلقاته النارية، فاستهدف الاحتلال خيام اللاجئين فى المواصى أكثر من مرة، واسقط الالاف منهم بين شهيد ومصاب .
وحتى اليوم تجاوز عدد ضحايا العدوان على غزة 65 الف شهيد و 166 الف مصاب منذ السابع من أكتوبر 2023 بحسب ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، ومن المسلم به ان هذه الارقام اصبحت مرشحة للزيادة فى ظل استمرار إبادة القطاع وفشل وعجز المجتمع الدولى فى ايقافها .









