القمة العربية الإسلامية الطارئة التي استضافتها الدوحة لم تكن مجرد اجتماع تشاوري، بل جاءت كصرخة غضب من قبل الأمة في لحظة فارقة، فقد اجتمع القادة العرب والمسلمون تحت وقع عدوان إسرائيلي جبان استهدف سيادة قطر الشقيقة، في وقت كانت تبذل جهود وساطة لوقف شلال الدم في غزة، وفي هذه اللحظة التاريخية، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى كلمته القوية التي هزت القاعة وأعادت تعريف الموقف العربي من جديد.
الرئيس السيسى لم يجامل ولم يساوم، بل سمي الأمور بأسمائها ووصف إسرائيل بـ»العدو» هذه الكلمة وحدها كفيلة بأن تعيد ضبط البوصلة العربية، وتؤكد أن ما نواجهه ليس مجرد أزمة عابرة بل معركة وجود وهوية، لقد قالها السيسى بوضوح: هذا كيان معتد تجاوز كل الخطوط الحمراء، انتهك سيادة دولة عربية، وأهان كل الأعراف الدولية، ولم يترك لنا خياراً سوي المواجهة.
كلمة الرئيس لم تكن خطاباً بروتوكولياً، بل إعلان موقف حاسم، فقد حذر من أن العرب لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام سلوك إسرائيلي منفلت يهدد بحرق المنطقة بالكامل، مؤكداً أن الرد لن يكون بيانات شجب فقط، بل سيكون عملاً جماعياً يردع المعتدي ويعيد الاعتبار للكرامة العربية.
الرئيس السيسى دعا إلي إنشاء آلية عربية إسلامية حقيقية للتنسيق والتصدي لأي عدوان مستقبلي، وكأنه يقرع جرس الإنذار ويقول للقادة: كفي تفرقة وكفي صمتاً، نحن بحاجة إلي قوة مشتركة تحمي سماءنا وأرضنا وتضع حداً لهيمنة أي طرف يحاول العبث بأمننا القومي.
الرسالة التي حملتها الكلمة كانت واضحة للعالم كله: العرب لن يسمحوا بفرض أمر واقع بالقوة، ولن يقبلوا باستباحة سيادتهم أو إذلال شعوبهم ومن قلب الدوحة، أعاد السيسي التأكيد علي أن مصر والعرب جميعاً يقفون خلف فلسطين حتي استعادة حقوقها كاملة، وعلي رأسها إقامة الدولة المستقلة علي حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وجه الرئيس حديثه إلي المجتمع الدولي محذرا من أن استمرار سياسة الإفلات من العقاب تجاه إسرائيل سيدفع المنطقة إلي انفجار شامل، وارسل رسالة مباشرة إلي الإسرائيليين أنفسهم: سياساتكم تقودكم إلي الهاوية، وتهدد ما تبقي من اتفاقات السلام، وعليكم أن تدركوا أن الأمن لا يبني علي أشلاء الأبرياء ولا علي أنقاض القانون الدولي.
إن كلمة الرئيس السيسى في قمة الدوحة تمثل نقطة تحول كبري في الخطاب العربي لقد أعادت للعرب شعور القوة والكرامة، وأعلنت أن زمن الصمت قد انتهي، وأن زمن ردع «العدو» قد بدأ.. الكرة الآن في ملعب القادة العرب لترجمة هذه الرسائل إلي قرارات جريئة وعملية، تبعث للعالم برسالة حاسمة: هذه أمة لا تهان ولا تستباح، وإذا اعتدي علي دولة منها، فإن الرد سيكون من المحيط إلي الخليج.