فى وسط القاهرة الفاطمية وفى قلب المنطقة الأثرية ذات العبق التاريخى القديم وتحديداً فى شارع المعز يوجد زقاق صغير بجانب مسجد الأشرف برسياى تخرج منه رائحة العطارة التى تملأ الجو عرف باسم شارع الحمزاوى الصغير أو مملكة العطارين. وتعود تسمية الحمزاوى الصغير نسبة إلى خان الحمزاوى الذى أنشأه الأمير حاتم الحمزاوى أحد أمراء السلطان العثمانى سليم الأول الذى دخل مصر عام 1517 بعد أن انتصر على المماليك واسقط دولتهم التى حكمت مصر أكثر من قرنين، وقبل ذلك كان الشارع يسمى (البندقانيين) حيث كان واحداً من أهم أسواق القاهرة الفاطمية وينسب إلى صنع قسى البندق وكان يضم محلات لبيع المأكولات والفواكه والخبز كما كان فى العصر المملوكى سوق كبير للرقيق يعرف باسم سوق الحوار وكان يمتد من الحمزاوى حتى جامع أبوالفضل فى درب سعادة وقد نقل سوق الرقيق بعد ذلك إلى سوق خان الخليلي، وعرف الشارع بضيق مساحته وينقسم إلى قسمين الأول يبدأ من شارع الأزهر وينتهى عند شارع المعز وكان يقابله فى الاتجاه الآخر القسم الثانى والذى كان يحمل اسم شارع الحمزاوى الكبير وهو واحد من أهم أسواق الأقمشة. ومن المعروف أن شارع الحمزاوى كان شارعاً واحداً حتى عام 1930 حيث تم تقسيمه بعد ذلك. وكان يعرف باسم شارع الوراقين وهم تجار الكتب والأدوات الكتابية ولكن بمرور الوقت تحول نشاطه إلى العطارة ويتميز بتجارة كافة أنواع التوابل والبهارات وكل ما يخص التجميل ويفتخر تجار الشارع بما ورثوه عن اسلافهم من وصفات شعبية لعلاج كل الأمراض تقريباً، ويصنف الشارع بأنه تاريخى وتجارى لأنه لا يوجد فيه مبان سكنية. ويذكر أن هذا الشارع قد احترق عدة مرات نظراً لضيق طرقه وتكدس متاجره، وقد أسهب المقريزى فى وصف حريق كبير حدث به فى العصر المملوكى عام 1350. وفى القرن التاسع عشر الميلادى وفى عام 1863 أوائل عهد الخديو إسماعيل حدث به حريق كبير أتى على كل المتاجر وتكبد التجار خسائر ضخمة مما حدا بالخديوى إسماعيل إلى إقراضهم حتى يتمكنوا من معاودة تجارتهم مرة أخرى وكان آخر الحرائق التى تعرض لها الشارع عام 2016. وجدير بالذكر أن شارع الحمزاوى المتبقى حالياً هو الحمزاوى الصغير، أما الكبير فقد ضاع معظمه عندما بدأ شق شارع الأزهر بعد عام 1930 حيث ذكر كريم ثابت المستشار الصحفى للملك فاروق فى كتابه عن الملك فؤاد أن فكرة شق شارع الأزهر نبتت أثناء زيارة الملك لمسجد سيدنا الحسين والجامع الأزهر عن طريق شارع الموسكى وجوهر القائد وما لاقاه موكبه آنذاك من صعوبات نظراً لضيق الشوارع وازدحامها، وكان من بين الاقتراحات التى طرحت فى ذلك الوقت توسيع شارع الموسكى وامتداده لكن هذه الفكرة رفضت بسبب اعتراض تجار الموسكى حيث كان هو شارع تجارة الجملة الوحيد بمصر. وفى إحدى الفترات كانت هناك تؤامة بين سوق الحمزاوى الصغير وهو أكبر سوق للعطارين مع سوق العطارين المعروف بنفس الاسم فى الإسكندرية والذى تحول بمرور الوقت إلى سوق للتحف والأثاث الأثرى. وقد تداولت عدة أسماء لهذا الشارع قبل أن يطلق عليه الحمزاوى حيث كان يعرف بسويقة العداس والصاغة القديمة وسوق الحريريين.









