«من أمن العقوبة أساء الأدب»، هذا المثل ينطبق تمامًا على الكيان الصهيونى عامة والنتن ياهو خاصة، الذى يعيث فى الأرض فسادًا، وهذا ليس جديدًا على جيش الاعتداء العبرى، ولا الآن فقط، إنما منذ أن تم زرع هذا السرطان فى جسد الأمة العربية عمدا مع سبق الإصرار والترصد، ومساندته ودعمه بكل السبل وموافقته على كل ما يرتكبه من جرائم وموبقات وعربدة ويحاط بكل سياج وحماية من العقاب، حتى لو كانت الإدانة بالكلمات المجردة، ثم يجد سدا منيعا آخر فى مجلس الأمن يحول دون اتخاذ أى قرار أممى يُحّمل الكيان المجرم المسئولية عما تقترفه آلته العسكرية الغاشمة على مدى ما يزيد على 77 عامًا.
ارتكب الصهاينة مئات وربما آلاف المجازر ضد الكثير من الشعوب العربية، بداية من العصابات اليهودية التى اجتاحت الأراضى الفلسطينية تحت مظلة وغطاء الغرب، تنفيذا لوعد بلفور المشئوم الذى أرادوا به التخلص من المشاكل والأزمات التى يصنعها اليهود فى أوروبا، وليبعدوهم بعيدا، فجعلوهم شوكة فى ظهر العرب، وتوالت جرائمهم على مدى عقود، بين مجازر وحروب، واغتيالات وملاحقات بشتى الوسائل القذرة، بما لا يمكن أن يتم حصره، وتجد الدولة العبرية من يمنع عنها العقاب ومن يدافع عن عربدتها وإرهابها المتكرر، وعاثت فسادا من إيران إلى تونس وفى العراق وسوريا ولبنان، وأخيرا الأسبوع الماضى مدت يدها إلى قطر لاغتيال قادة حماس المجتمعين لمناقشة المقترح الأمريكى لوقف الحرب على غزة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن سفاح العصر نتنياهو، يواصل التهديد بملاحقة قادة حماس أينما وجدوا، ويدعى أن القضاء عليهم سيزيل العقبة الرئيسية أمام إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب، ويواصل أكاذيبه بأنهم عرقلوا محاولات وقف إطلاق النار لإطالة أمد الحرب.، ويرد عليه بنو جلدته من عائلات الرهائن، وأكدوا أن نتنياهو هو «العقبة» أمام إنهاء الحرب وإطلاق سراح المحتجزين، ففى كل مرة يقترب فيها التوصل إلى صفقة، يقوم نتانياهو بتخريبها، وأن اتهامه لقادة حماس بتحمل مسئولية إطالة الحرب مجرد «عذر جديد» لتبرير فشله فى إعادة الرهائن، وليظل متشبثا بالسلطة.
وجاءت تصريحات السفير الإسرائيلى لدى واشنطن، لتكشف بوضوح عن جهودهم موحَّدة مع إدارة ترامب، وقد تعاونا فى الماضى، وسوف نتعاون فى المستقبل، بما يفضح المغالطات الأمريكية بأن الهجوم على الدوحة تم دون تشاور، مما لا يجعل أحدا يصدق ما قاله الرئيس الأمريكى، بأنه «مستاء» للغاية من الأمر برمته وأن الضربة كانت «عملاً فردياً».
إن عملية الدوحة لم تكن مجرد محاولة اغتيال لأشخاص مثل سابقاتها مما نفذته العصابات العبرية، إنما هى تطاول وتخط وتجاوز لكل الخطوط الحمراء، وكما صرح مسئولون خليجيون بأنها لا تجعل أى دولة خليجية فى مأمن، وتنذر بتعريض المنطقة كلها للاشتعال، وأقول إن هذا ما تريده اسرائيل وتسعى إلى توسيع دائرة الصراع فى الشرق الأوسط.
أنا كمصرى عربى لا أثق قيد أنملة فى أى إدارة أمريكية، بسبب مواقفهم تجاه بلادنا ودعمهم الأعمى للدولة العبرية بالباطل وتضييع الحقوق العربية ومحاولات تخريب المنطقة، ويعتبرون أن من ليس معهم فهو ضدهم، وهم يعلمون أنهم قد رسخوا كراهيتهم فى نفوس العرب والمسلمين والكثير من شعوب العالم، وقد اعترف الكثبر من كبار مسئوليهم السابقين صراحة بأن دعمهم لما سمى بـ»الربيع العربى» كان خطأ فادحا كلفهم مليارات الدولارات لتدريب الشباب على الفوضى وهدم الدول، وأن تقديراتهم أخطأت فى حساب قوة الجيش المصرى وصلابة الشعب الذى وقف بجانبه، وكانوا أقوى من كل المخططات.
مع كل ما يحدث تأتى الرياح بما لا يشتهى النتن ياهو، فقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة «إعلان نيويورك»، بضرورة التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة، وخطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين، ويندد بالهجمات على المدنيين فى غزة والبنية التحتية والحصار والتجويع.
أمام إرهاب الدولة الذى يرتكبه الكيان الصهيونى، لا بديل عن المعاقبة عن العربدة وإساءة الأدب.