قبل ساعات قليلة من انعقاد القمة العربية الإسلامية فى العاصمة القطرية «الدوحة» الإثنين الماضي.. حدث أن وزير الخارجية الأمريكى «ماركو روبيو» والذى كان فى زيارة إلى إسرائيل.. توجه برفقة رئيس وزراء «حكومة الاحتلال» بنيامين نتنياهو إلى «حائط البراق» بالمسجد الأقصى المبارك.. أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى حبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. ونقلت وسائل الإعلام العالمية «مراسم هذه الزيارة» وظهور وزير الخارجية الأمريكى وهو وسط عدد من «الحاخامات» والأشخاص أمام الحائط وهم يؤدون الطقوس «التلمودية»!!.. التوقيت.. و»الظرف».. الإقليمى والدولي.. وإشتعال الأحداث فى المنطقة.. بالإضافة إلى القمة العربية الإسلامية التى كانت ستبدأ «بعد ساعات».. كل هذا مجتمعا جعلنى «أقرأ» زيارة ماركو روبيو برفقة نتنياهو إلى حائط البراق.. بإعتبارها «رسالة موجهة»!!
وزير الخارجية الأمريكى عندما يستبق القمة العربية الإسلامية التى ستناقش بصفة أساسية العدوان الإسرائيلى على دولة قطر.. عندما يستبق الوزير الأمريكى القمة العربية الإسلامية بزيارة إسرائيل ثم يضمن زيارته «صلوات» تلمودية عند حائط البراق.. فكأنما يريد أن يؤكد الموقف والدعم الأمريكى لإسرائيل فى «هذه اللحظة».. دعما ليس حاليا فقط .. بل ومستقبليا.. دعما قد يصل إلى «تهويد فلسطين».. كل فلسطبن.. زيارة «روبيو» قرأتها من حيث أنها إحدى الرسائل الأمريكية التى سبقت القمة العربية الإسلامية.. رسالة استهدفت درة التاج ورمز القضية الفلسطينية «عربيا وإسلاميا».. المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى حبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة الأمريكية.. أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها علاقة استثنائية.. مثل ذلك أيضا كانت العلاقة ببن إسرائيل وبريطانيا.. قبل أن تظهر أمريكا بقوة على الساحة الدولية وترث «الإمبراطورية» التى قيل عنها أنها «لاتغيب عنها الشمس».. ومن عجائب هذه العلاقة التى ربطت إسرائيل سواء بالإمبراطورية البريطانية أو بالولايات المتحدة الأمريكية.. أنها علاقة ظلت قوية حتى مع قيام إسرائيل بإراقة الدم البريطانى ومن بعده الدم الأمريكى فى «جريمتين» تاريخيتين مازالتا محفورتين فى ذاكرة التاريخ.. يتم استدعاء الجريمتين كلما أتى ذكر «عصابات الإرهاب» وأيضا «دولة الإرهاب».
تسجل وثائق التاريخ تلك الجريمة الإرهابية الشهيرة والتى وقعت فى «مدبنة القدس» فى عام «1946» والتى قامت بها إحدى العصابات الصهيونية التى قدمت إلى فلسطين قبل «حرب 1948».. فى تلك الجريمة الإرهابية «وفقا لما روته وثائق التاريخ» نفذت «عصابة الأرجون».. وهى إحدى العصابات التى تأسس منها الجيش الإسرائيلى.. نفذت عصابة الأرجون الإرهابية هجوما على «فندق الملك داوود» والذى كان يضم المقر الإدارى الرئيسى لسلطات الإنتداب البريطانى على فلسطين.. أدى الهجوم إلى مقتل العشرات من البريطانيين.. وكان السبب فى ذلك أن العصابات الصهيونية كانت تريد «تسريع» عملية خروج القوات البريطانية من فلسطين وإعلان قيام «إسرائيل».. والثابت من الوثائق أنه رغم هذه الجريمة والتى كانت موجهة إلى بريطانيا وأسفرت عن سقوط العديد من القتلي.. فإن بريطانيا سرعان ما تسامحت مع هذه العصابات الإرهابية الصهيونية وتواطأت معها من أجل إغتصاب فلسطين!!
فى عام «1967» نفذ الجيش الإسرائيلى مايشبه المجزرة ضد العشرات من الجنود الأمريكيين فى الواقعة التاريخية الشهيرة التى جرت أحداثها فى مياه البحر المتوسط والتى هاجمت القوات الإسرائيلية خلالها سفينة التجسس الأمريكية «يو إس إس ليبرتي» حتى لاترصد هذه السفينة جرائم «تل أبيب» ضد مصر وسوريا خلال حرب «الخامس من يونيو 1967».. هاجمت إسرائيل السفينة الأمريكية وقتلت العشرات من الأمريكيين.. لكن أيضا «سرعان»ماعملت «واشنطن» على محو آثار الحادث من «الذاكرة الأمريكية».. وها هى إسرائيل تأخذ كل ماتريد من الولايات المتحدة وبدعم من الولايات المتحدة.. وكأن شيئا لم يكن!!
لاشك أن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.. من بين ما كشفته «هذا السقوط الأخلاقى والإنساني» الأمريكى الكبير .. سقوط لم يقف عند استخدام «الفيتو» لكى تستمر إسرائيل فى الذبح والتجويع لكل ما هو فلسطيني.. ولا عند الدعم والمساندة بمتفجرات «توازي» أربع قنابل نووية لكى يكمل «جيش الاحتلال» مخطط الإبادة.. لقد وصل السقوط الأخلاقى والإنسانى الأمريكى فى هذه المرة إلى «ميادين العلم وساحاته».. إلى مراكز الأبحاث وتكنولوجيا المعلومات.. صار الدم الفلسطينى مصدرا من مصادر «بيزنس» العديد من رجال الأعمال الأمريكيين!!.. أبدأ هنا من «التقرير» الذى تناقلته مؤخرا العديد من وسائل الإعلام العالمية و يقول إن السبب الرئيسى وراء فشل العدوان الإسرائيلى فى اغتيال كبار قادة حماس فى قطر هو ترك قادة الحركة للاجتماع وتوجههم لأداء صلاة الظهر.. فقد ذكرت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية أن قادة حماس غادروا قاعة المفاوضات لأداء صلاة الظهر.. وتركوا هواتفهم المحمولة فى قاعة المفاوضات «وهو ما ضلل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وجعلها تعتقد أن القادة ما زالوا موجودين فى موقع الهجوم».
هذه الواقعة تعيد تسليط الضوء على قضيتين بالغتى الأهمية .. «الأولى» تتمثل فى مدى اختراق أجهزة المخابرات الإسرائيلية لأجهزة ووسائل الاتصالات المختلفة سواء الهواتف المحمولة أو غيرها .. والقضية الثانية تتمثل فى تواطؤ شركات أمريكية كبرى مع جيش الاحتلال الإسرائيلى فى مذابحه ومجازرة الإجرامية فى غزة وكذلك المساعدة فى رصد وتتبع القيادات الفلسطينية وتحركاتهم ومكان اجتماعاتهم.. هناك إتهامات صريحة لعدد من الشركات الكبرى العاملة فى مجال الإتصالات والمواقع «والتواصل الاجتماعي» بوجود تعامل خفى بينها وبين الجيش الإسرائيلي.. من هذه الشركات جوجل.. إكس.. يوتيوب.. وغيرها.. فقد ذكرت «التقارير» التى تناولها الإعلام العالمى أن هذه الشركات عقدت إتفاقات مع الحكومة الإسرائيلية من أجل ترويج وجهة النطر الإسرائيلية التى تزعم عدم وجود مجاعة فى غزة مقابل حصول هذه الشركات الأمريكية على ملايين الدولارات!!.. كما أن هناك تقارير أخرى تقول أن هناك تعاوناً ببن الجيش الإسرائيلى وبين علماء من شركتى جوجل وأمازون ومايكروسوفت من أجل تطوير تقنيات الذكاء الإصطناعى فى حرب الإبادة على غزة.. وأن إستخدام جيش الاحتلال الإسرائيلى للذكاء الاصطناعى كان سببا رئيسيا فى زيادة أعداد «الشهداء والمصابين» فى غزة!!
فارق كبير بين «الاختراق» الذى يمكن أن تقوم به أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من أجل الوصول إلى «أهدافها».. وبين «الإتفاق أو التواطؤ» الذى تقوم به مع شركة من الشركات الكبرى من أجيل تسخير «علومها وأبحاثها وعلماءها» لخدمة إسرائيل.. وهنا الخطورة الكبري.. فهذه الشركات الأمريكية وماتقوم به من تسهيل عمليات القتل والتجويع والإبادة الكبرى للبشر والشجر والحجر فى غزة.. هذه الشركات وماتقوم به يمثل تطورا خطيرا فى التواطؤ والدعم الأمريكى للإجرام الإسرائيلى الذى أصبح يستهدف كل شيء!!.. كلنا يذكر عملية «البيجر» التى استهدفت بها إسرائيل قيادات حزب الله اللبناني.. وكذلك عمليات أخرى سبقت حرب إسرائيل على إيران.. كل ذلك وغيره بجعل من «التواطؤ التكنولوجي» واحدة من أهم القضايا التى يجب النظر إليها بحذر خاصة خلال حروب إسرائيل «المحتملة» فى المستقبل !!
العلاقة الجامعة ببن «أمريكا.. إسرائيل.. والعلم».. فى السعى نحو «دمار أكبر» بكل الطرق ضد كل من يقف ضد هذين الحليفين «الولايات المتحدة ودولة الاحتلال».. هذه العلاقة لها جذور تاريخية.. الدليل الأبرز والأشهر على ذلك يتمثل فى الدور الذى قام به أشهر علماء القرن العشرين «ألبرت آينشتاين».. اليهودى الديانة والمتعاطف والمدافع عن إسرائيل.. فى توظيف «العلم» من أجل امتلاك الولايات المتحدة لأخطر سلاح عرفته البشرية.. القنبلة النووية.. لقد كان لمثلث «أمريكا.. إسرائيل.. العلم».. الأثر الكبير فى ظهور هذا الشبح النووى على وجه الأرض.. ذلك الشبح الذى يهدد فى كل لحظة بإمكانية إبادة «الحياة» فوق الكوكب الأزرق!!
الواقعة كما روتها وثائق التاريخ تقول إنه فى «الثانى من أغسطس 1939» بعث ألبرت آينشتاين برسالة إلى الرئيس الأمريكى آنذاك فرانكلين روزفلت يخبره فيها بأن الأبحاث العلمية الحديثة توصلت إلى إحتمالية تحويل اليورانيوم إلى مصدر جديد ومهم للطاقة.. وأن هذه الطاقة يمكن استخدامها فى تصنيع قنابل قوية للغاية.. ووفقا للوثائق التى تم نشرها فإن آينشتاين أعرب فى رسالته للرئيس الأمريكى عن شكوكه فى أن تكون «ألمانيا» قد شرعت فى برنامج سرى من أجل تصنيع قنابل اليورانيوم.. وتشير هذه الوثائق إلى أن رسالة آينشتاين هذه كانت وراء قيام الولايات المتحدة ببناء «مشروع مانهاتن» الشهير والذى أسفر عن حيازة الولايات المتحدة الأمريكية لأول قنبلة نووية!!
رغم كل هذا الإجرام والطغيان والجبروت «الاسرئيلى الأمريكى» المشترك الا أننى أرى أن «دولة الاحتلال» تسير نحو نهايتها .. فكأننى أرى الآن «كتب التاريخ» فى المستقبل وهى بين أيادى «الأجيال القادمة» تتحدث عن «الحقبة الحالية» التى تعيشها منطقتنا العربية والإسلامية.. كأننى أرى كتب التاريخ هذه وهى تروى وتسرد وتشرح لأبناء أمتينا العربية والإسلامية.. أهم المراحل التى شهدها الصراع مع الإحتلال الإسرائيلي.. كأننى أرى كتب التاريخ وهى تقول: «إن القمة العربية الإسلامية التى عقدت فى العاصمة القطرية.. الدوحة.. فى الرابع والعشرين من ربيع الأول 1447 الموافق السادس عشر من سبتمبر 2025.. كانت هذه القمة هى البداية التى إنطلق منها تحرك عربى وإسلامى استطاع أن يحافظ على فلسطين ويضع حداً لعربدة وفجور إسرائيل!!
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فلسطين.. أرض الأقصى.. أرض المحشر.. أرض المسرى.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.