حسن المعاملة أسلوب يعكس أسمى العلاقات الاجتماعية، ويرسم ملامح الشخصية الطيبة النقية. بالاضافة إلى أن التواصل والتعامل مع الآخرين فن لا يجيده إلا الجيد.
قال تعالى: «وقولوا لهم قولا معروفا».. هناك الكثير من الآيات القرآنية جاءت بمثابة توجيه ربانى لتنظيم العلاقة بين الناس، وحثهم على ضرورة الاهتمام بكيفية اختيار وانتقاء أفضل الألفاظ وأحسنها فى التعامل مع الآخر، والانتباه إلى ما يصدر من أفواهنا من كلمات.
وينبغى علينا ألا نجعلها تخرج كالحجارة تقذف شمالا ويمينا، الأمر الذى يؤدى إلى خدش حياء ومشاعر الآخرين . ماذا لو أن كل فرد منا تعامل مع الآخر كما يحب هو أن يعامل، بالكرم والجود والأصل الطيب الذى تربى عليه. لذلك من الواجب والضرورى ان نحرص على حسن معاملة الآخرين، وألا تجعل معاملة الآخرين لك تجبرك على أن تعاملهم بالمثل فتصبح مثيلاً لهم بل عاملهم بطيب أصل تربيتك واخلاقك حتى وإن لم يستحقوا منك تلك المعاملة. الكلمة الطيبة صدقة، تصلح الأحوال بين المتخاصمين وتجعلهم أحباء لا توجد بينهم ضغائن أو مشاحنات.. كما أن تبسمك فى وجه أخيك صدقة، الابتسامة تكسب بها المحبة والأخوة وتحقق السلام النفسى، وتنشر الطاقة الإيجابية، ويعم الفرح داخل النفوس. علينا بالإحسان والرحمة مع بعضنا البعض، وأن نجبر الخواطر ونتمنى الخير للغير، ونجيب السائل ونساعد المحتاج، فمن منا لا يحتاج إلى يد تمد له تعينه وتدعمه وتشد من أزره فى المواقف الصعبة، فالاحتياج ليس بالضرورة أن يكون ماليا أو ماديا فقط، فقد نحتاج إلى نصيحة أو كلمة طيبة أو مشاعر نبيلة، أو سند نتكئ عليه ويشعرنا بالأمان .لذلك من الواجب علينا أن نعلم ونغرس فى أولادنا حسن معاملة الغير، ونعلى من قيمة التسامح والعفو عن طيب خاطر، ونتعامل بكل بساطة وتواضع. أما عن مقولة المعاملة بالمثل فهى مقولة خاطئة، لا نجنى منها سوى البغض والعداوة، لو أنك تعاملت مع كل إنسان بالمثل لأصبحت صورة مشوهة لا تشبه معدنك الطيب وتضم العديد من العيوب، خاصة إذا كانت هناك شخصيات تحمل صفات سيئة، أو تشوبها علامات الاستفهام والاستغراب، وتحاول ان تظهر أسوأ ما فينا. إذا وصلت المعاملة ولغة الحوار إلى هذا الطريق، أعتقد أنك وقعت فى خطأ كبير وتحولت إلى صورة طبق الأصل للمعاملات الخاطئة التى ينفر منها الكثيرون . والأخلاق الكريمة تعنى مخالقة الناس بالخلق الحسن، والله يقول سبحانه: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا»، لا تكن فظًا ولا غليظًا ولا كذابًا ولا شاهد زور ولا صاحب خصومات بغير حق ولا سيئ الخصومة ولا صاحب أيمان كاذبة، إن خاصمت خاصمت بإحسان، وإن خاطبت خاطبت بإحسان، نفوس البشر كالأراضى، هناك نفوس تربتها طيبة، وأصلها طيّب، وكل ما يزرع فيها من بذور ينتج ثمرًا طيبًا، ويمتد نفعها إلى ما حولها، وهناك نفوس على العكس من ذلك، مقفرة، قاحله، مجدبة، مهما حاولت إصلاحها لن تفلح، ومهما أمطرتها لن تنتج، لذلك إعرف طينة النفوس حتى تعرف نتاجها . نحن بشكل يومى نلتقى بأشخاص نتمنّى لو أننا لم نلتقِ بهم ولم نعرفهم ولا نتعامل معهم، فهناك أشخاص من شدّة انحدار أسلوبهم نتمنى ألا نتعامل معهم ولا نراهم بمحض الصدفة، وعلى النقيض هناك أشخاص نتمنّى لقاءهم كل يوم، وذلك من طيب أخلاقهم وسموّ أنفسهم ورقيّهم فى التعامل، بوجه واحد لا يتلوّن، صادقين فى القول والفعل، أنقياء النفس سليمى الفؤاد، ليّنى الطباع مأمونى الجانب، وهناك من يتعامل معك كما يحب منك أن تعامله، وهناك من يتعامل معك كما يُحب الله ويريد، معه أكثر معاناة الناس من الناس وأكثر وجع الناس من الناس.. تذكر دوما بأن رضا الناس غاية لا تدرك، ولم نؤمر به، وأنه سيظل هناك من يكرهك ويحسدك ويتجاهلك مهما فعلت، تمسّك دائما بمبادئك الراقية، وأخلاقك العالية، عند تحاورك مع الآخرين.. حفظ الله مصر وحما شعبها العظيم وقائدها الحكيم









