عبرت كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام القمة العربية– الإسلامية الطارئة فى الدوحة عن ثوابت مصر الوطنية والقومية ومواقفها الراسخة التى لا تتغير، منهجها الداعى دائماً إلى السلام العادل والشامل فى الشرق الأوسط، والرفض القاطع لتهجير الشعب الفلسطينى من دياره، والتنديد بأى انتهاكات لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الإنسانية، وأى تعد سافر وغاشم على دولة ذات سيادة، خاصة أنها تقوم بدور وساطة سلمية مع الشقيقة الكبرى مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
القوى السياسية والدبلوماسيون والأكاديميون ورجال الفكر والإعلام العربى والخبراء والمراقبون أجمعوا على أن كلمة السيد الرئيس أمام القمة كانت رسائل واضحة للعالم.. ولقطر.. ولزعماء القمة وللإسرائيليين.. محذرًا سلطات الاحتلال من التمادى فى تجاوز الخطوط الحمراء وجر المنطقة إلى الحروب المشتعلة التى لا تؤدى إلا للخراب والدمار.
حديث السيد الرئيس للقمة كان بمثابة «بوصلة» لتوجه العالم العربى والإسلامى نحو الوحدة والاصطفاف والتمسك بمسار السلام، وحمايته بالقوة وحل الدولتين بحدود4 يونيو67.
عبارات واثقة.. تضع الجميع أمام مسئولياته
الدبلوماسيون: التأكيد على السياسة المصرية الثابتة والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى
أكد السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اجتماع القمة العربية الإسلامية الطارئة التى عقدت فى الدوحة اتسمت بالقوة وأنها ترتفع بطموحات المصريين والعرب والمسلمين، فالكلمة تخاطب الحاضر والمستقبل من منطلق القوة والثقة فى النفس ووضعت الجميع أمام مسئولياته فإذا كان العالم العربى والإسلامى يريد أن يحمى أمنه واستقلاله وسيادته فيجب أن يكون هناك تعاون حقيقى فى المسائل الدفاعية والأمنية.
وأشار إلى أن الرئيس السيسى أكد مجدداً على ثوابت الموقف المصرى بالنسبه للقضية الفلسطينية وهى ثوابت وطنية وقومية مفادها أن السلام الدائم والشامل فى الشرق الأوسط يتحقق بإقامة وتدشين دولة فلسطينية مستقلة.
وقال إن الرئيس أعرب أيضاً عن رفض مصر للتهجير القسرى للشعب الفلسطيني، مؤكداً أن مصر تقف وقفة رجل واحد وراء الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
ومن جانبه قال السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن من أهم رسائل الرئيس التى جاءت فى خطابه هى عندما أشار إلى أن ما تقوم به إسرائيل يهدد اتفاقيات السلام فهى رسالة إلى إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بأن إسرائيل إذا استمرت فى كونها دولة مارقة لا تحترم القانون الدولى أو سيادة الدول ولا تريد عملية السلام فهذا سيكون مدعاة إلى أن تشتعل المنطقة بأكملها بالحروب بما فيها إسرائيل.
أوضح أن خطاب الرئيس السيسى تضمن عدة نقاط منها أولاً التنديد بما حدث فى قطر من اغتيال القيادات ووقف المفاوضات لأن إسرائيل تريد وقف المفاوضات ولا تريد تحقيق السلام لأنها حالياً بدأت مرحلة جديدة وهى إنشاء «إسرائيل الكبري» وذلك من منطلق الأراضى التى تسيطر عليها فهى لا تتحدث من أوهام أو فراغ.
أضاف أن الفقرة الثانية فى خطاب الرئيس السيسى وجهها نحو الشعب الإسرائيلى وقال إن ما تقوم به إسرائيل يهدد عملية السلام سواء السلام القائم أو المتوقع وأن إسرائيل لن تعيش فى سلام وأمان إلا إذا أوقفت هذا العدوان ودشنت خطوات تجاه إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة.
وناشد السفير حسن المجتمع الدولى بإيقاف إسرائيل عند حدها لأنها لا تحترم القانون الدولى وطالبه بضرورة وقف القتال ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني.
ومن جهته قال السفير محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن كلمة الرئيس السيسى تؤكد على الرؤية المعمقة للمشهد الحالى والتى نبه الرئيس لمخاطرها ومحاولة إسرائيل استدراج المنطقة لمواجهات لا تنتهى والانقضاض على الحق الفلسطينى من خلال استمرار التخطيط والتنفيذ لعمليات التهجير القسري، مشيراً إلى نقطتين هامتين فى الخطاب أكدتا على ضرورة أن ينشئ الإقليم منظومة للأمن والتعاون الإقليمى من أجل مستقبل آمن لدولها وشعوبها فتتحقق من خلال هذه المنظومة التنسيق السياسى والتعاون الأمنى والعسكرى للجميع والعمل من أجل استثمارات وتجارة مع دول الشرق الأوسط تنهض بجيرانها لمستقبل واعد لدولنا تنظم فيه أمورها من أجل منظومة للأمن والتعاون الإقليمى قائمة على مبادئ للتعايش والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية.
كما وجه الرئيس جزءاً من خطابه للشعب الإسرائيلى لتعريفه بمخاطر سياسات اليمين المتطرف والتأكيد على أن الدعوة للسلام وحدها كفيلة بحياة آمنة لإسرائيل وشعبها وأن المقترح الذى تقدمت به مصر والسعودية خلال الاجتماع الأخير للجامعة العربية على المستوى الوزارى والذى صدر بشأنه إعلان للدعوة للتكامل والتعاون الإقليمى وإنشاء منظومة للأمن الإستراتيجى تجمع دول الشرق الأوسط من أجل مصالح سياسية وعسكرية وتجارية وأمنية تكفل أمان هذه المنطقة من أجل صالح شعوبها وليس لصالح إسرائيل فقط كما عودتنا المقترحات والمخططات التى كانت تستهدف تحقيق أمن إسرائيل فقط ولذلك من الضرورى بعد انعقاد هذه القمة أن تدعو مصر مجموعة الدول العربية الراغبة ودول الشرق الأوسط مثل إيران وتركيا لإنشاء وضع مؤسسى لمنظومة أمنية.
وأضاف أنه علينا أن نتذكر أن منطقة الشرق الأوسط هى وحدها دونا عن باقى العالم التى لم ينشأ فيها منظومة للأمن والتعاون الإقليمي، فمنظومة التعاون الأمنى الأوروبى والتى عززتها أوروبا بإعلان مبادئ هلسنكى عام 1975 هى التى أسهمت فى بنائها الاقتصادى والتنموى ولذلك فالدعوة التى ستوجهها مصر ستكون مفتاحاً للاستقرار الامنى الإقليمي. ومن الممكن خلال مؤتمر نيويورك والذى سيعقد للاعتراف بالدولة الفلسطينية أن تجتمع هذه الدول وتصدر إعلان مبادئ مشابه لإعلان هلسنكى يحفظ الحدود والسيادة الوطنية ويتيح لشعوبنا التعايش السلمى والتكامل الاقتصادى وحماية الشعب الفلسطينى من المخططات التى تحاك ضده للتهجير القسرى والذى وقفت مصر ضده وننطلق إلى إعادة الإعمار والدعوة له من أجل تثبيت الفلسطينيين على أرضهم مع الضغط على محكمة العدل الدولية لاستئناف مداولاتها لمخاطر الحدث والمحكمة الجنائية الدولية لتتبع مجرمى الحرب السابقين الإسرائيليين.
السفير أشرف عقل مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر لدى فلسطين سابقاً، قال إن كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية الإسلامية الطارئة قوية جداً تعكس دور مصر واضطلاعها بمسئولياتها بالمنطقة، مشيراً إلى أن الرئيس السيسى قائد وطنى يعرف قيمة بلده ويعرف حدود استخدام القوة والحرب جيداً.
أضاف السفير عقل أن ما قامت به إسرائيل وما تقوم به يخرج عن إطار المعقول، مشدداً على أن إسرائيل وصلت لمرحلة يمكن تسميتها فى المسرح باللا معقول، وبالتالى مصر تجد لزاماً لمسئولياتها أن تقوم بدورها تجاه أشقائها، وحديث الرئيس عن آلية عربية إسلامية هو أمر جيد للغاية حيث آن الأوان التفكير بجدية لإنشائها لأن ذلك هو من سيلجم إسرائيل عما تقوم به وتمارسه من اللا معقول فى ظل الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو.
وقال إن الرئيس السيسى وجه رسائل للشعوب العربية والإسلامية وللقادة وأيضاً للحكومة الإسرائيلية ورسالة للشعب الإسرائيلى الذى لا يوافق على سياسة نتنياهو.
وصف السفير عقل كلمة الرئيس السيسى بالمهمة جداً والشاملة الجامعة، مشدداً على أنها المرة الأولى التى يتحدث فيها الرئيس ويصف فيها إسرائيل بالعدو رغم أن هناك اتفاقيات سلام بيننا وبينهم، وهذا دليل أن الكيل قد طفح، وأن ما تقوم به إسرائيل من عربدة فى المنطقة وخاصة فى غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا واليمن وأخيراً الاعتداء على قطر والتى تجاوزت بها إسرائيل ونتنياهو كل الحدود والخطوط.
قال السفير أيمن مشرفة مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن المشاركة المصرية الرفيعة المستوى فى القمة العربية الإسلامية الطارئة التى انعقدت فى الدوحة تؤكد اهتمام السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى وتضامنه مع قطر حكومة وشعباً فى مواجهة العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطر الذى يعد استمراراً للنهج الإسرائيلى فى انتهاك القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، مؤكداً أن إسرائيل تعدت كافة الخطوط الحمراء فى انتهاكها سيادة قطر، وأن مصر تقف بجانب قطر فى مواجهة هذا العدوان السافر مطالباً العالم بالتنديد بالمسلك الإسرائيلي.
أكد السفير مشرفة أن السيد الرئيس أشار فى كلمته إلى السلوك الإسرائيلى المنفلت الذى من شأنه أن يزيد من عدم الاستقرار ويجر المنطقة بأسرها إلى مزيد من العنف وإراقة الدماء وتعدم أى فرصة محتملة للسلام كما يمكن أن يقوض من اتفاقيات السلام القائمة.
وأشار إلى أن السيد الرئيس السيسى شدد على السياسة المصرية الثابتة فى ضرورة وقف إطلاق النار الفورى فى غزة وفتح قنوات الإغاثة الإنسانية لإنقاذ الشعب الفلسطينى فى القطاع من سياسة التجويع التى تمارسها إسرائيل، كما أعاد التأكيد على رفض مصر سياسة التطهير العرقى والتهجير القسرى وسياسة الاستيطان الذى تمارسه حكومة اليمين المتطرفة.









