طرحت فى الأسبوع الماضى غرق الإنسان طوال حياته فى الأسئلة منها ما هو وجودى ومنها ما هو نفسى ومنه ما هو حياتى ، والإنسان مثل الأمم لن يتطور الا بالأسئلة المتتالية ورحلة البحث عن الأبة هى سر تطور الأمم والبشرية وفى قلبها الإنسان
وقلت إن هناك بعض الأسئلة الكبرى التى فى حقيقتها ليست مجرد تساؤلات عابرة، بل هى قنابل موقوتة فى عالمنا الداخلى، تسرق من صاحبها السلام وتجعله يغرق و نغرق معه فى بحر من الأفكار التى لا تنتهى ، خاصة ما يتعلق بالهوية والوجود، والصراع بين الواقع وما نتمناه أو ما نخشاه من عينة.. ما هدفى فى الحياة؟ هل أنا هنا لسبب معين أم أن وجودى مجرد صدفة؟ ……أسئلة صعبة تجعل صاحبها غارقا فى حيرة دائمة، و يجعله يشعر بأن كل ما يفعله لا معنى له…وتتوالى مثل هذه الأسئلة: هل أنا سعيد حقًا؟ ، وقد يكون لصاحب السؤال كل أسباب السعادة الظاهرة، لكنه يشعر بفراغ داخلى، مما يجعله يتساءل عن حقيقة مشاعره وهل هو يعيش حياة تناسب روحه حقًا.
والسؤال المعضلة: ماذا بعد الموت؟ ويطرحه الكثيرون، سواء كانوا متدينين أم لا ، وعدم وجود إجابة قاطعة له يجعل الخوف من المجهول يسيطر على الإنسان، ويجعل كل لحظة يعيشها محاطة بهاجس النهاية، مما يقلل من استمتاعه بالحاضر.
هل نستمر فى طرح الأسئلة: اذا كانت الإجابة نعم.. ها هو السؤال: هل أنا كافٍ؟ و السؤال يطارد الأشخاص الذين يعانون من متلازمة اسمها فى علم النفس والاجتماع متلازمة «المحتال، حيث يشعرون دائمًا بأن نجاحاتهم مجرد حظ أو صدفة، وأنهم سيُكشفون فى أى لحظة، وهذا الخوف المستمر من الفشل يجعلهم لا يستطيعون الاستمتاع بإنجازاتهم، ويجعلهم دائمى الشك فى قدراتهم.
وتتوالى الأسئلة من عينة: هل أنا أحب نفسى حقًا؟ وهذا السؤال يظهر عندما يفشل الشخص فى علاقاته أو عندما يتعرض للنقد والانتقاد ، ويبدأ فى التفكير فى عيوبه، وهل هى السبب فى كل ما يحدث له، مما يجعله يدخل فى دوامة من جلد الذات والتقليل من قيمته…. وهكذا يكون السؤال التالى: هل أنا على الطريق الصحيح؟ وينشأ التساؤل من مقارنة الحياة الشخصية بحياة الآخرين ، فقد يرى الشخص نجاحات وأحلامًا محققة لدى من حوله، ويشعر أن مساره بطىء أو غير صحيح، مما يسبب له قلقًا مستمرًا وشعورًا بالضياع.
نستكمل الأسئلة أم كفى؟…. أطرح هذا السؤال الذى قد يؤرق الكثيرون ولا يسألونه: هل اتخذت القرار الصحيح بالزواج من هذا الشخص؟
وهذا السؤال قد يظهر بعد سنوات من الزواج، وخاصة عند مواجهة المشاكل. .. يبدأ الشخص فى التفكير فى المسارات الأخرى التى كان يمكن أن يسلكها، مما يجعله يندم على قراراته ويخلق فجوة فى علاقته…
و يكون السؤال الأخير هنا: هل يجب أن أترك عملى وأبدأ مشروعى الخاص؟ وهذا السؤال يطارد الأشخاص الذين يشعرون بالملل فى وظائفهم، لكنهم يخشون المجازفة..و التفكير المستمر فى هذا القرار يستهلك طاقة كبيرة، ويجعلهم غير قادرين على التركيز فى الحاضر، لا هم استمتعوا بعملهم الحالى ولا هم امتلكوا الشجاعة لاتخاذ الخطوة.
من أنا؟
و فى زمن العولمة ، وحرب طمس الهوية هى المقصود بلا شك ، « وتستمر الرحلة على سفينة الأسئلة الصعبة وفى عالم يموج بالضجيج والسرعة التى تجعل اخبار ابعد مسافة منك تأتيك فى أقل من «فيمتو ثانية» عن طريق الانترنت أو وكالات الانباء أو الفضائيات، حيث تتلاشى الحدود وتختلط الهويات، وهنا يبرز سؤالان قديمان قدم التاريخ، يثقلان كاهل الفكر الإنسانى ولكن بطرح جديد: ‹من أنا؟› و›من أنت؟›.
وتزداد حدة السؤالين فى زمن العولمة ، ومع ذلك، هذان ليسا مجرد سؤالين عابرين، بل هما بوابة إلى أعماق الذات والآخر، ومرآة تعكس أزمة الوجود المعاصرة. إنها رحلة فلسفية لا تنتهى، بحث دائم عن المعنى فى عالم يفتقر إليه.»
رحلة البحث عن المعنى»
«ويشكل السؤال الأول» من أنا؟» نقطة الانطلاق، إنه صرخة الفيلسوف الإغريقى القديم الذى حث على ‹اعرف نفسك›. ، و المعرفة هنا ليست مجرد معرفة اسم أو جنس أو مهنة أو جنسية. إنها بحث عن الجوهر، عن المكنون و الوعى الذى يجعلنى أنا، وعن تلك الشعلة التى تميزنى عن الآخرين.، وتتوالى الأسئلة: هل أنا مجرد مجموعة من الذكريات؟ أم أننى نتاج للظروف الاجتماعية والتربية؟ والتى لا تختلف حسب المكان فحسب ولكن يمتد نطاقها عبر الزمن ، حتى فى المكان الواحد ، فهل أنا الجسد الذى أراه فى المرآة، أم الروح التى تسكنه؟وتتفاقم الأسئلة فى زمن ‹السيلفي› ووسائل التواصل الاجتماعى، حيث يتم بناء الهوية والمكانة على عدد الإعجابات « اللايكات « والمتابعين، يصبح هذا السؤال أكثر إلحاحًا ، فالهوية لم تعد شيئًا داخليًا أصيلًا، بل أصبحت سلعة قابلة للتعديل والبيع، قناعًا يرتديه الإنسان ليناسب الصورة التى يريد أن يراها العالم.»
«ولإن العملة لها وجهين، لا يمكن ان يفهم وجه منها بمعزل عن الآخر ، يكون السؤال الثانى هو الوجه الثانى للعملة ..أقصد من أنت»؟!
فلا يمكن فهم الذات بمعزل عن الآخر ، فوجود الآخر هو الذى يحدد هويتى، ويعطينى مرآة أرى فيها نفسى.
وللحديث بقية..