خطة تنمية السياحة البيئية فى محمية وادى الريان بمحافظة الفيوم التى تتميز بفرص واعدة لتنمية المجتمع المحلى بمركز يوسف الصديق ناقشها المحافظ الدكتور أحمد الأنصارى مع وفد الهيئة القومية للاستشعار عن بُعد وعلوم الفضاء لاستخدام تقنياتها ونظم المعلومات الجغرافية فى دراسة بحيرات وادى الريان ونوعية التربة بها واستخدامها وتحديد مواقع الاستثمار بمجال السياحة البيئية الذى يساهم فى توفير فرص عمل لما تتمتع به المنطقة من طبيعة تراثية وثقافية فريدة تجذب السياح لزيارتها ومشاهدتها.
قال الدكتور أحمد الأنصارى محافظ الفيوم، إنه ناقش مقترحات خطة تنمية السياحة بوادى الريان تأتى فى إطار حرص المحافظة على تعظيم الموارد واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق التنمية المستدامة.
أكد المحافظ على أهمية تحديد مساحات مناطق الخدمات والأنشطة للمشروعات السياحية والترفيهية والبيئية ـ المقترح طرحها للاستثمار ـ بخطة التنمية المستدامة بمنطقة بحيرات وادى الريان، والتى تتوافق مع البعدين البيئى والجيولوجى للمنطقة، والعمل خلال الفترة القادمة على خطط تفصيلية لكل نشاط من هذه الأنشطة، على أن تتوافق الرؤية العلمية والمنهجية مع مشروع «الملاذ الآمن للحياة البرية بمحمية «وادى الريان»، وكذا المشروعات المقترحة للاستغلال الأمثل للأراضى الواقعة جنوب بحيرة قارون، بهدف اكتمال المشهد وظهور هذه المشروعات بشكل لائق ومتوافق بيئياً، من خلال مخطط عمرانى متكامل بعيد عن العشوائية، فى إطار الحفاظ على المكتسبات الطبيعية التى يتمتع بها إقليم الفيوم.
وقدمت الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء عن منطقة وادى الريان، دراسة مقترح تنمية السياحة البيئية المستدامة بالمنطقة المستهدفة، على مساحة 1258 كم2، تضم مناطق البحيرتين العليا «الكبري» والسفلي»الصغري» والبحيرة المسحورة، باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية، واستخدام بيانات الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي.
أوضحت الدراسة ان مقترح الاستثمار بالمنطقة المستهدفة يضم بشكل مبدئى عدد 4 مواقع، تبعاً للميزات النسبية ومقومات كل موقع وهي، شمال غرب البحيرة العليا «الكبري»، وجنوب البحيرة المسحورة، وغرب البحيرة السفلى «الصغري»، ومنطقة جنوب البحيرات، حيث تشمل الأنشطة السياحية والترفيهية والبيئية المقترحة، مواقع لمطاعم عائمة على البحيرات، ومنطقة لرياضة التزحلق على الرمال، ومواقع لمشاهدة الطيور المهاجرة، وإنشاء قرية ريفية سياحية جنوب البحيرة المسحورة، وعمل كامبات ومخيمات لرحلات السفاري.
أضافت الدراسة أن المخطط المقترح لتنمية السياحة البيئية المستدامة بمنطقة بحيرات وادى الريان يشمل أيضاً، تجهيز مواقع للصيد الترفيهى للأسماك والطيور، ومواقع للاستشفاء، ومزارع للأسماك والبط، ومراكز خدمات الزوار، وزراعات النخيل المتفرقة على مساحة 75 فداناً شمال غرب البحيرة السفلى «الصغري»، وزراعة الشجيرات والنباتات العشبية كغطاء أرضي، على مساحة 30 فداناً جنوب البحيرة المسحورة، وحدائق شجرية، ومناطق لتعليم الأطفال الزراعة، وكافيتريات على المدرجات، وكافيهات ريفية، ومناطق للأفران وصناعة الفخار، ومناطق للرياضات المائية، ومواقع لشاشات العرض والفنون الشعبية.
وادى الحيتان
وادى الحيتان، يقع ضمن محمية وادى الريان، وهو موقع استثنائى يكتسب أهميته العالمية من كونه شاهدًا لا مثيل له على إحدى أهم قصص التطور فى تاريخ الحياة على كوكب الأرض، ومرحلة تحول الحيتان من ثدييات تعيش على اليابسة، إلى كائنات بحرية بالكامل ويمثل وادى الحيتان جزءًا لا يتجزأ من محمية وادى الريان، ذات القيمة العلمية الفريدة التى أدت إلى إدراجه على قائمة التراث العالمى لليونسكو فى عام 2005 ويُظهر الموقع تركيزًا غير مسبوق من الحفريات، حيث يوثق وجود أكثر من 400 هيكل عظمى لأسلاف الحيتان.
يقول الدكتور عمرو عبد الفتاح مساعد وزير البيئة « السابق» بالفيوم ان هذه الحفريات ليست مجرد بقايا بل هى سجل تفصيلى للحياة القديمة التى كانت تزخر بها المنطقة قبل حوالى 40 مليون سنة، عندما كانت جزءًا من بحر تيثيس القديم، وتوفر البقايا المتحجرة، خاصةً تلك التى تظهر الأطراف الخلفية الضامرة، أدلة قاطعة على المراحل الأخيرة من فقدان الحيتان لقدرتها على المشى على اليابسة، مما يجعلها المحمية الأهم عالميًا لدراسة هذه المرحلة الحاسمة من التطور، و يُسلط الضوء على القيمة الجيولوجية والبيئية لوادى الريان، والتحليل الدقيق للأهمية البالغة لوادى الحيتان، التى كشفت عن الكنوز الأحفورية.
أضاف إن وادى الحيتان من أهم المحميات الجاذبة للسياحة الداخلية والخارجية، واكتشف عام 1902 ويقع داخل محمية وادى الريان التى تغطى مساحة 1759 كيلومتراً بمحافظة الفيوم على بعد 150 كم من القاهرة، وعثر فيه على 10 هياكل كاملة لحيتان كانت تعيش فى تلك المنطقة قبل نحو 40 مليون سنة، وتم إعلان « وادى الحيتان « من قبل منظمة اليونسكو كأول موقع للتراث الطبيعى العالمى عام 2005 حيث يحوى ثروات طبيعية، لا توجد فى أى مكان بالعالم واختارته اليونسكو كأفضل مناطق التراث العالمى للهياكل العظمية للحيتان.
أشارعمرو إلى وجود تعاون وثيق بين محافظة الفيوم والوزارات المختلفة وعدد من الدول الصديقة والمنظمات العالمية المعنية بهذا التراث بما يعود بالنفع على خدمة المواطنين، وتحقيق التنمية على أرض المحافظة، وتم إنشاء طريق يربط مناطق التراث الإنسانى بشمال بحيرة قارون ومناطق وادى الريان ووادى الحيتان والمنطقة الأثرية بمدينة ماضى التى تعتبر واحدة من أحدث وأجمل المناطق الأثرية التى تعود إلى العصر الرومانى بمصر لتصبح هذه المناطق مرتبطة بشبكة طرق منها القاهرة / الإسكندرية، والقاهرة / أسيوط غرب النيل وذلك عبر الطريق الإقليمى الذى يجرى العمل فيه حاليا لربطه بطريق الفيوم / القاهرة، مضيفا انه تم اكتشاف حوت «الباسيلوسورس ايزيس» بالمنطقة الذى يبلغ طوله 18 مترا ويعد من أطول الحيتان فى العالم، وايضاً تم إنشاء متحف مفتوح بمنطقة وادى الحيتان على أحدث التصميمات الهندسية البيئية لتنشيط السياحة البيئية بالمنطقة.
قال أحمد عبد العال – مدير منطقة الفيوم الأثرية الأسبق والخبير الأثرى – إن هذا الجزء من محافظة الفيوم يضم عدة مناطق للتراث الطبيعى والإنسانى العالمى فى وادى الحيتان وشمال بحيرة قارون ووادى الريان ومنطقة جبل قطرانى وهى منطقة تراث طبيعى عالمي، وتتميز الفيوم عن غيرها من المحافظات بوجود محميتين طبيعيتين هما قارون والريان وأعلنت عام 1989 محمية وادى الريان التى تبلغ مساحتها 1759 كم مربع، وتضم بحيرات وشلالات وادى الريان وبها أعلى معدلات من مختلف أنواع الحياة النباتية والحيوانية والطيور والأسماك والزواحف، كما تتميز بوجود أول منطقة للتراث الطبيعى العالمى وفقا لتصنيف منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة وهى «محمية وادى الحيتان» إحدى أهم مناطق الحفريات فى العالم وهى عبارة عن متحف مفتوح يقع فى الطرف الشمالى الغربى لوادى الريان ويضم أكثر من 400 هيكل عظمى لحيوانات إحدى سلالات الديناصورات والذى يعتبر جد الحيتان المعروفة الآن، ويتميز هذا الوادى بوجود تلال رملية صغيرة ونتوءات صخرية متنوعة الأشكال ويرجع تاريخها إلى ملايين السنين، أما محمية قارون مساحتها 1555 كيلو متراً مربعاً وتضم بحيرة قارون والمناطق المحيطة بشواطئها، كما تضم جبل قطرانى الذى يحوى ثروات متعددة من حفريات العصور الحجرية كالغابة المتحجرة، ومواقع أثرية قديمة مثل كرانيس وكوم أوشيم وديمية السباع وقصر قارون.
متحف حفريات
أضاف سيد الشورة مدير عام المنطقة الأثرية السابق، أن محمية وادى الحيتان شهدت فى 14 يناير 2016 افتتاح أول متحف من نوعه فى الشرق الأوسط للحفريات وتغير المناخ، لإظهار النوعيات النادرة للتراث الطبيعى العالمى الذى تزخر به مصر، والتى تستهدف الاستفادة من عناصر الجذب السياحى المتعددة التى تتمتع بها مصر ومنها السياحة البيئية وسياحة مشاهدة الطيور وسياحة السفاري، مشيراً إلى أن المتحف هو الأول من نوعه من حيث مقتنياته النادرة فهو يحتوى على حفريات يرجع عمرها لملايين السنين، كما يمتاز بتصميمه المعمارى المتماشى مع طبيعة وادى الحيتان والذى قام به أول فريق علمى مصرى متخصص فى الحفريات من الخبراء الشباب بوزارة البيئة.
والمتحف يعرض حوت «الباسيلو سورس أيزيس» وهو أضخم حوت متحجر، كما يعرض مجموعة فريدة من حفريات الفقريات ذات القيمة العلمية، ويُظهر للمرة الأولى الأطراف الخلفية «الأرجل» لحوت « الباسيلو سورس أيزيس» والتى تعود أهميتها إلى إعطاء الدليل القاطع على تطور الحيتان وانتقالها من كائنات أرضية تعيش على اليابسة إلى كائنات بحرية تعيش فى مياه البحار والمحيطات، كما تمثل تلك الأطراف أيقونة وادى الحيتان وهى السبب الرئيسى لإعلان الموقع كأحد مواقع التراث العالمى لاحتوائه على همزة الوصل بين الحيتان البدائية والحالية.
أوضح الشورة إن مصر تمثل كنزا مهما للتراث الطبيعى والعالمى بما لديها من شواهد وحفريات تؤرخ للتراث الإنسانى وأكد أن التنمية الحقيقية تتمثل فى الحفاظ على مثل هذه الآثار واستثمارها وأن إيطاليا سبق واعتمدت 11 مليون دولار عام 2016 لإنشاء هذا المتحف من منطلق حرصها على دعم العلاقات الثقافية ومختلف مجالات التعاون مع مصر، وأن المتحف يمثل نموذجا للتعاون الحقيقى بين أجهزة الدولة بالمحافظة وزارة البيئة والبرنامج البيئى للتعاون المصرى الإيطالى «مشروع دعم المحميات الطبيعية بمصر» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى ومنظمات المجتمع المدني، التى تتمتع بالعديد من المقومات السياحية والأثرية وكنوز الحفريات الفقارية الفريدة من نوعها التى تجذب العلماء والمهتمين بعلم الحفريات للتعمق فى أسرار الماضي.