لم يعد خافيًا على أحد أن إسرائيل دولة مارقة وأن أحلامها التوسعية لا حدود لها وأنها تجيد فن المراوغة والمداهنة. لقد أهدروا كل المعاهدات والمواثيق الدولية. إسرائيل تريد تطبيعًا مع جميع الدول العربية دون ثمن ودون تضحية، بل إنها تريد التضحية والتنازلات من العرب أنفسهم، وهذه طامة كبري. والمؤسف أن هناك من هرولوا لنيل رضاها، مع أنها ما زالت تحتل جنوب لبنان وتَنتهك سماء سوريا وتضربها جهارًا نهارًا، وهى نفسها التى هدمت الأخضر واليابس فى قطاع غزة، وتضرب وتعتقل جموع الفلسطينيين فى الضفة الغربية. وأخيرًا، كانت جريمتها وبلطجتها عندما انتهكت سماء قطر مستهدفة فريق حماس المفاوض. قمة الاستخفاف والعربدة حتى مع دولة قطر التى فتحت أبوابها للتفاوض ووضع حد للإبادة الجماعية التى تقوم بها إسرائيل فى قطاع غزة للعام الثالث على التوالي. وكانت نتيجته ما يقرب من 100 ألف بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ. والسؤال الذى يطرح نفسه: هل ما زلنا نعتقد أن الكيان المغتصب يمكن أن يتعايش فى منطقتنا وهو يرسخ للتوسع والإبادة الجماعية وانتهاك سيادات الدول المصونة طبقًا لبديهيات الأعراف والقوانين الدولية؟ ويبقى الحل فى يقظة القرار العربي، وتوحدنا يمكن أن يوقف هذا الجنون الذى أصاب حكومة التطرف للمحتل الغاصب. يقظة جديدة وإستراتيجية عاجلة تعيد التفكير فى قوة عربية مشتركة تذود عن دول المنطقة وتوقف هذا التغول غير المعقول. والحمد لله أن مصر صاحبة التاريخ الممتد فى المواجهة وتقديم التضحيات، هى القوية والمتماسكة، وقد استشعرت القيادة المصرية ذلك وكانت سباقة من خلال رسم خريطة حديثة ومتطورة فى تشييد البنية العسكرية وتقويتها والارتقاء بها، وهو ما تدركه إسرائيل ومن يقف فى خندقها. القوة وحدها هى وسيلة الردع وما عداها وهم وخروج على المعقول والمألوف. التكاتف والتآزر هو الحل وهجر الفرقة وسد الخلل هو الطريق الأمثل حتى يعود للعرب صولجانهم ومكانتهم. مرة أخري، من لا يملك سلاحه وقراره لا مكان له على الأرض، هذا ما نراه ونعتقده ونؤمن به. ونعرف أكثر أن إسرائيل تريد الهيمنة على المنطقة وهذا لن يحدث. أما عن مصر فلا تقلقوا. شعب يقف خلف قيادته لا تخف عليه، فهو قادر على كبح جماح كل المتغطرسين والجبابرة على مر الزمان والمكان. كم من المؤامرات تكسرت على أعتاب مصر. فقط علينا باستنهاض الهمم وشحذ الإرادة، عندها سيعرف هؤلاء أننا قادرون مهما كان الثمن ومهما قدمنا من تضحيات. موقف عربى موحد بات من الفرائض وتنسيق تام بين الدول العربية والإسلامية. وقد أدرك العربى قديمًا قيمة الوحدة والابتعاد عن الفرقة والتشرذم عندما صاغ أبياتًا للتعبير عن أهميتها وضرورتها: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرًا وإذا انفردن تكسرت آحاداً. هذه حقيقة ليس أقل من الوعى والاصطفاف، وهذا ليس بعسير إذا خلصت النوايا. الأمة عندما تتوحد تصنع لنفسها سياجًا وحصنًا حصينًا. حفظ الله مصر أرضًا وشعبًا وجيشًا ورئيسًا.