انتهت الاثنين الماضى أعمال ثانى قمة عربية إسلامية منذ طوفان الأقصى فى ظل الزخم الذى عاشه الشارع العربى والإسلامى والذى يمكن تقسيم مواقفه ما بين المتحمس لما صدر عن القمة من قرارات .. كما أن هناك العاقل الذى يدرك أن ما صدر من قرارات يعود إلى واقع النظام العربى والإسلامى الذى تحكمه تشابكات المصالح وهناك المحبط المكتئب الذى كان يحلم بتحقيق طموحه فى هذه القمة باتخاذ إجراءات ضد الكيان.
الواقعيون يرون أن ما صدر عن هذه القمة هو أفضل الممكن فالدول الإسلامية فى منظمة التعاون الإسلامى والتى حضرت القمة بهدف اتخاذ موقف من الغارة الإسرائيلية على قطر منها تسع دول إسلامية تعترف اعترافا دبلوماسيا وقانونيا بإسرائيل وهناك أربع دول تعترف بإسرائيل اعترافا واقعيا وعشر دول إسلامية غير عربية لا تعترف بإسرائيل مما يعنى أن لدينا 58٪ من الدول الإسلامية تعترف بإسرائيل قانونا وواقعيا كما أن حجم التبادل التجارى بين الدول الإسلامية الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى وإسرائيل حوالى 19 مليار دولار إلا أن هناك دولاً أقرب للموقف الفلسطينى وحقوقه المشروعة فى قارتى آسيا وأفريقيا منها إيران وباكستان وماليزيا وبروناى وبنجلاديش وأفغانستان ومالى والنيجر وتشاد التى استدعت سفيرها لدى إسرائيل وبنغلاديش التى شاركت فى رفع دعوة فى المحكمة الجنائية ضد إسرائيل بتهمه ممارسة الإبادة الجماعية كما أن هناك دولاً أقرب فى موقفها لإسرائيل ومعظمهم دول إسلامية فى آسيا الوسطى وهم اذربيجان وكازاخستان، أما طاجكستان امتنعت عن إدانة طوفان الأقصى واوزبكستان انحازت لوقف التصعيد رغم أن جميع دول هذا الاقليم تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وأكثر قرباً للمواقف الاسرائيلية، أما الدول الأفريقية حاولت الموازنة بين مصالحها وعلاقاتها الاقتصادية مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية.
مما سبق يظهر أن هناك انقساما وتباعدا فى المواقف مما انعكس على سياسات دول منظمة التعاون الإسلامى ولذا ذهبت القمة باتجاه ارضاء جميع الاطراف والتى جاءت مخرجات القمة كما قرأناها جميعاً.
أما الغاضبون أصحاب النوايا المثالية الذين حلموا أن تتضمن قرارات القمة مطالبة الأمم المتحدة بالعمل على تطبيق قرار الجمعية العامة المعروف بالاتحاد من أجل السلام لإنهاء النزاع فى غزة أو استخدام الفصل السابع من الميثاق فى جلسة مجلس الأمن التى عقدت للنظر فى الاعتداء على قطر، الملفت أن حل الدولتين الذى ايدته جميع الدول الاسلامية فى الأمم المتحدة امتنعت عن تأييده إيران والعراق وتونس خشية اعتبار الاعتراف بحل الدولتين أن يكون اعترافا ضمنيا بإسرائيل ولهؤلاء يمكن القول إن انعقاد القمة وما تضمنته من إعلان مواقف جادة بجانب الإعلان المنتظر من الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين تطوران مهمان يجب البناء عليهما بالمواقف التى تم إعلانها الاثنين الماضى ومواصلة جادة وسريعة للتصعيد الدبلوماسى والقانونى عربيا ودوليا وإقليميا فى المحافل الدولية والإقليمية لردع إسرائيل وإيصال رسائل لحلفائها بأن ما يحدث لن يمر وليس هناك انتصار إنما هى شهوة القتل لشعب أعزل لتحقيق طموحات تلمودية لن تتحقق أبداً طالما كان هناك شعوب حية تعترض.