أكد فيليبى السادس، ملك إسبانيا، أن العلاقة مع مصر ناضجة وديناميكية، لافتًا إلى أنه فى عام 2024 بلغت الصادرات الإسبانية إلى مصر مليارًا و457 مليون يورو، بينما تجاوزت واردات إسبانيا 1.6 مليار يورو، وهى أرقام تعكس الثقة المتبادلة، وتظهر إمكانات أكبر للتوسع بين البلدين، قائلاً: لهذا نحن هنا؛ لتحويل هذه الإمكانات إلى مشروعات ملموسة وفرص استثمارية جديدة -علاوة على تلك القائمة بالفعل- وكذا شراكات تجارية، واستثمار جديد ومستدام، وذلك بما يعود بالنفع على مجتمعاتنا، جاء ذلك أمس فى كلمته خلال الملتقى المصرى الإسبانى للأعمال.
توجّه الملك بخالص الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى على مـأدبة العشـاء التى أقـامهـا السـيد الرئيس والسيدة قرينته بمنطقة الأهرامات بالجيزة، على شرفه وقرينته وذلك بمناسبة زيارته التى يقوم بها إلى مصر، موضحًا أنه قد شاهد رؤية تاريخية جديدة جعلته سعيدًا بالماضي، ولافتًا إلى تطلعه لمستقبل مشترك بين الدولتين.
ولفت فيليبى السادس إلى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إسبانيا منذ 7 أشهر، مشيرًا إلى أنه أعرب للسيد الرئيس آنذاك عن رغبته فى لقائه بالقاهرة، لمناقشة آفاق الشراكة الإستراتيجية التى كانت فى خطواتها الأولي، قائلًا: اليوم نرى كيف تتحول هذه الشراكة إلى واقع ملموس مشيرًا إلى أن الملتقى يُعد فرصة سانحة لدفع وتحسين العلاقات الاقتصادية بين الدولتين.
وتابع الملك الإسبانى قائلاً التوقعات إيجابية، لعلاقات التعاون بين البلدين، وترى الشركات المصرية، بشكل متزايد إسبانيا باعتبارها قبلة أساسية لتوسعات استثماراتها دوليًا، حيث تُعد إسبانيا الاقتصاد الخامس عشر عالميًا، والرابع على مستوى الاتحاد الأوروبي. كما تملك إسبانيا مكانة جغرافية إستراتيجية وتُعد أيضًا نقطة اتصال متميزة بين أوروبا وأمريكا اللاتينية والبحر المتوسط وكذلك الشرق الأوسط. وهذه ميزة تتمتع بها مصر أيضًا باعتبارها نقطة التقاء بين إفريقيا وأوروبا وآسيا، ويُعد هذا الموقع فريدًا من نوعه.
وأوضح الملك الإسبانى فى كلمته أن الشركات الإسبانية الرائدة التى تعمل فى مصر منذ عقود قد ترسخت مكانتها، فيوجد أكثر من 60 شركة أسبانية مستقرة فى هذا البلد، وتسهم بخبراتها فى تطوير علاقتنا الاقتصادية والتجارية. ولفت إلى أن هناك شركات مصرية أيضًا تعمل فى إسبانيا، ويعكس هذا مدى الثقة، قائلًا: يمثل وجود هذه الشركات إسهامًا حاسمًا، سواء على الصعيد الاستثمارى أو الابتكار أو القيمة المضافة، وذلك فى قطاعات إستراتيجية تُعرف بها إسبانيا عالميًا، وخاصة فى المجالات المرتبطة بالاستدامة وحماية البيئة، والسياحة وغيرها من القطاعات.
أشار الملك فيليبى السادس، إلى أن مجال السياحة يعد انعكاسًا واضحًا للمصالح المشتركة بين البلدين، لافتا فى هذا الصدد إلى أن مشروع حماية المواقع الأثرية الرئيسية، وكذا المواقع الأثرية بمنطقة أهرامات الجيزة، التى أبهرتنا عراقتها قد تم تنفيذها من خلال منحة إسبانية بمشاركة العديد من الشركات المصرية والإسبانية باستخدام أحدث التكنولوجيات المطبقة فى هذا المجال، وخاصة فيما يتعلق بالأمن والحماية والحفاظ على الإرث الثقافى التاريخي، معربًا عن فخره بمشاركة الجانب الإسبانى فى تنفيذ هذا المشروع الذى سيستفيد به أكثر من 15 مليون سائح سنويًا يزورون تلك الاماكن التاريخية العريقة.
أشار ملك إسبانيا للحديث إلى الامكانات والمقومات الهائلة التى يتمتع بها قطاع السياحة فى مصر، فمصر بها ثروة تاريخية وثقافية لا مثيل لها، مضيفا: تتجسد خبرة السياحة الإسبانية هنا من خلال الشركات الإسبانية ذات السمعة العالمية الراسخة، مؤكداً أن هناك فرصا واضحة لتنفيذ العديد من المشروعات المشتركة فى العديد من المجالات السياحية، مثل إدارة التراث، والسياحة الثقافية والعلاجية أيضاً، هذا إلى جانب ما يتعلق بالتدريب المهني، ورقمنه هذا القطاع الحيوي، وتطبيق المزيد من التكنولوجيات المبتكرة المخصصة للسياحة والبنية التحتية السياحية.
وأكد الملك فيليبى السادس، أن إسبانيا تتابع مسار الاصلاحات الاقتصادية فى مصر باهتمام واحترام، مؤكدا مشاركته فى هذا المسار كشريك موثوق فيه، ولافتا إلى امكانية التقدم معا فى العديد من المجالات، ومنها مجالات التحول الرقمي، والطاقة، والنقل المستدام، والتدريب المهني»، لافتا إلى أن هذا اللقاء فرصة متميزة لتعزيز وتقوية الروابط بين مجتمعاتنا الاقتصادية، كما أنه فرصة لمواصلة العمل بشكل أكبر من أجل مستقبل أفضل، ومزيد من التقدم والرخاء المشترك، قائلا: «فليلهمنا هذا اليوم إلى تعزيز الثقة فى شراكاتنا ومواصلة بناء مشروعاتنا القوية والمبتكرة النافعة للمجتمعين المصرى والإسباني».
من جانبه قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن اللقاء التاريخى الذى جمع السيدالرئيس عبد الفتاح السيسى، و«بيدرو سانشيز»،رئيس وزراء إسبانيا، فى مدريد خلال فبراير الماضي، وما أسفر عنه من إعلان رفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى الشراكة الإستراتيجية التى جسدت مرحلة جديدة فى مسيرة العلاقات المتميزة بين مصر وإسبانيا؛ حيث يُمثل إطاراً عملياً لترجمة هذه الشراكة إلى واقع ملموس يخدم مصالح شعبينا الصديقين.
أكد رئيس الوزراء أن ما اتخذته مصر من خطوات واسعة فى مجال الإصلاح الاقتصادى وتطوير البنية التحتية ــ خلال السنوات الماضية ــ كان له أثر عملى فى إزالة معوقات صعبة أمام النمو الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، حيث كان أبرز هذه الخطوات تمثّل فى إصدار التشريعات المطلوبة لخلق مناخ جاذب لرءوس الأموال والاستثمارات الخارجية، بما فى ذلك إجراءات رادعة لمكافحة الفساد، وإزالة المعوقات البيروقراطية، وتسهيل الإجراءات المرتبطة بتسجيل الشركات الجديدة الراغبة فى العمل بالسوق المصرية فى أسرع وقت مُمكن، والنظر فى منحها امتيازات ضريبية واستثمارية وفقاً للقطاعات والمناطق التى تستثمر فيها، بما يسهم فى تحقيق أهداف التنمية التى وضعتها الدولة، وكذا إصدار «الرخصة الذهبية»، فضلاً عن العمل على تفعيل الآلية الخاصة بحل المُنازعات القائمة مع بعض الشركات العاملة فى مصر.
وفى السياق نفسه، أضاف رئيس الوزراء أن الخطوات التى اتخذتها مصر فى مسيرة الإصلاح الاقتصادى شملت تطوير البنية التحتية خلال السنوات الماضية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مختلف القطاعات.
وأضاف مدبولى أننا نؤمن بأن إسبانيا ــ بما تمتلكه من خبرات متقدمة فى مجالات التنمية المستدامة والتكنولوجيا والابتكار ـ شريك رئيسى لمصر فى بناء مشروعات مشتركة قادرة على المنافسة؛ إقليمياً ودولياً، ومن هذا المنطلق، فإن الحكومة المصرية تجدد التزامها بتوفير البيئة التشريعية والتنظيمية الداعمة، وتقديم التسهيلات اللازمة أمام المستثمرين الإسبان الراغبين فى التوسع داخل السوق المصرية.
وفى سياق التعاون القائم بين البلدين فى العديد من المجالات، ثمن رئيس الوزراء التعاون القائم مع كبريات الشركات الإسبانية، ومن بينها مشروع شركة «تالجو» فى مجال النقل، ومشروع شركة «جريفولز» فى مجال تجميع وتصنيع البلازما، ومشروع شركة «سيمنز جاميسا» فى مجال طاقة الرياح.









